لقد تورّط الإسرائيلي في معركة كان يعتقد انها ستكون مؤقتة، ومحدودة ومؤثرة تخدم مصلحته وقد تمكّن ناتنياهو من استثمارها سياسيا لإنقاذ نفسه من سقوط محتم. لكن يبدو ان الاحداث والمتغيرات لا تتطابق مع التمنيات الإسرائيلية، فنحن اليوم امام مشهدية مختلفة، خيوطها مختلفة ترسم معادلة جديدة أثبتت فيها المقاومة الفلسطينية درجة عالية من التمكّن والسيطرة والمبادرة والدقة في الضربات والمناورات والقدرة على التحمل واحتواء الخسائر وتحويلها الى إنجازات موجعة للعدو على الأرض. باعتراف خبراء العدو الصهيوني، نجحت المقاومة الفلسطينية في انشاء تنسيق منطقي ومستمر بين مختلف الساحات الفلسطينية ليكون الصوت واحدا في مواجهة عدو واحد، واستطاعت بذلك وفي سياق هذا التحرك، تحقيق أهدافها الاستراتيجية، فقد وحّدت الجبهة الفلسطينية وغيرت معادلة الردع مع العدو.
يعترف الإسرائيلي اليوم بأنّ الوعي العام العالمي ضده، فالمظاهرات والتحركات التضامنية مع غزة والمنددة بالة الحرب الإسرائيلية وعلى الرغم من الدعاية الإعلامية الكاذبة التي يحاول الإسرائيلي التسويق لها لكسب الدعم الغربي والدولي باءت بالفشل. وعليه، يطالب الخبراء الصهاينة بتأسيس قبة حديدية للدبلوماسية العامة، للرد والدفاع عن " إسرائيل" في مسرح الوعي العام العالمي. تشكّل الاحداث الراهنة بنسبة كبيرة تنبؤات سبق وان نشرها جنرال الاحتياط في الجيش الإسرائيلي والذي انتقد قيادة الجيش في السنوات الأخيرة واعتبر ان الحرب القادمة ستخاض في الجبهة الداخلية، وأن إسرائيل ليس لديها قدرة الرد على الهجمات بآلاف الصواريخ، وأنّ القوات البرية غير قادرة على القتال. واشار إلى الحرب المستقبلية مع حزب الله، الذي تُعَد قوة نيرانه أقوى كثيراً من قوة حماس، لكن المواجهة الحالية يجب أن تبدو كأنها تمرين رطب قبل الاختبار الحقيقي، والنتيجة ليست جيدة. فالإسرائيلي اليوم في ورطة ويبدو أنّ خسائره التي بدأت تطفو على السطح ستحمّل حكومته وعلى رأسها ناتنياهو وقادته العسكريين والامنيين تبعات هذا الفشل الذي سيدفع الإسرائيليون ثمنه غاليا.