مجددا تجد إسرائيل نفسها على عتبة مواجهة عسكرية واسعة في قطاع غزة بعد أكثر من سنة من الهدوء النسبي. تؤكد المواجهة على أهمية القدس التي لا تزال في قلب الصراع بين الفلسطينيين المرابطين والمتمسكين بالقدس وبهويتها العربية والإسلامية وبين الإسرائيلي الذي يعمل على الاستيلاء منازل العائلات الفلسطينية في القدس وطرح سكانها منها. يتعلل الإسرائيلي في هذا المضمار بمكانة القدس الخاصة لدى اليهود الإسرائيليين ويشير الى أحقيتهم فيها. اكتشفت إسرائيل في اليومين الأخيرين نيران ردع كثيفة لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، وفي هذا إشارة الى حدة المواجهة وصعوبتها وعدم توفر الإمكانيات لتوقع نتائج سريعة او إنجازات تخدم الاجندة الإسرائيلية، التي يبدو انها لا تمتلك استراتيجية منتظمة في كل ما يرتبط بغزة.
تبدو إسرائيل الى هذه اللحظة متمسكة بخيار الردّ العسكري بضربات مضادة شديدة، مع توقعات غير محسومة وغير مثبتة في الوقت الحاضر بانه قد تسعى حماس الى المطالبة بإنهاء المواجهة قبل عيد الفطر، والتي يبدو عمليا ان لا أساس لها من الصحة، حيث تشير التقارير الى جهوزية فصائل المقاومة للمواجهة واصرارها على كسر هيبة الجيش الإسرائيلي واسقاط منظومته العدوانية، إضافة الى ترسيخ فكرة الردع الصاروخي التي اصحبت جزءا لا يتجزأ من المكون الاستراتيجي في المواجهة.
الى حد الان يبدو المشهد كالتالي، ضربات عدوانية إسرائيلية عشوائية تستهدف المدنيين والاحياء السكنية في غزة في محاولة لإرباك الفصائل وهي مرتبطة بقرار استخدام القوة الذي يديره جهاز الأمن الإسرائيلي اي رئيس الاركان افيف كوخافي، رئيس الموساد يوسي كوهين والمفتش العام للشرطة، وناتنياهو المستفيد من التصعيد لأجل مصلحته الشخصية ولأجل البقاء في السلطة، بالمقابل ضربات صاروخية لفصائل المقاومة، دقيقة ومؤثرة، أحدثت حالة من الرعب والارباك والاستنفار الفوضوي في داخل الكيان في أكثر الأماكن حساسية وحيوية، وهي مستمرة الى حد الان وهدفها افشال منظومة القتال المتعدد الجبهات التي يحاول الكيان ترسيخها.