»

مترجم: مقاربة للعلاقة بين تركيا والإخوان المسلمين: لمحة عن ماضي ومستقبل العلاقات بين حزب العدالة والتنمية وحرکة الإخوان المسلمين

24 شباط 2021
مترجم: مقاربة للعلاقة بين تركيا والإخوان المسلمين: لمحة عن ماضي ومستقبل العلاقات بين حزب العدالة والتنمية وحرکة الإخوان المسلمين
مترجم: مقاربة للعلاقة بين تركيا والإخوان المسلمين: لمحة عن ماضي ومستقبل العلاقات بين حزب العدالة والتنمية وحرکة الإخوان المسلمين

ترجمة مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

مسعود صدر محمدی/مرکز مرصاد للدراسات

7-12-2020

يطرح هذا المقال مراجعة تاريخية للعلاقة بين حزب العدالة والتنمية التركي وحرکة الإخوان المسلمين ويقدم رؤية مستقبلية لهذه العلاقة وسط توقعات طرحها الكاتب تتعلق بإمكانية الانفصال التركي عن الحركة والمشاكل والأزمات التي قد تتعرض لها تركيا إذا ما أدرجت حركة الاخوان المسلمين على قائمة الإرهاب. يشير الكاتب إلى تاريخ العلاقات بين الجناح الديني التركي والإخوان المسلمين، ستتم في هذا المقال مقاربة المراحل المختلفة للعلاقة بين تركيا والإخوان. ثم سيتم السعي للتنبؤ بمستقبل هذه العلاقة بناءً على الأدلة المتاحة. تعتبر حرکة الإخوان المسلمين من أكبر التيارات في العالم الإسلامي، التي یدعمها حزب العدالة والتنمية التركي. يمكن تصنيف العلاقة في إطار الانفتاح والاعتماد المتبادل.

في فترة الانفتاح، ونظرًا لتواجد إمكانات الخطاب الإسلامي التركي، نشأت المودة والتعاطف بين حزب العدالة والتنمية وحرکة الإخوان، ومع مرور الزمن، بدأت فترة الاعتماد المتبادل. خلال هذه الفترة، دعمت تركيا الإخوان ومنحت المهاجرين من الجماعة حق المواطنة. مقابل ذلک، خضع الإخوان للسياسات التركية وكذراع تركي يعمل بالوكالة في المنطقة. تعرف حرکة الإخوان المسلمین بأنها من أحد الأقطاب الفكرية والتنظيمية الرئيسية في العالم الإسلامي. وبالنظر إلی القدرة الملحوظة للحرکة علی حشد القوی الفكرية والأنشطة لمختلف الجماعات الإسلامية في إطار الأسس الفكرية التابعة لها، إاستطاعت الحرکة أن تصبح واحدة من أكبر الحركات الفكرية حیث ااستطاعت بإمكانها أن تصبح منظمة عابرة للحدود ذات الامتداد العالمي.

علی الرغم من أن الحركة مضت معظم نشاطها كجزء من الحركة العربية واختارت العمل والنشاط في أوروبا كساحة لتركيز واندماج المهاجرين العرب إلا أنها في العقد الماضي، نظرًا للتواجد القوي لحزب العدالة والتنمية في تركيا، أقامت أيضًا علاقات مباشرة وبناءة مع تركيا.

كما أن النظر في إمكانات الخطاب الإسلامي والتأكيد على هذا الموقف التاريخي لتركيا في المجال الإسلامي مهم جدًا من منظور السياسة الداخلية والخارجية للبلاد، وقد استطاع الحزب الحاكم استخدام هذا الاتجاه بما يتماشى مع أهدافه.

مقاربة تاريخ العلاقة بين حزب العدالة والتنمية التركي وحرکة الإخوان المسلمين

مع وصول أردوغان الى السلطة، بدأت حقبة جديدة في العلاقات التركية الإخوانية، والتي يمكن تقسيمها إلى مرحلتي الانفتاح وعصر التكافل المتبادل.

  • فترة الانفتاح

تتزامن هذه الفترة مع مرحلة الربيع العربي وتتويج حكم أفكار أحمد داود أوغلو في نظام السياسة الخارجية التركية. خلال هذه الفترة، اعتبرت تركيا جماعة الإخوان کورقة فوز في إطار متغيراتها الدبلوماسية. حیث رأى أردوغان أن العمل مع حرکة الإخوان المسلمين ومحاولة توسيع شبكة اتصالات تركيا من خلال الاعتماد على المنظمات الإسلامية التي يقودها الإخوان كنوع من استعادة الذات الحقيقية لتركيا. ومن هذا المنطلق، سمح أردوغان، بينما كان يدعم داود أوغلو بالكامل، بالتطهير المنظم للدبلوماسيين المنحازين إلی کمال باشا (العلمانیین) من هيكلية وزارة الخارجية. وفي نفس الوقت أيضًا، حدثت أول فجوة كبيرة داخل الحزب الحاكم حیث رافقتها التصفية الكاملة لعبد الله جول. بالإضافة إلى ذلك، خلال هذه الفترة، نشأ تعاطف جاد في المجتمع الإسلامي التركي مع حرکة الإخوان المسلمين ومختلف المنظمات التابعة لهذه الحركة. حیث تجلت ذروة هذا التعاطف بشكل رمزي في حضور محمد مرسي في مؤتمر حزب العدالة والتنمية.

عصر التكافل المتبادل

هناك حدثان مهمان أوقفا مرحلة الافتتاح. أولاً، وقوع الانقلاب السياسي على مرسي والإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين دون أي دعم قوي من الشعب. وثانيًا، الجمود بشأن الأزمة السورية وتحويلها إلى حرب استنزاف تترافق مع تداعيات سياسية وأمنية وخيمة على تركيا ذاتها. بالتالي، تغيّر نوع العلاقات من الدمج الإبداعي خلال فترة الانفتاح إلى التكافل المتبادل. مع وقوع الانقلاب في مصر، هاجرت موجة من النخب والسياسيين والصحفيين ونشطاء تنظيم الإخوان من البلاد إلى تركيا وغيرها من الدول العربية والإسلامية، وكذلك أوروبا. في الموجة الرئيسية من هجرة أعضاء حرکة الإخوان المسلمين إلى تركيا، غادرت مجموعات تتضمن آلاف الأشخاص إلی هذا البلد. وخلال هذه الفترة، ظهرت تركيا كعضد أساسي مهمته الدفاع عن كل المظلومين في العالم، ولاسيما حرکة الإخوان المسلمين. ومع ذلك، فإن الدعم المالي والاجتماعي للإخوان داخل تركيا کان مبرمجاً. في الواقع، استفاد حزب العدالة والتنمية من توسيع اللوبيات لحرکة الإخوان في العالم العربي، ومن أجهزتها الدعائية ووسائل اعلامها، بالإضافة إلى الشخصيات المؤثرة في جمع المعلومات والوساطة السياسية، والأهم من ذلك، استخدام الإعلان في الداخل والخارج لمصلحته الخاصة. إلی جانب ذلک، تعمل حرکة الإخوان المسلمين، الى جانب تركيا داخليا واقليميا، تحت رئاسة اردوغان في العالم الإسلامي، كقوة دفع هائلة لدعم حزب العدالة والتنمية على مستوى القواعد الشعبية.. بالتالي يمكن القول بأن العلاقة بين الحزب والإخوان في هذه المرحلة تقوم على المصالح المتبادلة أكثر منها على التضامن الأيديولوجي والعلاقة العاطفية.

مستقبل علاقة تركيا بحركة الإخوان المسلمين

من القضايا التي يمكن أن تؤثر على العلاقة بين حرکة الإخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية في المستقبل، أولاً، بقاء حزب العدالة والتنمية خارج المشهد السياسي للبلاد وفقدان قدرته السياسية، وثانيًا إعلان الولايات المتحدة إدراج حرکة الإخوان المسلمين علی لائحة الإرهاب. فيما تحقق عملیاً إدراج اسم حرکة الإخوان علی قائمة الجماعات الإرهابية المصنفة امريكيا، فإن نوع العلاقة بين تركيا والإخوان سيعتمد على نوع السياسات التي تتبناها واشنطن في هذا المجال.

يظهر تاريخ العلاقات بين الجانبين أن تركيا مستعدة لاتخاذ قرارات قد لا تكون في مصلحة السياسة الخارجية التركية لدعم حرکة الإخوان المسلمين كأحد أذرعتها المؤثرة في المنطقة.  تبدو الضغوط التركية على حركة الاخوان المسلمين بعيدة عن الروابط الأيديولوجية، بل تحكمها السياسات والمصالح الحزبية علی صعيد السياسة الداخلية، فضلاً عن تزايد الضغوط الدولية، لاسيما من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حيث بات التوجه التركي نحو إجراءات أكثر براغماتية بالتخلي تدريجيا عن حمایة حرکة الإخوان.

في المقابل وبحسب تقديرات المعارضين للحكومة، فاٍن سياسات حركة الإخوان التركية تسببت في خسائر مالية للبلاد بلغت 51 مليار دولار. يعود جزء كبير من هذه الخسارة المالية إلى توقف الاستثمار الخليجي في تركيا، والذي يرجع إلى تداعيات السياسة الخارجية الحالية لتركيا. أيضًا، نظرًا للوضع الاقتصادي الهش لتركيا، من الطبيعي أن تعمد تركيا الى سياسة الابتعاد عن المخاطر والتوجه نحو سياسات تتماشى مع التوافق والتعاون مع دول المنطقة. وهذا يعني أيضًا تجاهل المصالح العرضية لحرکة الإخوان المسلمين في دول المنطقة.

الاستنتاج:

على الرغم من أن تاريخ العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وحرکة الإخوان المسلمين يشير إلى التضامن بينهما، لکن من المتوقع أن تنقطع هذه العلاقة في المستقبل. تم تقديم سببين مهمين لهذا التوقع. أولاً، من المحتمل جدًا أن يتم إدراج حرکة الإخوان المسلمين في قائمة الجماعات الإرهابية المصنفة أمريكيا، كما أنّ استمرار التواصل مع تركيا یمكن أن يكون له نتائج وخيمة. ثانيًا، ضعف الحزب الحاكم في تركيا، والخسائر المالية التي سببتها سياسة تركيا الخارجية واقتصادها الهش، من المتوقع أن يعيق استمرار هذه العلاقة.