»

مترجم: العلاقات الإيرانية القطریة بعد إنهاء الحصار

12 شباط 2021
مترجم: العلاقات الإيرانية القطریة بعد إنهاء الحصار
مترجم: العلاقات الإيرانية القطریة بعد إنهاء الحصار

ترجمة مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

الکاتب: حامد حسیني، الخبیر في الشؤون الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط

المصدر: مركز الشرق الأوسط للأبحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية

التاریخ: 19بهمن1399/ الموافق7 فبرایر 2021 


يبدو أن الحصار طويل الأمد على قطر لم يستطع تصحيح سلوك الدوحة بما يتماشى مع رغبات الرياض فحسب، بل عزز أيضًا العلاقات الإيرانية القطرية في المستقبل المنظور.

وقّع أعضاء قمة "التضامن والاستقرار الإقليميين" إعلاناً في "العلا" السعودية في يناير 2021 ينهي حصار قطر للسعودية. ویُعتبر هذا الإعلان انتصاراً للدوحة لأنها لم تكن مجبرة للاستجابة لمطالب التحالف الرباعي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) ضد قطر منذ بداية الصراع.

في أواخر عام 2020، كثّفت إدارة ترامب جهودها الدبلوماسية لحل الخلافات بين الجهات الخليجية. ووصفت إدارة ترامب، التي سعت إلى توحيد الحلفاء العرب لواشنطن ضد إيران، خلافات مجلس التعاون الخليجي بأنها إضعاف لـ "الجدار القوي ضد أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة". ومع ذلك، فإن تقليص الاحتكاك بين الدوحة والرياض لا يعني القبول ببرنامج السعودية المعادي لإيران.  وقد أوضح وزير الخارجية القطري "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني" في اليوم التالي للقمة، أن اتفاقية "العلا" لن تغير العلاقات بين الدوحة وطهران.

على الرغم من أن أحد الأهداف الرئيسية للرياض وأبو ظبي من الحصار كان تقليص علاقات قطر مع إيران، إلا أن الدوحة وطهران قد عمقتا علاقاتهما الثنائية منذ بداية أزمة الخليج الفارسي، وزاد تضامن طهران مع الدوحة. بالإضافة إلى خطاب الأطراف المتصارعة، قدمت إيران شحنات غذائية لمساعدة الدوحة لتجنب أزمة الأمن الغذائي. حيث زادت وتيرة صادرات إيران إلى قطر من 60 مليون دولار بين عامي 2016 و2017 إلى 250 مليون دولار بين عامي 2017 و2018. کذلك واصلت الخطوط الجوية القطرية العمل باستخدام المجال الجوي الإيراني. وفي هذا الإطار، قدّم حجم الرحلات الجوية أكثر من 100 مليون دولار من تكاليف الرحلات إلى إيران، والتي اعتبرتها إدارة ترامب تقويضًا لسیاسة "الضغط الأقصى" على إيران.

ونتيجة لذلك، إن الحصار قرّب الدوحة من طهران وعزز هذا التصور لقطر بأن التهديد المباشر لأمنها يأتي من الدول   المجاورة لمجلس التعاون الخليجي، وليس إيران. بالنسبة للدوحة، أصبحت إيران شريان حياة أكثر من كونها تهديدًا لها. حتى قبل الحصار ومنذ الحرب الإيرانية العراقية (1980-1980)، أقامت قطر علاقات ودية مع طهران، لأن البلدان يشتركان في أكبر حقل مشترك للغاز الطبيعي في العالم (القبة الشمالية/ جنوب بارس)، مما جعل تعاون الطرفین یتجاوز الأبعاد السیاسیة ویعتمد اقتصاديًا عليه بدرجة كبيرة. ومن الواضح أن ضمان أمن هذا المیدان والوصول إليه يستلزم تعاون قطر مع إيران. بالإضافة إلى ذلك، فإن نشوب أي صراع عسكري في الخليج الفارسي يشمل إيران، يمكن أن يلحق ضرراً خطيراً بالبنية التحتية القطرية الهامة والضعيفة لقطر.

من جانب آخر، يجب أن تحافظ قطر على علاقات إيجابية مع إيران لتهدئة مخاوف طهران فيما یتعلق باستضافة قطر، لأكبر تواجد عسكري أمريكي في الشرق الأوسط (قاعدة الوديد الجوية)، والتي تضم حوالي 10.000 جندي أمريكي. بطبيعة الحال، أن استضافة قطر مقرًا للولايات المتحدة على أراضيها في الحقيقة تعتبر بحد ذاتها نقطة توتر مع طهران. ولتحقيق التوازن في هذا الوضع، تسعى الدوحة إلى التخفيف من مخاوف طهران من خلال تطوير الدبلوماسية مع طهران، ويمكن تقويض سياسة "الضغط الأقصى" من جانب واشنطن في هذا السياق. بعبارة أخرى، تسعى قطر، مثل العراق، من جهة إلى الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة، ومن جهة أخرى لا تنوي تحدي إيران.

كان حصار عام 2017 بالنسبة لطهران، فرصة لمساعدة القطريين وكشف نقاط ضعف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وکذلك لتعزيز النفوذ الدبلوماسي لطهران تجاه دولة خليجية وعربية صديقة.

وهكذا، بينما رحبت إيران رسميًا بنتائج قمة "العلا"، فمن الواضح أن طهران لديها مخاوف بشأن التداعيات الجيوسياسية للسلام السعودي القطري.

في المرحلة الأولى ما يهم إيران هو التداعيات الاقتصادية التي باستطاعتها حرمان إيران من بعض فوائد رفع الحصار. وبالنظر إلى المستقبل، تقدر طهران بأنه ربما لا تکون الدوحة في وضع یسمح لها الابتعاد عن شراكتها مع الجمهورية الإسلامية. وبما أن الأسباب الجذرية للتوترات بين المملكة العربية السعودية وقطر لا تزال موجودة دون حل، فمن المرجح أن تعتمد إيران على استمرار التعاون مع الدوحة.

ستواجه الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي التحديات للعلاقات القوية والمرکزیة للمملكة العربية السعودية، وهذا من شأنه أن يساعد طهران على اللعب بالأوراق، كوزن متوازن في علاقاتها مع الرياض. بالإضافة إلى ذلك، من وجهة نظر طهران، يمكن للدوحة أن تساعد في تقليل توتراتها مع واشنطن وبعض دول المنطقة بحلول عام 2021.

في الماضي، دعمت قطر خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) في عام 2015 وصوتت ضد العقوبات في عام 2006 في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. يمكن لقطر أيضًا، بصفتها جهة فاعلة على مستوى الدبلوماسية الإقليمية، أن تلعب دورًا تسهيليًا في محادثات بايدن وإيران بشأن بريكس وربما القضايا غير النووية.

أخيرًا، بينما كان الهدف الرئيسي لإدارة ترامب من حل أزمة الخليج الفارسي، إنشاء جبهة موحدة ضد طهران، فهناك كلام يتردد اليوم بأن الدوحة، ستترك إیران نهائیاً. من وجهة نظر الرياض، السيناريو الواقعي یتطلب استعادة الدوحة بعض الثقة في المملكة العربية السعودية، مما يمنح القطريين سببًا لإبعاد أنفسهم قليلاً عن طهران. وبناءً على ذلك، سيكون من السهل التصور أن العلاقات القطرية الإيرانية ستبقى مصدر شكوى للرياض وأبو ظبي والمنامة. الحقيقة المهمة هي أن دعم طهران للدوحة في خضّم حصار دام ثلاث سنوات ونصف قد ولّد قدرًا كبيرًا من حسن النية في قطر، والذي من المرجح أن يكون رصيدًا دبلوماسيًا فعالاً في العلاقات الثنائية لسنوات قادمة.