»

مترجم: سلسلة انتصارات الحوثيين وفشل السعودية في اليمن

18 كانون الثاني 2021
مترجم: سلسلة انتصارات الحوثيين وفشل السعودية في اليمن
مترجم: سلسلة انتصارات الحوثيين وفشل السعودية في اليمن

ترجمة مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

موند دبلوماتيك/فرنسايناير 2021

الترجمة pdf

على الرغم من التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية وبدعم من القوى الغربية، فإن التمرد الحوثي يزيد من قبضته على اليمن. إلى جانب البؤر المحلية للصراع، فإن تداعياته الإقليمية، مع التنافس الإيراني السعودي وظهور الإمارات العربية المتحدة كقوة عسكرية، تعمل على تغيير موازين الشرق الأوسط والخليج.

في ليلة 25-26 مارس / آذار 2015، أطلقت القوات الجوية السعودية أولى قذائفها على مواقع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، وكانت هذه القوة بمثابة الجناح العسكري المزعوم لـ "المجتمع الدولي"، الذي أراد إعادة السيد عبد ربه منصور هادي للسلطة في صنعاء، بعد أن أطاح به التمرد في 21 سبتمبر 2014.  كان هدف الحملة، التي أطلق عليها اسم "عاصفة الحزم"، هو كسر "الزيدية" وهي حركة مسلحة تطالب ذات هوية دينية وتعدّ فرع من فروع المذهب الشيعي والاقرب الى المذهب السني إن لم تكن مدرسته الشرعية الخامسة.

يعدّ القرار رقم 2216 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي تم تبنيه في 14 أبريل 2015، اذنا على بياض سمح للسعودية من خلال التحالف بينها وبين عشرات الدول العربية والإسلامية كمصر والأردن والسودان والمغرب، إضافة الى دول الخليج، باستثناء عمان، بالعدوان على اليمن. وهكذا تم تقنين عملها العسكري، وكذلك سيطرتها على منافذ الدخول والخروج من/والى اليمن، بما في ذلك فرض الحصار، الذي سرعان ما أدى الى تكلفة بشرية مروعة. يوصف هذا الحصار في كثير من الأحيان بأنه "أسوأ أزمة منذ عقود"، وهي أزمة لا تزال الاستجابة فيها لحالات الطوارئ تعاني من نقص الموارد من الناحية الهيكلية. منذ ذلك الحين، وبينما تقدر وكالات الأمم المتحدة عدد ضحايا القتال والكارثة الإنسانية بـ 250 ألفًا، يظل الركود العسكري واضحًا (1). إن القوى الغربية، المتورطة بشكل خاص في عقود بيع الأسلحة، تجد نفسها اليوم متورطة في مشروع حربي غير شريف وغير فعال (2).

- التزام ثانوي بالنسبة لطهران

يبدو أنّ التعقيدات الإقليمية لا تستنزف الصراع. حيث أنّ العديد من الديناميكيات العسكرية، والسياسية والاجتماعية أيضًا، تفلت إلى حد كبير من تدخل جيران اليمن: كآليات الفساد، ولكن أيضًا الاستراتيجيات الفردية للتكيف مع الأزمة الاقتصادية الرهيبة. فمثلا ظل بعض المسؤولين بدون رواتب لمدة أربع سنوات، كما يعتمد 70% من اليمنيين على المساعدات الإنسانية.

غالبًا ما تشكل القضايا الإقليمية المتخيّلة منظورًا لإدراك الصراع وهو أمر ضروري بالطبع ولكنه غير كافٍ. لكن الاتهامات الموجهة لإيران، التي يقال إنها تدعم الحوثيين، تتطلب الإشارة إلى الدور الذي تلعبه طهران. هذا الدور هو بالفعل السبب الرئيسي للانخراط العسكري للتحالف (وهو ذو تخطيط متغير، حيث تركه المغرب في عام 2019 عندما غادرته باكستان، العضو الأساسي، بسرعة، قبل العودة إليه بسبب المتغيرات السياسية). يرى جميع أعضاء التحالف، اليمن ساحة تحاول الجمهورية الإسلامية التوسع فيها. في عام 2018، قارن محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي والوصي بحكم الأمر الواقع، السياسة الإقليمية لهذا البلد بسياسة ألمانيا النازية، مستحضرًا الطموحات المفترضة لآية الله والمرشد الروحي علي خامنئي الذي يرغب في الترويج لمشروعه الخاص في الشرق الأوسط، بنفس الطريقة التي سعى بها هتلر إلى التوسع في عصره (4). ومع ذلك هناك إجماع بين المتخصصين في كل من اليمن وإيران للتأكيد على البعد الثانوي لدعم الجمهورية الإسلامية للحوثيين، الذين لا تزال أصولهم الأيديولوجية مثل القدرة على التعبئة قبل كل شيء محلية (5). على الرغم من المزاعم المتكررة، لم يتم الكشف عن أي خبير عسكري إيراني أو ممثل للحرس الثوري على الأراضي اليمنية - بعيدًا عن تورطهم في العراق أو سوريا-على سبيل المثال.

في حين أن الدعم من طهران محدود، إلا أنه يتزايد يوما بعد يوم، مما يدل على الطبيعة العكسية لتدخل المملكة العربية السعودية وحلفائها. في أكتوبر / تشرين الأول 2020، أدى تسلل سفير إيراني أرسل إلى الحوثيين في صنعاء إلى حالة ارباك لدى التحالف الذي من المفترض أنه المسيطر على حدود اليمن. تؤكد أوجه الشبه الفنية بين صواريخ أرض – أرض الحوثية التي أطلقت بانتظام باتجاه الأراضي السعودية رداً على القصف وتلك الموجودة لدى الجمهورية الإسلامية، التفسير السعودي للصراع لاحقاً. ومع ذلك، يظل التزام إيران نتيجة التوازن الدقيق، بالحدود التي وضعها خبراءها الاستراتيجيون سببا أساسيا في انغلاق السعوديين وحلفائهم على أنفسهم.

يُعزى الفشل العسكري والسياسي للتحالف في المقام الأول إلى السعودية، التي بالغ صانعو القرار الغربيون في تقدير قدرتها على السيطرة على الملف اليمني إلى حد ما في عام 2015. من دون قراءة مفصلة للوضع فاٍنّ السعودية مذنبة بارتكاب جرائم حرب متكررة محتملة (6)، والتي أضرّت صورتها دوليًا، ولكن أيضًا في نظر العديد من اليمنيين. منذ عام 2017، أدت هجرة عشرات الآلاف من العمال إلى المدن السعودية قبل وقت طويل من اندلاع الأعمال العدائية، إلى زيادة الاستياء الشعبي الذي سيجد السعوديون، بقيادة ولي العهد، صعوبة في نسيانه. أما ما أعلى الصعيد الدولي، فإن صعود بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة يهدد بمزيد من التوهين لموقف الرياض. فخلال الحملة، أعلن الرئيس الأمريكي الجديد معارضته للحرب في اليمن وأدلى بتصريحات انتقد فيها بشدة الموقف السعودي، مهددًا بتحويلهم إلى "منبوذين" من "المجتمع الدولي" (7).

سيكون الملف السعودي، من خلال الحرب في اليمن، بمثابة اختبار للإدارة الجديدة. بغض النظر عن توزيع المقاعد في الكونجرس بعد انتخاب عضوين في مجلس الشيوخ في جورجيا، فقد يميل البيت الأبيض إلى ممارسة الضغط على الرياض للإسراع في إنهاء الصراع أو/على الأقل، لإجبار النظام السعودي على احترام أكبر للسكان المدنيين اليمنيين. في الواقع، خلال فترة ولايتهم السابقة، دعم الممثلون المنتخبون للأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، بقيادة السيد بيرني ساندرز على وجه الخصوص، العديد من النصوص التي من المحتمل أن تقوض الدعم الأمريكي للتحالف في اليمن. ومع ذلك، فإن محاولة دونالد ترامب في اللحظة الأخيرة (التي تقرر بعد هزيمته) لتصنيف جماعة الحوثيين على أنها منظمة إرهابية، يمكن أن تعرقل إعادة التوجيه الدبلوماسي والقانوني.

 تتلمس السعودية الآن قبول التفاوض مع الحوثيين، الذين هم الان في موقع قوة، حتى يتقدموا نحو مدينة مأرب ، آخر معقل لعبد ربو هادي، وتحت رعايته (8). إلى جانب جهود الممثل الخاص للأمم المتحدة، البريطاني مارتن غريفيث ، يناقش الدبلوماسيون السعوديون وضع الحدود المشتركة بين البلدين ، ويضغطون على الحوثيين للقبول بمنطقة منزوعة السلاح والانسحاب من القرى السعودية. إن عدم قدرة السعودية على إنفاذ النص الموقع في نوفمبر 2019 في الرياض، والذي كان من المفترض أن ينهي الصراع بين مؤيدي هادي والمجلس الانتقالي في الجنوب، يظهر مرة أخرى هشاشة الموقف السعودي. يشير هذا الواقع إلى أن توقيع اتفاق سلام بين التحالف والحوثيين لن يؤدي للأسف إلى إنهاء الصراع في اليمن.

- الانقسامات والمنافسات

في مواجهة عُمان، التي تتميز بحيادها الدبلوماسي في كل من اليمن وإيران، لم يعيد السعوديون تشكيل المنطقة لصالحهم أيضًا. كما لم تؤد الأزمة الاقتصادية في السلطنة ، والتي تفاقمت بسبب وباء كوفيد -19  وكذلك محاولات الرياض لزعزعة استقرار المنطقة اليمنية المتاخمة للمهرة ، إلى إحكام السلطة العمانية (9). اتخذ السيد هيثم بن طارق، الذي خلف ابن عمه السلطان قابوس بن سعيد المتوفى في يناير 2020، خيار استمرارية الحياد الدبلوماسي الذي لا يتناسب مع طموحات الهيمنة السعودية، بينما يشهد على تشرذم الخيارات السياسية، وعلى المنافسة بين ممالك الخليج (10). حتى داخل التحالف المناهض للحوثيين، فإن قوة الرياض في الواقع موضع نزاع. لقد طورت الإمارات العربية المتحدة، من خلال مشاركتها العسكرية في المناطق الجنوبية من اليمن ودعمها المباشر للمجلس الانتقالي الجنوبي، سياسة تقويض للخيارات التي دافع عنها الوهابيون. دفع تدخل أبو ظبي في جزيرة سقطرى أو موانئ البحر الأحمر الى ارتفاع منسوب المنافسة بين الحليفين المفترضين. ان العلاقات التي أنشأها الإماراتيون مع الجماعات المسلحة، والقمع العنيف الذي يشجعون عليه ضد الممثلين المحليين للإخوان المسلمين الذي يجسده المؤتمر اليمني للإصلاح (المشار إليه أيضًا باسم الإصلاح)، والذي لا يزال بعض قادته لاجئين في العاصمة السعودية، ترمز إلى غياب نظام إقليمي أو قراءة مشتركة وحقيقية للقضايا والأولويات والتهديدات بين أعضاء التحالف.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التحالف الذي أنشأته محليًا قوات أبو ظبي مع الميليشيات السلفية يشير بوضوح إلى سياسة مشوشة وقصيرة النظر. ومع ذلك، يوصف هذا الوضع أحيانًا (خاصة من قبل القادة الأوروبيين) بأنه جزء من تصميم جيوسياسي إماراتي كبير يقوم على التكامل الاقتصادي والمصالحة. هذه الاستراتيجية، التي تفتقر بشكل فريد إلى الفروق الدقيقة، تنشئ الكثير من الأعداء الذين يقع اتهامهم بطريقة مبهمة بأنهم اتباع لتركيا أو قطر، مما يولّد الاستياء والعنف. من ناحية أخرى، يأتي استمرار الخلاف داخل التحالف في الوقت الذي يبدو فيه أن الولايات المتحدة مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، مدركة للحاجة الملحة إلى عدم التحدث علانية، ورفض القيام بدور الحكم في هذا الصراع، وفي إعادة تشكيل المنطقة.

اٍنّ استراتيجيات القادة السعوديين والإماراتيين لا تولي سوى القليل من الاهتمام للمدنيين. لكن الثلاثين مليون يمني المعرضون للخطر يذكرونهم بذلك، سواء من خلال الهجرة أو من خلال ما يسمى بالعنف الجهادي. إن الانهيار الاقتصادي والصحي للمجتمع اليمني، الذي تفاقم بفعل وباء كوفيد -19 - والذي أسفر، بحسب معلوماتنا، عن وفاة أكثر من سبعين طبيباً بين أبريل/نيسان، ونوفمبر/تشرين الثاني 2020 - لن يترك سكان شبه الجزيرة العربية سالمين. إن الممالك الخليجية، التي اهتزت بفعل تقلبات عائدات النفط، والتوقعات الجديدة لرعاياها وتحدي المناخ، والتي عليها المحافظة على علاقتها المترابطة مع اليمن من خلال بناء افق علاقة جديدة ومختلفة عن الخيار العسكري.

المصادر داخل المقال:

(1) Lire Laurent Bonnefoy, «Enlisement saoudien au Yémen », Le Monde diplomatique, décembre 2017.

 (2) « Ventes d’armes : comment mettre fin à la complicité de la France au Yémen », Amnesty International, Paris, 16 novembre 2020.

 (3) « “So now that the Houthis have won…” –Q& A with Abdulghani Al-Iryani », Sanaa Center for Strategic Studies, 10 mars 2020.

 (4) « 60 Minutes », CBS News, 19 mars 2018.

 (5) Cf. Thomas Juneau, « Iran’s policy towards the Houthis in Yemen :Alimited return on a modest investment », International Affairs, vol. 92, n° 3, Londres, mai 2016.

 (6) Cf. notamment «A pandemic of impunity in a tortured land », Groupe d’experts internationaux et régionaux éminents de l’ONU sur le Yémen, Genève - Beyrouth, 9 septembre 2020.

(7) Cf. Derek Davison, «Will Joe Biden end the brutal war in Yemen ? », Jacobin, New York, 16 novembre 2020, https://jacobinmag.com

(8) Ali Al-Sakani et Casey Coombs, «Marib : A Yemeni government stronghold increasingly vulnerable to Houthi advances », Sanaa Center for Strategic Studies, 22 octobre 2020.

 (9) Lire Sebastian Castelier et Quentin Müller, «Charité omanaise pour le Yémen », Le Monde diplomatique, juin 2020.

 (10) Cf. Fatiha Dazi-Héni, «Le Golfe et Israël après les accords Abraham », Arab Reform Initiative, 6 novembre 2020, www.arab-reform.net