»

مترجم: بعد مضي عام على عملیة الإغتيال في مطار بغداد: الشرخ أم الإستمرار في سياسة إيران الإقليمية؟

11 كانون الثاني 2021
مترجم: بعد مضي عام على عملیة الإغتيال في مطار بغداد: الشرخ أم الإستمرار في سياسة إيران الإقليمية؟
مترجم: بعد مضي عام على عملیة الإغتيال في مطار بغداد: الشرخ أم الإستمرار في سياسة إيران الإقليمية؟

ترجمة مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

فرهاد وفایی فرد

مرکز تبيين للدراسات الاستراتيجية

24 ديسمبر 2020

بعد مضي عام على عملیة الإغتيال في مطار بغداد السؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كان هذا الاغتيال قادر على تغيير سياسات إيران الإقليمية بشكل جذري ارتباطا بفترة ما قبل عملية الاغتيال.

کان اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري وأبو مهدي المهندس والوفد المرافق لهما، من قبل الولايات المتحدة في مطار بغداد، صباح يوم 4 ديسمبر 2020، من أهم أحداث العام التي شهدتها المنطقة والعالم.

وبغض النظر عن الجدل الواسع حول هذا الحدث، يبدو أن تغيير أو إضعاف سياسات إيران الإقليمية كان من أهم أهداف الولايات المتحدة منذ اغتيال قاسم سلیماني في مطار بغداد. لذلك فإن السؤال الرئیسي والمهم الذي يمكن طرحه الآن، بعد مرور عام على هذا الاغتيال، هو ما إذا تغيرت سياسات إيران الأقلیمیة بشكل جذري منذ فترة ما قبل الاغتيال أم أنها لا تزال مستمرة؟ للإجابة على هذا السؤال يجب تقييم التطورات المختلفة في منطقة غرب آسيا. تعد قضايا العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين من أهم القضايا التي ترتبط بها سياسة إيران الإقليمية.

لكن بالنظر إلى مجموعة العوامل، بما في ذلك نوايا الولايات المتحدة بإغتیال سلیماني وإختلاف نوعية بعض القضايا الإقليمية، يبدو أنه من أجل الإجابة على السؤال الرئيسي في هذه المقال، يجب مراجعة ازمات العراق وسوريا ولبنان.

1-العراق

لدی العراق سياسة داخلية معقدة. ومع بداية الاحتجاجات في هذا البلد عام 2019 وتحرك الولايات المتحدة نحو زيادة التوتر مع إيران، إزدادت وتیرة التعقيدات والتطورات في هذا البلد.

تظهر إتجاه التطورات السياسية والأمنية في مرحلة ما بعد عملیة الاغتيال أن هناك بعض التغييرات في سياسة إيران تجاه العراق، وأهمها يمكن مشاهدته بالتعامل مع مصطفی الکاظمي بإعتباره الشخصية المقربة من الولايات المتحدة.

يبدو أن الأمريكيين وضعوا إستراتيجية متعددة الجوانب ضد إيران في العراق لدفع استراتيجية الضغط الأقصى وإضعاف نفوذ إيران الإقليمي، من خلال الإحتجاجات الشعبیة للمطالبة بإستقالة رئيس الوزراء وکذلک للدفع نحو عملية الاغتيال في مطار بغداد، وبعض الهجمات المتفرقة على المجموعات المقاومة ورئيس الوزراء الكاظمي الذي کان جزءًا منها.

في هذه الاستراتيجية، تمكنت عملیة اغتيال سردار سليماني، إلى حد ما، من دفع الولايات المتحدة نحو تحقیق جزء من هدفها، وهو الحد من نفوذ إيران في هيكل القوة في العراق.

ومع ذلك، يعتقد الكاتب إن ما دفع إيران لقبول رئيس الوزراء الكاظمي، أبعد من الحادث الإرهابي في مطار بغداد الى تكوين فهم جديد لمشهد التطورات ما بعد الاحتجاجات في العراق علی الأقل بين بعض صناع القرار في الجمهورية الإسلامية الإیرانیة. لذلك، يبدو أن رضا إيران عن تولي شخص مثل الكاظمي منصب رئيس الوزراء والتأکید على دعمه حتى الآن يمكن اعتباره تغييراً في سياسة إيران تجاه العراق - وإن كان ذلك بتحليلات واسباب مختلفة.

لکن بالنظر لمرونة الساحة السياسية العراقية وعلاقات إيران القوية مع مجموعات المقاومة في البلاد، فلا يزال من الممكن لطهران العودة إلى سياساتها السابقة. حیث یکون دور المتغیرات مؤثراً في سیر التحولات المستقبلیة کإستحقاق الانتخابات البرلمانیة المقبلة وكيفية إنفعال بعض اللاعبين المحليين مثل مقتدى الصدر، وكيفية مواجهة الإدارة الأمریکیة المقبلة من خلال ملفات العراق.

2-سوريا

إن التغيير أو الإستمرارية في سياسة إيران الإقليمية فیما یرتبط بالملف السوری، یجب مقاربتها بالنسبة لأهداف الجمهوریة الإسلامية الإيرانية في سوریا. کانت ایران في العقود الأخيرة قد أولت إهتماماٌ أقل لإقامة المجموعات المقاومة أو للوجود العسكري في سوريا وذلک لعدد من الأسباب خارج نطاق هذا المقال. مع بداية الأزمة في سوريا، أصبح منع سقوط بشار الأسد وعدم صعود التيارات المعادية للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة في المقام الأول والحفاظ على النفوذ السياسي في سوريا للحفاظ على العلاقات مع فلسطين ولبنان مركز ثقل السياسة الإيرانية في هذا البلد.

لا تزال هذه الأهداف قبل وبعد اغتيال القائد سليماني تشكل قسماَ رئيسيًا من سياسة إيران الإقليمية تجاه سوريا. ووقوع أي تغيير علی الملف السوري، بما في ذلك إنسحاب بعض القوات التابعة لإيران من سوريا، هو بالأساس یعتمد على التطورات الميدانية في سوريا وقدرات إيران المالية، ولا يوجد هناک إي شرخ قبل أو بعد عملیة إغتيال سلیمانی في هذا الشأن.

كما أن مسألة الرد على هجمات الکیان الصهيوني على سوريا تعتمد بشكل أساسي على قرار حكومة بشار الأسد، حیث بطبيعة الحال یتدخل فیها مکون العلاقات بين دمشق وموسكو من جهة وموسكو وتل أبيب من جهة أخرى. لهذا السبب لم تتغير سياسة سوريا وحتى إيران قبل وبعد اغتيال سليماني في مواجهة هذه الهجمات.

3-لبنان

وصلت الازمة في لبنان منذ فترة طويلة إلی طريق مسدود. تعارض الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجود حزب الله في الحكومة، ولا يمكن لمخطط فرنسا أن يحل العقدة في تشكيل الحكومة اللبنانیة. يبدو أن وجود اللاعبين مثل حزب الله، قد یکون مؤثراً في الساحة اللبنانية الرسمية والعامة، وأن العلاقة المنهجية لهذا اللاعب مع طهران، كشفت بانه لاعب مستقل وفاعل في الإقليم. لذلك، في لبنان، إذا حدث تغيير ما في سياسات إيران – حیث لا یوجد مصادیق على ذلك -سيكون في إطار الصراع الإيراني الأمريكي والوضع الصعب في لبنان، وليس في سیاق حادثة مطار بغداد.

الإستنتاج:

بعد مرور عام على اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري والوفد المرافق له في مطار بغداد، فإن السؤال المهم الذي يمكن طرحه هو ما إذا كانت سياسة إيران في مواجهة التطورات الكبرى في غرب آسيا ستستمر أو هناك شرخ جذري بشأنها. من خلال المقاربة العامة للملفات الإقليمية المهمة یظهر أنه على المستوى الکبير، لم يكن هناك شرخ في سياسات إيران في غرب آسيا، أو على الأقل أنه لا يمكن رؤية تغييرات كبيرة وجادة بشکل واضح علی أنها کانت بسبب اغتيال قائد فيلق القدس.

ومع ذلك، يبدو أنه نظرًا للعلاقات الشخصية الواسعة بين الشهید القائد سليماني والقادة والقوى المقربة من إيران في جميع أنحاء المنطقة، فقد تكون هناك بعض التطورات علی هذا الصعید التي يمكن تقييمها على المستوى الفردي والجزئي ولا يمكن اعتبارها شرخ او ضعف في سياسات إیران الأقلیمیة.