»

مترجم: إيران وأمیركا بعد ترامب: "بايدن ونموذج قابلية التراجع الاستراتيجيي تجاه إيران"

18 كانون الاول 2020
مترجم: إيران وأمیركا بعد ترامب: "بايدن ونموذج قابلية التراجع الاستراتيجيي تجاه إيران"
مترجم: إيران وأمیركا بعد ترامب: "بايدن ونموذج قابلية التراجع الاستراتيجيي تجاه إيران"

ترجمة مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

سهراب انعامي علمداري

دبلوماسي إيراني/14-12-2020

كتب سهراب إنعامي علمداري الخبير الاستراتيجي، والمتخصص في للعلاقات الدولية في مقال علی موقع الدبلوماسية الإيرانية، أشار فيه الى أن فهم مصممي القرارات الخارجية الأمريكية الجدد والرئيس المنتخب يعتمد على أساس قابلية التراجع الاستراتيجيي.

يطلق مصطلح التراجع الاستراتيجي علی العملية والمنهج في السياسة الخارجية حیث سیتم ارجاع المنهاج وسلسلة السلوک الاستراتيجي، إلى ما كانت عليه سابقا.  اٍن قابلية التراجع الاستراتيجي هي في الواقع حل للإدارة في ظروف عدم اليقين وعدم التوازن؛ وفي مثل هذه الظروف، يحاول مصممي السياسة الخارجية استخدام النماذج قابلية التراجع الاستراتيجي للتكيف مع الافتقار إلى القدرة على التنبؤ والقدرة التنافسية وإدارة الاضطرابات في الساحتين الإقليمية والدولية. كما يعتمد فهم وتحليل النمط السلوكي للدول، بالإضافة إلى النظر في القدرات والقيود الاستراتيجية والجيوسياسية على الساحتين الدولية والإقليمية، وکذلک على الإدراك العقلي لصناع القرار في مختلف الاصعدة الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

إن النماذج والاتجاهات السياسية الخارجية للبلدان، ولا سيما القوى العظمى، یتم دائمًا في سياق "الاستمرارية" و "التغيير، وبطريقة ما، يتم فيها دمج العناصر وأدوات السياسة الخارجية في العمليات الاستراتيجية وتظهر النمط الاستراتيجي في المجالات الاستراتيجية والجيوسياسية.

إن معرفة النماذج والاتجاهات السلوکیة للسياسات الخارجية للولايات المتحدة على مدى العقود الماضية تظهر أن الهيكلية التي تم تشکیلها والمقتبسة عن القدرات والقيود والقدرات الناشئة عن القوة، شکلت السياسة الخارجية لواشنطن في سياق الاستمرارية والتغير. لكن صعود دونالد ترامب وانتخابه في عام 2016 أظهر بأن هذا التوازن قد اختل وأنه سيكون هناك المزيد من التغييرات والتحولات في هيكلیة السياسة الخارجية الأمريكية.

في هذا السياق، لا يتم تحليل سياسة ترامب الخارجية على أنها تحول كبير أو "تحول استراتيجي"، اذ يُنظر إلى أمريكا في عهد ترامب على أنها جزء من اتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية التكميلية. في عام 2018، حلل فريد زكريا، الأستاذ الأمريكي في العلاقات الدولية، عقيدة السياسة الخارجية الأمريكية لترامب على أنه "محافظ باليو" في ترجمة فلسفة سياسية قائمة على القومية، والحكومة المحدودة، والتقليدية الأمريكية، وقيود الهجرة، والإقليمية. ومع أن الانتخابات الأمريكية لعام 2020 وصلت إلی نهايتها، بهزيمة ترامب وانتخاب "جو بايدن"، ينتظر الكثير في الولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم، الرئيس المنتخب بعد تسلمه منصبه الجديد. لكن في خضم ذلک، يواجه المراقبون والمحللون السياسيون السؤال الأساسي وهو ما هي المبادئ والمحاور التي سيؤسس جو بايدن (البالغ من العمر 78 عامًا) عليها السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة. وما هو الشكل الذي سيتخذه سلوك بايدن في هذه السياسة الخارجية؟

كان جو بايدن قد أوضح سابقًا السياسة الخارجية المستقبلیة للإدارة الأمريكية في مقال نشرته مجلة "الشؤون الخارجية" تحت عنوان "لماذا يجب على الولايات المتحدة مرة اخری أن تأخذ زمام المبادرة (العالم)" كما أوضح رئيس المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية ريتشارد هاس، في أحدث مقال في المجلة ذاتها، تحت عنوان " استعادة العالم"، استراتيجية السياسة الخارجية لإدارة بايدن في مجالات الاستراتيجية والجيوسياسية. رفض بایدن في خطابه الأخير حول مختلف قضايا السياسة الخارجية، الاتجاهات المدمرة لسياسة ترامب الخارجية، وشدد على قابلیة التراجع في السياسة الخارجية الأمريكية (America is Back). 

تُظهر سيميائية العناصر التنفيذية والإعلانية لوكلاء السياسة الخارجية الأمريكية أن تركيز السياسة الخارجية لحكومة بايدن سيكون على عكس الاتجاهات والأدوات السابقة، والردع من خلال التعددية، وبناء الإجماع، والتحالفات، والعالمية. يؤكد ذلك اختيار فريق الأمن القومي لبايدن، وبالتحديد وزير الخارجية أنطوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ووجود وزير الخارجية جون كيري كمبعوث خاص للرئيس في اتفاقية باريس.

لكن السؤال المهم هو وجهة نظر إدارة بايدن والسياسة الخارجية المحتملة للإدارة المستقبلية تجاه إيران. لم يتم شرح السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه إيران بشكل أساسي من حيث التحول الاستراتيجي أو التحول الشامل، لكن يتم فهم المبادئ والتصورات الاستراتيجية لعملاء السياسة الخارجية الأمريكية من حيث الانعكاس الاستراتيجي مع استراتيجية الاحتواء وضبط النفس. تم ترجمة هذه الاستراتيجية في سياسة ترامب الخارجية بسياسة الضغط الأقصى، لكن السياسة الخارجية لإدارة بايدن ستستند إلى إيجاد دور استراتيجي ضد إيران وإعادة بناء التحالفات الاستراتيجية.

ستحاول إدارة بايدن أيضًا استخدام نموذج التحول الاستراتيجي لدمج عناصر سياسة ترامب بالضغط الأقصى، مثل الحفاظ على العقوبات، وخاصة العقوبات الأولية، مع تقليل الوزن الاستراتيجي والجيوسياسي لإيران في المناطق الإقليمية إلى جانب السياسة الخارجية. هذا ما اتبعته إدارة باراك أوباما في إطار بناء التوافق.

أخيرًا، يمكن التأكيد على أن العمل الاستراتيجي لحكومة بايدن، يعني المزيج بين السياسات السابقة والسياسات الحالية في شكل مفاوضات الضغط والعقوبات والتحالفات الاستراتيجية مع توقعات وفوائد استراتيجية جديدة لإدارته في مواجهة إيران.