»

دراسة خاصة: قوة التعريف في عملية الإقناع والاستجابة لدى الشعوب

31 تشرين أول 2020
دراسة خاصة: قوة التعريف في عملية الإقناع والاستجابة لدى الشعوب
دراسة خاصة: قوة التعريف في عملية الإقناع والاستجابة لدى الشعوب

مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

 لتحميل الدراسة

القابلية للاستعمار، هو المصطلح الذي استخدمه مالك بن نبي في كتابه مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي. يتحدّث بن نبي عن مسألة استيراد الأفكار من العالم الغربي ويضعها في إطارين: إما أفكارًا ميّتة، وإما أفكارًا مميتة.

فالأفكار الميتة هي تلك التي ليس لديها جذور في بوتقة الثقافة الأصيلة للعالم الإسلامي. أما الأفكار المميتة، فهي تلك التي خلّفت في عالمها الأصلي جذورها ووفدت إلى عالمنا. ويرى أن الأفكار الميتة بدورها تستدعي الأفكار المميتة.

من جهتنا، نضيف إلى نظرية مالك بن نبي على فكرة الأفكار المميتة، أنها عندما تكون جذورها في عالمها الثقافي الأصلي، فإنّ ثمة من يطعّم هذه الجذور ويعتني بها، حتى تنتج ثمرةً تُستَخدم كطُعم، يتمُّ من خلاله اصطياد الشعوب، وبالتالي يجعلها قابلة للاستعمار.

ما أسماه بن نبي عام 1970 "أفكارًا مميتة"، تسميه النخب اليوم "حرب المصطلحات". لكن اللافت أنّ هذه النخب _وخاصة الإسلامية منها- والتي تقف في الصف الأول في مواجهة الاستعمار، وإن كانت هي نفسها لا تأكل الطعم، إلا أنها تحتفظ به، وتساعد في إطعامه.

يمكن أن نضيف اليوم إلى مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي أننا نعي المشكلة لكننا لا نفعل شيئًا حيالها.

فهل يكفي الوعي بالمشكلة؟ وهل عدم الاكتراث والاستمرار في استخدام مصطلحات العدو هو أمر لا يضعف الجبهة؟

تحت هذا العنوان سنتحدث عن عمليات انتاج هذه "الطعوم" – المصطلحات. وكيف تتم تخبئة التعريفات في الأسماء التي يطلقونها على الأشياء والأحداث والعمليات وحتى الأشخاص.

وكيف ينجح العدو في كسب نصف المعركة عندما نعمد إلى تبني أدبياته. وكيف يتمكن العدو من إقناع الشعوب الضحايا بأن يروا العالم كما يراه، وأن يقيّموا الأحداث كما يقيّمها.

قد لا يبدو للوهلة الأولى أن المصطلحات ومن خلفها التعريفات والتسميات يمكنها أن تنجز كلّ ذلك. الواقع أنه يمكنها. بل تستطيع. خاصة وأن الرأي العام يفضّل أن يصدّق الخطابات السارية والجاهزة على أنها هي الحقيقة، بل هي العدالة. فالناس لا تبحث في الأمور المعقدة غالبًا. صحيحٌ أنه يمكنها اكتشاف الحقيقة، لكن بعد فوات الأوان، أي بعد أخذ الطعم وتأدية السلوك المناسب.

هذه القوة، قوة اللغة التي تنتج هذه المصطلحات، تكمن بقدرتها على تهدئة الرأي العام، أو تثويره، أو إبهاره أو تثبيطه. كل هذه الانفعالات تتحكم بها المصطلحات وتسمياتها وتعريفاتها.