»

مترجم: مسؤول أمريكي أمني تجول في مرفأ بيروت : أين مخزن سلاح المقاومة؟

11 آب 2020
مترجم: مسؤول أمريكي أمني تجول في مرفأ بيروت : أين مخزن سلاح المقاومة؟
مترجم: مسؤول أمريكي أمني تجول في مرفأ بيروت : أين مخزن سلاح المقاومة؟

By Maria Abi-Habib and Ben Hubbard - The New York Times

اكتشف مقاولٌ أمريكي الخطر المحتمل وأبلغ عنه قبل أربع سنوات على الأقل، لكن المسؤولين الأمريكيين نفوا علمهم بوجود تلك المواد الخطرة حتى الأسبوع الماضي، بعد الانفجار.

جاء تحذيرٌ عن وجود مخبأ كبير للمواد الكيميائية القابلة للانفجار التي تم تخزينها في ميناء بيروت في ظروفٍ غير آمنة، وفقًا لبرقية دبلوماسية أمريكية، من قبل مقاولٌ أمريكي يعمل مع الجيش الأمريكي قبل أربع سنوات على الأقل.

تقول البرقية إنّه تمّ رصد وجود المواد الكيماوية والإبلاغ عنها من قبل خبير أمن الموانئ الأمريكية خلال تفتيش سلامة الميناء. في حين يقول المسؤولون الأمريكيون الحاليون والسابقون الذين عملوا في الشرق الأوسط إنّه كان من المتوقع أن يقدّم المقاول تقريرًا بالنتائج إلى السفارة الأمريكية أو البنتاغون.

تعليقًا على ما ورد أعلاه نقول: ماذا كان يفعل المقاول الأميركي والذي يعمل مع الجيش الأمريكي في مرفأ بيروت، وبطلبٍ من الحكومة اللبنانية أم الحكومة الأميركية؟ ولماذا تحدثت البرقية عن خبير أمن الموانئ الأمريكية في الفقرة الثانية؟ هل هو نفس المقاول أم شخصٌ آخر؟

وحول الانفجار، قال مسؤولون لبنانيون إنّ المواد الكيماوية - 2750 طنًا من نترات الأمونيوم - انفجرت يوم الثلاثاء الماضي، وهزت معظم أنحاء لبنان وألحقت أضرارًا بمباني في منطقة واسعة من وسط بيروت، ممّا أسفر عن مقتل أكثر من 150 شخصًا وتشريد مئات الآلاف. وقد أثار الانفجار غضبًا عارمًا من النخبة السياسية اللبنانية وأدى إلى استقالة الحكومة يوم الاثنين.

وقد صدمت حقيقة أنّ الولايات المتحدة كانت على علمٍ بالمواد الكيماوية ولم تحذّر أحداً، ما أثار غضب الدبلوماسيين الغربيين الذين فقدوا اثنين من زملائهم في الانفجار وشاهدوا العديد من الجرحى. إلاّ أنّ مسؤولاً كبيرًا في وزارة الخارجية نفى أن يكون المسؤولون الأمريكيون على علمٍ بنتائج المقاول وقال إنّ البرقية التي نقلتها صحيفة The Times "تظهر أنّهم لم يتمّ إبلاغهم".

وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة برقية لم تكن علنية، إنّ المقاول "قام بزيارة غير رسمية للموقع إلى الميناء منذ حوالي أربع سنوات، ولم يكن في ذلك الوقت موظفًا في حكومة الولايات المتحدة أو وزارة الخارجية". وقال المسؤول "إنّ الوزارة ليس لديها سجلٌ بإبلاغ المقاول بالنتائج التي توصّل إليها ولم تعلم بتلك المواد الخطرة حتى الأسبوع الماضي، بعد الانفجار المميت".

هنا يطرح السؤال التالي: كيف يقوم مقاولٌ أميركيٌ يعمل مع الجيش الأمريكي، بزيارةٍ غير رسميةٍ للموقع إلى الميناء، وإذا لم يكن في ذلك الوقت موظفًا في حكومة الولايات المتحدة أو وزارة الخارجية، فمن الذي أرسله؟ وهل كانت الإدارة اللبنانية على علمٍ بذلك؟ ما هي الخبايا في هذه الزيارة وهل يمكن وضعها في خانة التجسس الأميركي على لبنان أو التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية؟

وفي حين دمّر الانفجار، الذي سُجّل على أنّه أشبه ما يكون بزلزالٍ طفيف، عددًا من أحياء وسط بيروت، وأغلق ثلاث مستشفيات وتناثر الزجاج المحطم والأشجار في الشوارع؛ فإنه قد أثّر كذلك على الدبلوماسيين الغربيين، الذين يشغل العديد منهم مهماتٍ في بيروت، ويعيشون في شققٍ شاهقة تطلّ على البحر الأبيض المتوسط ​​والميناء، ممّا يضعهم مباشرة في مسار الانفجار.

وقالت وزارة الخارجية الهولندية إنّ زوجة السفير الهولندي في لبنان هيدويغ والتمانس موليير توفيت متأثرةً بجروحٍ أصيبت بها في الانفجار، حيث كانت تقف في غرفتها عندما وقع الانفجار. كما قتل في الانفجار ضابط قنصلي ألماني لم يُكشف عن اسمه.

كذلك، فإنّ العديد من الدبلوماسيين الآخرين من الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة قد تحطّمت نوافذهم وتضرّرت المباني. كما وتعرضت السفارتان البريطانية والفرنسية لأضرارٍ، وتحطمت النوافذ في القصر الذي يعيش فيه السفير الفرنسي.

عندما أبلغت صحيفة The Times عن محتويات البرقية، أعرب البعض عن دهشتهم وغضبهم من أنّه إذا كان لدى الولايات المتحدة المعلومات حقًا، فإنّهم سيتوقفون عن التعاون معها.

وقال دبلوماسي غربي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بما يتفق مع البروتوكول الدبلوماسي "إذا تأكد ذلك فسيكون صادمًا للغاية على أقل تقدير".

في وقتٍ تقع سفارة الولايات المتحدة وقنصليتها ودبلوماسييها خارج بيروت على عكس باقي القوى الغربية، حيث يتواجد المجمع الدبلوماسي الأمريكي الخاضع لحراسة مشددة في بلدة عوكر الجبلية على بعد ثمانية أميال من العاصمة.

وبينما يعيش العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين في شققٍ في وسط بيروت، الذين تضرر الكثير منها بشدة في الانفجار، فإنّ الولايات المتحدة تطلب من جميع دبلوماسييها العيش في مجمّع السفارة واتباع إجراءات أمنية صارمة عند مغادرتهم.

لقد كانت السفارة الأمريكية موجودة في بيروت إلى أن تم نقلها بعد عدة هجمات في الثمانينيات، بما في ذلك انفجار عام 1983 الناجم عن تفجير انتحاري بسيارة مفخخة، والذي فجّر واجهة السفارة وقتل 17 أمريكيًا و46 آخرين.

تثير هنا هذه المقال التي نشرتها صحيفة النيوروك تايمز الأميركية، إشكاليةً واضحةً هي معرفة الولايات المتحدة بخطر المواد الكيمائية، في وقت تتواجد فيه السفارات والقنصليات الغربية على شاطئ بيروت بينما تحمي أميركا دبلوماسييها وسفارتها في منطقة جبلية آمنة تجعل منها حصنًا منيعًا.
كذلك يطرح السؤال عن سبب تسريب هذه البرقية إعلاميًا، ألا يصبّ ذلك في حملة التوظيف السياسي تجاه ترامب لغاية إحراجه سياسيًا، في غضون معركته الانتخابية الحالية ودهاليزها؟

وبخصوص البرقية الدبلوماسية، التي تميزت بحساسيتها، فإنّها قد أرسلت من قبل سفارة الولايات المتحدة في لبنان يوم الجمعة.

تسرد البرقية أولاً مسؤولين لبنانيين كانوا على دراية بنترات الأمونيوم، وهو مركّب يستخدم عادةً في صناعة الأسمدة والقنابل، والذي وصل إلى بيروت في عام 2013 وتم تفريغه في عنابر الموانئ في العام التالي.

تشير البرقية إلى أنّ مستشارًا أمنيًا أمريكيًا عينه الجيش الأمريكي اكتشف المواد الكيميائية أثناء فحص سلامة المرفأ. وبحسب البرقية، فإنّ المستشار، بموجب عقدٍ مع الجيش الأمريكي، نصح البحرية اللبنانية من 2013 إلى 2016. وقالت البرقية إنّ المستشار "نقل إنّه أجرى عملية تفتيش على مرافق الميناء بشأن الإجراءات الأمنية، وأبلغ خلالها الميناء المسؤولين عن التخزين غير الآمن لنترات الأمونيوم ".

هذا وقد تم تخزين نترات الأمونيوم في ميناء بيروت منذ عام 2014.

ليس من الواضح متى تمّ نقل المعلومات؛ ومع ذلك، يقول العديد من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين الذين عملوا في الشرق الأوسط أنّ المستشار كان عادةً ما ينقل نتائجه على الفور إلى المسؤولين الأمريكيين الذين أشرفوا على العقد، في هذه الحالة السفارة أو وزارة الخارجية أو البنتاغون.

إنّ ما ذكر في فحوى البرقية هنا يتناقض مع ما رد به المسؤول الأميركي الرفيع المستوى، في اعتبار المقاول الأميركي في مهمة أو زيارة غير رسمية وليس بموظفٍ في حكومة الولايات المتحدة أو وزارة الخارجية.

وتعطي البرقية صفة المستشار الأمني لذلك المقاول، وبأنه مكلفٌ من الجيش الأميركي. وهنا نتساءل: لماذا تسمح البحرية اللبنانية لشخصٍ "مكلفٍ" من الجيش الأميركي بحسب ما جاء في البرقية إلى الدخول إلى مرفأ بيروت والعمل على تفقده والتأكد من سلامته، هل هي بموجب اتفاقية بين البلدين؟

وقال دبلوماسيون من الدول المتضررة من الانفجار إنّه ربما لم يكن هناك الكثير ممّا يمكن للولايات المتحدة فعله لإجبار الحكومة اللبنانية على نقل المواد، كما طلب مسؤولو الموانئ اللبنانية مرارًا وتكرارًا نقل المادة الكيميائية، ولكن دون جدوى.

إنّ نترات الأمونيوم مادةٌ شديدةٌ الانفجار، تستخدم في صناعة الأسمدة. كما أنّها تحظى باهتمامٍ كبيرٍ من قبل الحريصين على صناعة القنابل. هذا وقد تسببت القنابل المصنوعة من نترات الأمونيوم أكبر الخسائر التي تكبّدتها القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان. حيث أنّ بإمكان 100 رطل من نترات الأمونيوم فقط، اختراق قافلة عسكرية، ما يتسبب في خسائر كبيرة.

وهنا تثير هذه البرقية الشكّ في التفسير الأولي للحكومة اللبنانية حول سبب اشتعال نترات الأمونيوم: أنّ حريقًا اندلع في عنبر مجاورٍ مليء بالألعاب النارية ثم انتشر، مما تسبب في انفجار نترات الأمونيوم الأكثر تدميراً الذي دمّر معظم بيروت. وبدلاً من ذلك، يمكن ترجيح احتمال أنّ تكون الذخيرة المخزنة في المنفذ قد خلقت القوة اللازمة لتفجير نترات الأمونيوم. ح

يث أن سبب "الحريق الأولي لا يزال غير واضح - كما هو الحال فيما إذا كانت هناك ألعاب نارية أو ذخيرة أو أي شيء آخر مخزّن بجوار نترات الأمونيوم".

فيما استبعد المسؤولون الأمريكيون فكرة أنّ مستودع ذخيرة ربما يكون قد تسبب في الانفجار بعد أيام من تأكيد المسؤولين اللبنانيين على نظرية الألعاب النارية وأصدروا نفيًا متكررًا لإلقاء اللوم على الذخيرة المخزنة بالقرب من الانفجار.

وقد ألحق الانفجار الضرر بـ 40 ألف منزلٍ بما لا يقل عن 8 آلاف وحدة متضررة وغير صالحة للسكن.

خلال عطلة نهاية الأسبوع، قال وزير الدفاع مارك ت. إسبر إن الحكومة الأمريكية لا تزال غير متأكدة من سبب الحادث وأنه ربما كان نتيجة "شحنة أسلحة تابعة لحزب الله كانت قد انفجرت".

وقد نفى السيد حسن نصر الله "زعيم" حزب الله في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي أن يكون لترسانته أي علاقة بالانفجار. وقال "أنفي بشكلٍ قاطعٍ الادعاء بأن حزب الله لديه مخبأ أسلحة أو ذخيرة أو أي شيء آخر في الميناء".

 ما يمكن الإشكال عليه هنا في هذا السياق، ألم تكشف زيارة الخبير الأمني الأميركي إلى مرفأ بيروت عن حقيقة وجود سلاح لحزب الله في المرفأ؟ لماذا لم يشاهد ذلك السلاح؟

وإذا كانت البرقية قد وصلت، فلماذا الولايات المتحدة الأميركية لم تتحرك حينها؟

إن هذه البرقية التي أرسلت من السفارة الأميركية في وقتٍ في غاية الحساسية، والتي تكشف عن علمٍ أميركيٍّ مسبق بوجود هذه المواد القابلة للانفجار في أي زمن، والمسارعة إلى إعلان الشكوك من قبل المسؤولين الأميركيين للوصول أخيرًا إلى ترجيح احتمال أسلحة تابعة للحزب، إنما هي عمليةٌ أميركيةٌ ممنهجةٌ للعب على وتر الاتهام والتخوين وبث أتون الفتنة والحرب الأهلية والترويج لفكرة تدويل المرفأ بعد تدويل التحقيق