»

مترجم: "إسرائيل" تخسر..

30 تموز 2020
مترجم: "إسرائيل" تخسر..
مترجم: "إسرائيل" تخسر..

Nave Dromi - Middle East Forum

"عندما لا تفوز، فإنّك تخسر"، هذا ما قاله "بطل الحرب الراحل" السيناتور الأمريكي جون ماكين ذات مرة."

لقد فازت "إسرائيل" بالكثير من الحروب في تاريخها القصير نسبيًا، لكن آخر انتصارٍ صريحٍ جاء قبل نصف قرن تقريبًا، في عام 1973 عندما استطاعت هزيمة العرب. إلاّ أنّ محاولة القضاء على الدولة اليهودية باتت قائمة، وللمرة الثالثة، منذ ما يقارب 25 عامًا.

يمكن القول منذ ذلك الوقت، وخاصة في العقود الأخيرة، أظهرت "إسرائيل" عدم القدرة على الانتصارات العسكرية في ساحة المعركة.

هذا ما افتتح به الكاتب الإسرائيلي Nave Dromi مقاله بعد آخر التطورات التي شهدها الكيان، مضيفًا، "لحسن الحظ، فإنّ النيران الأخيرة على الحدود الشمالية لإسرائيل خلال تسلل مقاتلي حزب الله انتهت بشكل جيد لإسرائيل بسبب يقظة واحتراف جنود جيش الدفاع الإسرائيلي الذين يقومون بدوريات على الحدود". ومع ذلك، فإن هذا الهجوم الوقح عبر حدودنا، ليس بعيدًا عن مجتمعاتنا المدنية، يدل على أنه بعيدًا عن الشعور بالهزيمة، يشعر العديد من أعداء إسرائيل الحاليين بالجرأة وعدم الردع".

إنّ هذا السيناريو الذي ذكره الكاتب، يحتاجه الإسرائيلي ويتمسك به، لتغطية المهزلة الكبرى التي تعرض لها، بعد مقولة المقاومة الإسلامية في لبنان "الجيش الإسرائيلي يقاتل نفسه"، ونفيها لأيّ محاولة تسلل وأن الردّ الموعود على آخر اعتداءٍ إسرائيليٍّ قادمٌ لا محالة.

وبحسب الكاتب، "يجب أن نتذكر أن حزب الله ليس مجرد منظمة إرهابية فقط، بل مجموعة متورطة في أسر الدولة. حيث تسيطر المنظمة الشيعية المدعومة من إيران إلى حدٍّ كبيرٍ على "جارنا لبنان"، إلى الشمال إنّها تسيّطر على القيادة والحكومة وحتى الجيش ".

ويدخل Nave Dromi في عمق الداخل اللبناني، ليتحدث عن خصوم الحزب سياسيًا، فيقول "أولئك الذين يقفون ضده، أو حتى أولئك الذين يعتبرهم قادة حزب الله أنّهم يهدّدون قبضته الحديدية، يتم التعامل معهم بقسوة، وهذا ما يحصل مع المتظاهرين ضد الصعوبات الاقتصادية في لبنان".

إنّ الكيان الإسرائيلي، وللتخفيف من وطأة الهزيمة التي تجرعها من حزب الله، يعمل على تضخيم حجم الحزب من حيث لا يدري، ويعتبره مسيطرًا على زمام الأمور في الدولة اللبنانية بدعم من الجمهورية الإسلامية في إيران. كما يسمح لنفسه بالتدخل في الشأن الداخلي اللبناني عبر العمل على دسّ السمّ سياسيًا.

علاوة على ذلك يعرج الكاتب على سلاح المقاومة، واصفًا إياه بـ "ترسانةٍ لمنافسة معظم الجيوش في العالم.  وبحسب أقل التقديرات، فإنّ للحزب حوالي 14000 صاروخ زلزال 2 ، والذي يصل مداه إلى 200 كيلومتر ، وبين 100000 و 150.000 صاروخ غير دقيق. هذا بدون صواريخ فتح -110 وصواريخ سكود- بي / سي، التي يمكن أن تغطي إلى حدٍّ كبير كلّ شبر من الأراضي الإسرائيلية وهو أمر افتخر به زعيم حزب الله حسن نصر الله علنًا ​​في الآونة الأخيرة".

في حين تمتلك حماس مخزونًا يتراوح بين 5000 و20000 صاروخ معظمه قصير المدى.

لم يزل هذا السلاح، الذي خاضت "إسرائيل" حربًا عدوانية طالت لبنان بمعظمه، دامت 33 يومًا، بهدف نزعه وإضعاف لبنان، وذلك بالتآمر مع المجتمع الدولي والداخل اللبناني؛ الرادع الأساسي والوحيد الذي يمنع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ومشيّدًا لمعادلة قوة لبنان في قوته وليس في ضعفه.

لكن أعداءنا في الشمال، يكمل Dromi، "رأوا كيف تتعامل إسرائيل مع حماس، وهي منظمة تتضاءل بشكل كبير في التهديد الاستراتيجي لها. إنهم يرون كيف أن "إسرائيل" غير راغبةٍ أو غير قادرةٍ على هزيمة الجماعة الإرهابية المتمركزة في غزة". ويضيف، "إنهم يولون اهتماما وثيقا لكيفية إطلاق حماس صاروخا بعد صاروخ، متى اختارت، على إسرائيل، مع ما يبدو أنّها حصانة وإفلات من العقاب. إنّهم يشهدون على حقيقة أنّ إسرائيل نادرًا ما تعمل على قصف بعض المباني الفارغة ردًّا على ذلك، ثم تندفع بعجلةٍ غير لائقةٍ على ما يبدو للمطالبة بوقف إطلاق النار".

وهنا، يثبت الكاتب معادلة الضعف الإسرائيلي المتجذّر، والتآكل على المستوى الدفاعي والعسكري، فإذا كانت حماس التي لم تتجاوز قدرتها الصاروخية بحسب التقديرات العشرين ألفًا من تلك القصيرة المدى، فما شأن "إسرائيل" أمام القدرة الصاروخية الهائلة للحزب التي يعمل جاهدًا على تقديرها والتي لا زال الحزب يخفي الكثير منها أمام التعداد الإعلامي.

ثم يطرح الكاتب قضية دعم قطر لحركة حماس معلّقًا "ربما يكون مسؤولو حزب الله مندهشين، أو على الأقل، مستمتعين، عندما تسمح إسرائيل لعدو آخر"قطر"، بجلب عشرات الملايين من الدولارات في حقائب لتجديد خزائن حماس كلما شاءت، وبموافقة الحكومة الإسرائيلية".

ويخلص Dromi إلى "نتيجةٍ بسيطةٍ ولكنها بارزة: لقد فقدت إسرائيل ردعها؛ ليس بطريقة نظرية أو أكاديمية، ولكن بمعنىً حقيقيٍّ جدًا. لقد أصبحت عدم رغبتها في هزيمة أعدائها أبرز نقاط ضعفها، وفي هذا الجزء من الضعف، ينقضّ العالم عليه".

ترى طهران ووكلاؤها في لبنان، بتعبير Dromi أنّ "إسرائيل قويةٌ عسكريًا من خلال امتلاكها للأسلحة الثقيلة في المنطقة وخارجها. إنّهم يعرفون أنّ إسرائيل لديها القدرة على إلحاق خسائر فادحة بأعدائها. إنّ التفجيرات "الغامضة" الأخيرة في إيران، واستهداف منشآت وعملاء إيرانيين وأفراد حزب الله في سوريا، ما هو إلاّ دليلٌ على ذلك".

بعد تعبير الكاتب "أنّ إسرائيل قويةٌ عسكريًّا، لكنها غير راغبةٍ في إلحاق خسائر فادحة بأعدائها"، فإنّه بذلك يترجم مدى الشلل في اليد الإسرائيلية عن القيام بحربٍ مباشرةٍ مع عدوه القريب، وهو يعمل على سلسلة من الجرائم والاعتداءات الغامضة "البعيدة جغرافيًّا" من دون تبنيها. وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدلّ على سقوط فرضية الحرب الإسرائيلية على لبنان في المدى المنظور على أقل تقدير.

كان يقال "أنّ إسرائيل تحتاج إلى ميزة استراتيجية للبقاء في الشرق الأوسط، ولهذا السبب سعت نحو استثمار وتطوير أعظم الأسلحة والتكنولوجيا. ومع ذلك، فإنّه غير ذي أهميةٍ إذا لم تكن هناك أيّ رغبةٍ في استخدامه". وهنا يقترح الكاتب، أنّه "يتوجب على إسرائيل استعادة ما يشبه الردع، لتغيير النموذج الحالي. وللقيام بذلك، يجب البدء في التفكير في كيفية الفوز مرة أخرى. بالطبع، سيقول البعض، إن هزيمة المنظمات الإرهابية ليست مثل هزيمة الجيوش النظامية أو الدول الأخرى".

ويطرح هنا Dromi أنّ "حماس وحزب الله كلاهما في الأساس، إن لم يكن في الواقع، مسؤولين عن المناطق التي يقيمون فيها. وعليه، فإنّ لديهم نقاط ضغط مثل جميع الحكام وأولئك الذين يحكمون الأراضي".

علاوة على ذلك، أضاف الكاتب، "أنّ فكرة أنّه لا يمكن هزيمة المنظمات الإرهابية هي فكرة قديمة. و"الدولة الإسلامية في العراق" و"نمور التاميل" في سريلانكا، الذين هُزموا ودُمِّروا، دليلٌ على ذلك".

"لا يمكن لإسرائيل تحمّل هجمات صغيرة متواصلة من لبنان مثل تلك التي شهدناها بشكل منتظم ينذر بالخطر من غزة كل هذه السنوات. إذا تدهور الوضع، واضطر المزيد من المواطنين للعيش تحت التهديد اليومي للهجمات، بكل ما يعنيه اقتصاديًا واجتماعيًا ووطنيًا، فقد يصبح الموت الفظيع أهون من ذلك".

وفي هذا الصدد، رأى أنّ " إسرائيل تحتاج إلى تغيير عقليتها، أو الأفضل من ذلك، العودة إلى نهجها السابق، الذي رأى أنها تهزم أعداءها حتى لا يتمكنوا من رفع رؤوسهم مرة أخرى ضدها. يجب أن يُسمح لنا باستخدام نقاط قوتنا العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية الواضحة لضمان انتصار ضد أولئك الذين يكون سبب وجودهم هو تدمير دولة إسرائيل". واستطرد قائلاً: "قد يبدو هذا بالطبع بعيد المنال بالنسبة للمواطن الإسرائيلي العادي، ولكن حقيقة أنه نبقى هدفًّا لأعدائنا، يعني أنّهم لا يتمّ ثنيهم أو ردعهم، ممّا يبقي خطرهم بشكل دائم".

وختم Dromi بالقول "سوف يتدهور الوضع بشكل كبير، كلما طال حلمهم واستمرت إسرائيل في إظهار الضعف. السبيل الوحيد لوقفها هو العودة إلى عقلية الانتصار، لأنه كما قال السناتور ما كين، إذا لم نفز، فإننا في الواقع نخسر".

إنّ جملة ما قدّمه الكاتب، تثبت الخلل في العمق الإسرائيلي على مختلف المستويات، الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وما يعانيه من "الرعب" القائم بعد سقوط سياسة الردع الإسرائيلية. حيث انّ المجتمع الإسرائيلي لم يعد يتحمل أعباء السياسات الإسرائيلية العدوانية تجاه المنطقة وبات يبحث عن مجرد استعادة أمنه المخترق.

إن استشهاد الكاتب بهزيمة المجموعات الإرهابية هو أبعد ما يكون عن المنطق، فقد كان للعدو الإسرائيلي تجارب مؤلمة في جنوب لبنان، جعلته يكتشف أن حزب الله لا يدخل في عديد الجيوش النظامية ولا المجموعات الإرهابية بل هو تجربةٌ فريدةٌ على المستوى العسكري باعتراف كبار ضباطه والمحللين العسكريين.