»

مترجم: تجديد "القوة الناعمة" الأمريكية: نحو تركيز رسالة أمريكا إلى العالم

22 تموز 2020
مترجم: تجديد "القوة الناعمة" الأمريكية: نحو تركيز رسالة أمريكا إلى العالم
مترجم: تجديد "القوة الناعمة" الأمريكية: نحو تركيز رسالة أمريكا إلى العالم

Real Policy Research Institute - Haroro J. Ingram - Alexander Guittard

هذا المقال التحليلي صادرٌ عن معهد السياسة الخارجية للأبحاث، وهو عبارةٌ عن تشخيصٍ لوضع الولايات المتحدة الحالي على مستوى السياسة الدولية، حيث أنّ أدواتها العسكرية والدبلوماسية التقليدية باتت أقلّ فعاليةٍ ضدّ مجموعةٍ من الخصوم، الذين لديهم رسائل مركزية ونفوذ وأنشطة إعلامية، لتقويض المصالح الأمريكية. وحيث يصف المقال، النظام الليبرالي العالمي بالمتآكل، وينعى الديمقراطية المتراجعة المنسوب عالميًا، فإنّه يقدم مجموعةً من التوصيات، التي يجب على الولايات المتحدة اتباعها لتحسين وضعها الدولي على مستوى التأثير في القرار الدولي العالمي عن طريق إيصال الرسائل الأميركية بقوة إلى مختلف أنحاء العالم. ويهدف الكاتبان الأميركيان Haroro J. Ingram - Alexander Guittard من مقالهما هذا إلى الترويج إلى مفاهيم إنقاذ الديمقراطية مقابل ما يسمونه بـ "الاستبدادية" المتمثلة بالثنائي الروسي الصيني، ومحاولة تقديم الحلول العملية لذلك. وهو يقع في سياق الرسائل الاعلامية الهادفة للتسويق لفكرة الدفاع عن القضية الديمقراطية العالمية على أنه أكثر من مجرد حقٍّ أخلاقيٍّ، بل هو ضرورةٌ استراتيجيةٌ لحماية مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

إنّ التهديد الذي يتعرض له النفوذ الأمريكي من أنشطة الدعاية من قبل مجموعةٍ من الجهات الفاعلة – بدءاً من قوىً دوليةٍ مثل جمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي، وصولاً إلى الجماعات الغير حكومية الفاعلة دوليًا - هو أحد أكثر التحدّيات إلحاحًا لسياسة الولايات المتحدة الخارجية ومصالح الأمن القومي الأميركي. وفي إطار ذلك، فإنّ حكومة الولايات المتحدة باتت ضعيفة الموقف، للتنافس بشكلٍ فعالٍ في هذا المسرح الحيوي، للقرارات الحاكمة في القرن الحادي والعشرين.  وفي ظلّ ركودٍ ديمقراطيٍّ عالميٍّ متزامنٍ مع عودة "الاستبدادية" إلى عقدها الثاني، تعثرت جهود الرسائل العامة الأمريكية في كثير من الأحيان، في حين تعمل حملات التأثير بشكلٍ بارزٍ، وخاصةً تدخّل الحكومة الروسية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، ومؤخرًا، تدخّل الحزب الشيوعي الصيني، لاستغلال وباء الفيروسات التاجية، للكشف عن ضعف الحكومة الأمريكية.

لقد تمّ الكشف عن الأزمة المتمثلة بـ "القوة الناعمة" الأمريكية مؤخرًا من قبل وزير الدفاع السابق روبرت غيتس الذي قال: "على عكس الصين وروسيا، تفتقر الولايات المتحدة الآن إلى استراتيجيةٍ فعّالةٍ لإيصال رسالتها ومواجهة رسائل منافسيها". واقترح أنّ الولايات المتحدة "ستضطر إلى إصلاح رسائلها العامة" مع "منظمةٍ جديدةٍ رفيعة المستوى؛ لتمكين التواصل الاستراتيجي المتّسق باستخدام جميع الأماكن المتاحة". وبناءً على كلام غيتس، يطرح الكاتبان الأميركيان مجموعة توصيات في هذا الخصوص:

-      بعد لعب الأميركي مجموعةً من الأدوار في إطار الأمن القومي والسياسة الخارجية المعنية بالتأثير والرسائل العامة، لا بد من تبنّي دعوة غيتس للدفاع عن سبب الحاجة الماسة إلى وكالة مركزية للرسائل العامة الأمريكية.

-      هذه الآلية تمّكن من إعادة التأثير للجهود الأمريكية، في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها سيلًا من أنشطة التأثير المناهضة للديمقراطية، لتكون القيادة الأمريكية حاسمة في الصراع العالمي بين "الديمقراطية الليبرالية" و"الاستبدادية".

ملء الفراغات

إنّ الجدل حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة إنشاء آليةٍ مركزيةٍ مسؤولةٍ عن الرسائل العامة هو موضع خلاف. حيث تميل الحجج المضادة على نطاق واسعٍ إلى الادعاء بأمرين، يتمثل الأول بأنّ وكالةً حكوميةً أمريكيةً كافيةٌ للمهمة وأنّ المزيد من البيروقراطية والمركزية ليست الحلّ. أمّا الأمر الثاني فيتمثّل في أنّ الولايات المتحدة ليست رسولًا موثوقًا وأنّ مهمة المراسلة العامة يجب أن تترك للآخرين. يعتبر الكاتبان أنّه؛ في حين أنّ لهذه الحجج نقاطًا ذات مصداقية، فإنّ كلاً منها على التوالي يتخطى فراغين حاسمين يمثلان نقاط ضعفٍ ومخاطر مهمّةٍ للولايات المتحدة ومصالحها.

الفراغ الأول هو بيروقراطيٌّ إلى حدٍّ كبيرٍ، حيث تعدّ الوكالات المشتركة بين الولايات المتحدة آلةً استثنائيةً، لكن الكفاءات الأساسية لوكالاتها ليست في مجال توجيه الرسائل العامّة. يتحمّل كلٌّ من وزارة الخارجية ووزارة الدفاع ومجتمع الاستخبارات مسؤوليات "التأثير" من جهاتٍ مختلفةٍ، ولكنها في أفضل الأحوال، أولوياتٌ ثانويةٌ، وعندما يتمّ تنفيذها، فإنّها غالبًا ما تكون منسّقة بشكلٍ غير كافٍ. والنتيجة هي الرسائل التي غالبًا ما تزعج أكثر ممّا تقنع. كما أكّد غيتس، "إنّ العديد من الكيانات لها يدٌ في الاتصالات الاستراتيجية، بما في ذلك البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع ووزارة الخزانة ووكالة المخابرات المركزية والوكالة الأمريكية لوسائل الإعلام العالمية، ولكن في الغالب، يذهب كلٌّ منها بطريقته الخاصّة، والنتيجة هي العديد من الفرص الضائعة ".

على سبيل المثال، كانت جهود الاتصالات التي تبذلها حكومة الولايات المتحدة استجابةً لـ COVID-19، حتى الآن، واحدة من هذه الفرص الضائعة. بصرف النظر عن ادعاء التضليل الروسي والصيني، لم يكن لدى الولايات المتحدة روايةٌ مقنعةٌ وموحّدةٌ مدفوعةٌ باستراتيجية اتصالاتٍ استباقيةٍ استجابةً للفيروس. حيث سلّطت بعض الاتصالات الرسمية في وزارة الخارجية الضوء على مساعدات التنمية الأمريكية والتبرعات الخاصة للمناطق المتأثرة بـ COVID-19، لكن هذه التقارير طغى عليها إصرار كبار المسؤولين الأمريكيين على الإشارة إلى COVID-19 على أنّه "فيروس ووهان" خلال محادثات مجموعة السبعة. ما سهل الهجمة الروسية على نيويورك، حيث وفرت هذه الحالات فرصًا للخصوم لتحديد نغمة تعثر الاتصالات الأمريكية. إنّ الافتقار إلى آليةٍ مركزيةٍ لترابط الرسائل العامّة الأمريكيّة، قد جعل نشرها مهمّةً صعبةً، وقد أعاقتها بالفعل مجموعةٌ من المشاكل إلى درجة الاستحالة.

منذ عام 2017، سعت الحكومة الأمريكية إلى تعزيز موقفها للتعامل مع التهديدات الدعائية والتضليل. استفاد من هذه الجهود مركز المشاركة العالمية التابع لوزارة الخارجية (GEC)، المسؤول عن تنسيق الأنشطة الإعلامية للحكومة الأمريكية بالمعنى العملي والاستراتيجي. ومع ذلك، فإنّ تفويض الكونجرس واستراتيجيته الداخلية واضحان أنّهما غير مسؤولين عن إنتاج ونشر الرسائل نيابةً عن حكومة الولايات المتحدة. كما تمّ تحليله في تقييمٍ حديثٍ لموقف الولايات المتحدة في هذا المسرح، فإنّ تركيز GEC على التنسيق، ولكن ليس التواصل المباشر، هو في نواحٍ كثيرةٍ نتيجة إرث مؤسساتي في عهد أوباما، وجهد متعمّدٍ لتضييق تركيز GEC على كونها "القوة المضاعفة" عبر الوكالات الحكومية الأمريكية وشركائها متعددي القطاعات. ببساطة، لا يزال هناك فراغٌ في تنسيق التواصل في قطاع معلومات الأمن القومي والسياسة الخارجية في الولايات المتّحدة، والذي يمكن معالجته على أفضل وجهٍ، بحسب الكاتبين، من خلال مركزيةٍ مسؤولةٍ عن إنتاج رسائل "بيضاء" تحمل علامةً تجاريةً أمريكيةً تعمل بمثابة "طبلة" الاتصالات بين جهود الوكالات على أوسع نطاق.

الفراغ الثاني يحمل طبيعة أكثر استراتيجية، ويتمثل بتآكل النظام العالمي الليبرالي، الذي كانت للولايات المتحدة اليد الطولى في تأسيسه بعد الحرب العالمية الثانية. منذ عام 2006، شهدت الديمقراطية العالمية ركودًا سنويًا في عددٍ من الديمقراطيات. الوضع الديمقراطي يزداد سوءًا، وتلعب الأنشطة "المعادية للديمقراطية" من قبل الخصوم الحكوميين وغير الحكوميين دورًا رئيسيًا إلى حدٍّ كبيرٍ، في هذه الديناميكيات. يمكن القول إنّ "النهضة الاستبداديّة العالميّة" المتزامنة قادها الحزب الشيوعي الصيني، الذي يربط بوضوح حماية المصالح الصينية بتدمير النظام العالمي الليبرالي، إزاء ذلك، على الولايات المتحدة أن تقوم بدورها لضمان صحة "الديمقراطية العالمية" بحسب رأي الكاتبين.

إنّ البيئة الدولية الحاضنة لها دورٌ بالغ الأهمية لتحقيق مرونة الديمقراطية، وقد عملت الولايات المتحدة تاريخياً كزعيمٍ عالميٍّ لهذا الجهد. وكما يجادل لاري دايموند، "من الصعب المبالغة في مدى أهمية حيوية وثقة الديمقراطية في الولايات المتّحدة في التوسّع العالمي للديمقراطية". في القرن الحادي والعشرين، ظهرت الحكومات الغربية في كثير من الأحيان، ليس فقط بشكلٍ غير مبالٍ بالقضية الديمقراطية العالمية، بل على استعدادٍ لتمييع أو تعليق الوعود والحريات الديمقراطية بطرقٍ بدت بشكلٍ فاضحٍ ومتزايد. إنّ مثل هذه الجروح الذاتية للديمقراطية؛ لا تقلل فقط من جاذبية القضية الديمقراطية في الداخل، ولكن في الخارج أيضًا. وحيث يعتبر الكاتبان الأميركيان أنّ الدفاع عن القضية الديمقراطية العالمية بصدقٍ؛ هو أكثر من مجرد واجبٍ أخلاقيّ، لكنه يخدم المصالح الفضلى للولايات المتحدة وحلفائها. وللقيام بذلك، فإنّهما يقترحان أنّه يجب على الولايات المتحدة تجديد الاستراتيجية لمواجهة تحديات فن الحكم في القرن الحادي والعشرين.

العصر الجديد للحكم السياسي والدبلوماسي: طريق إلى الأمام

اليوم، تواجه الولايات المتحدة حقبةً جديدةً من الحكم على مستوى السياسة الدولية والعلاقات الدبلوماسية، حيث أنّ أدواتها العسكرية والدبلوماسية التقليدية باتت أقلّ فعاليةٍ ضدّ مجموعةٍ من الخصوم الذين لديهم رسائل مركزية ونفوذ وأنشطة إعلامية لتقويض المصالح الأمريكية. حاليًا، لا توجد آليةٌ شاملةٌ لتنسيق رسائل الحكومة الأمريكية إلى العالم، وتقييم تلك الجهود، ومواءمة المعرفة والمهارات، والتدريب على عملية الاتصالات المقنعة، وذلك بهدف الحصول على أنشطة إعلامية تكتيكية بشكلٍ كبيرٍ ومتخصّصة.

من هنا يقول الكاتبان إنّ آلية جديدة مطلوبة، من الناحية المثالية، كوكالة مستقلة لوزارة الخارجية. لن تكون هذه الوكالة الجديدة وكالة معلومات أمريكية جديدة (USIA)، تدير إدارة تقديم البرامج الثقافية والتعليمية والمعلوماتية كما فترة الحرب الباردة، بل سيظل تنفيذ هذه الأنشطة على مستوى مكتب الشؤون العامة في وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية لوسائل الإعلام العالمية. ستبقى وزارة الدفاع ومجتمع المخابرات الأمريكية معنيةً بعمليات التأثير. وبدلاً من ذلك، ستكون الوكالة الجديدة مسؤولة عن أربع وظائف توحيديةٍ رئيسيةٍ عبر حكومة الولايات المتحدة.

أولاً وقبل كل شيء، ستكون مسؤولة عن إنتاج رسائل عامةٍ تحمل علامةً تجاريةً أمريكيةً مصمّمة لإقناع الجماهير الأجنبية لدعم القيم والحريات الديمقراطية الليبرالية. سيكون من الضروري لهذه الرسائل أن تعزّز الطرق العملية والملموسة التي دعمت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها الديمقراطيون الانتخابات الحرّة والنزيهة، وحقوق الإنسان، والحريّات الأساسيّة حول العالم؛ كما أنّه سيضّخم مدى وتأثير برامج المساعدة والتنمية.

ثانيًا، يجب أن تكون الوكالة الجديدة مسؤولة عن شراء الوسائط ونشرها على القنوات غير المملوكة للحكومة الأمريكية أو التي ترعاها. في الوقت الحالي، إذا أرادت وكالة حكومية أمريكية الوصول إلى جمهور خارج القنوات المملوكة للحكومة، مثل صفحة فيسبوك للسفارة، فإنّها تشتري مساحةً إعلانية، وإن كان ذلك مع مجموعة من القيود المرهقة. تقوم معظم الشركات متعددة الجنسيات، والديمقراطيات الكبيرة الأخرى، بمركزية شراء وسائل الإعلام العالمية لتحقيق سعة في الحجم.

من خلال الإدارة المركزية لشراء وسائل الإعلام، ستُكلف الوكالة الجديدة أيضًا بقياس عائد الاستثمار للإنفاق الإعلامي الحكومي الأمريكي – وهذه ستكون وظيفتها الرئيسية الثالثة. حيث تختلف الولايات المتحدة عن المعلنين التجاريين من حيث أنّها لا تبيع منتجًا وتحظر بشكل عام تتبع الجماهير، على سبيل المثال باستخدام ملفات تعريف الارتباط لبناء ملفات تعريف الجمهور. ونتيجة لذلك، لا يتمّ قياس معظم جهود الاتصالات الحكومية بنفس الطريقة التي يتم قياسها على في الأمور التجارية الصناعية على الإطلاق.

أمّا الوظيفة الرابعة ستكون تطوير وتنفيذ النظام الشامل والتدريب على حرفة الاتصالات المقنعة. قد يتطلب ذلك خدمةً اتحاديةً جديدةً مسؤولةً عن تجنيد وتدريب وتطوير سلاحٍ محترفٍ مشترك، يتمّ نشرها بعد ذلك عبر الوكالات لتقديم الدعم المتخصص. وتعيق الجهود الحالية التي تبذلها الولايات المتحدة بسبب الافتقار إلى النظام المشترك والتدريب والحرفية.

ستسمح هذه الوظائف الأربع بتحسين التنسيق والفعالية عبر أرخبيل الرسائل الحالي للحكومة، مع الاستمرار في الحفاظ على فوائد المناهج المحدّدة للقطاعات والأكثر محلية، التي توفرها أنشطة الوكالات المختلفة. إنّ مديري الاتصالات - ضابط الشؤون العامة في السفارة أو رئيس فريق عمليات المعلومات العسكرية - لن يكون مثقلًا بمستوى آخر من الموافقات، ولكن بدلاً من ذلك سيتم تزويدهم بمجموعة مشتركة من الموارد والمتخصصين للاستفادة منهم عند الحاجة. إن توحيد تصميم ونشر قيم عالمية "بيضاء" توفر "طبلة" مطرّدة من الرسائل للعالم، لن يعمل فقط كحافزٍ للجهود المشتركة بين الوكالات بل وحتى الحلفاء، بل أيضًا في تحقيق وضعٍ أفضل للولايات المتحدة لمكافحة عمليات التأثير العدائية.

إنّ التفويض التشريعي هو عامل حاسم آخر، حيث إنّ إنشاء وكالة جديدة مسؤولة عن هذه المهام الأربع يتطلب تغييرًا تشريعيًا وقيادة قوية من البيت الأبيض. لقد أظهر الكونغرس اهتمامه في تعزيز قدرات التأثير الأمريكي من خلال مجموعةٍ من الفواتير في السنوات الأخيرة. فقد تضمنت معظم هذه التغييرات دعم أو تعديل الهياكل القائمة بدلاً من نوع التغييرات الهامة والضرورية لإعادة وضع الوكالات بين الولايات المتحدة لمواجهة تحديات فن الحكم في القرن الحادي والعشرين. من غير المرجح أن تتولى إدارة ترامب هذه المهمة في عام 2020، ولكن ينبغي على الإدارة المستقبلية فعلها سواء كانت بقيادة ترامب أو بايدن.

ضرورةٌ أخلاقيةٌ واستراتيجيةٌ

في الوقت الذي تتصارع فيه الولايات المتحدة مع جائحةٍ تدّمر مجتمعاتها، واضطراباتٍ مدنيّةٍ تكشف عن توتراتٍ اجتماعيةٍ عميقة الجذور، واقتصادٍ يقع في ركود، قد يجادل البعض بأنّ الوقت ليس مناسبًا الآن لإصلاح كيفية تواصل أمريكا مع العالم. نظرًا لرغبة أعداء أمريكا في استخدام عمليات التأثير لاستغلال هذه الأزمات وغيرها، ربما يكون هناك حجة أكثر إقناعًا بأنّ الاضطراب الحالي هو بالضبط سبب الحاجة إلى أن يكون جهد النفوذ الأمريكي أكثر قوة وتنسيقًا. قد يشير آخرون إلى خطاب وسياسات الإدارات الحالية والسابقة؛ ليجادلوا بأن أمريكا ليست رسولًا موثوقًا لقضية الديمقراطية. لكن هذا سيتجاهل أهمية أمريكا التاريخية في مثل هذه الجهود واستمرار وجهات النظر الإيجابية للولايات المتحدة في الخارج، بالمقارنة مع الصين أو روسيا خاصّةً. حيث حذّر رونالد ريغان من أنّ "الحرية هي شيءٌ هشٌّ ولا تبعد أكثر من جيلٍ واحدٍ عن الانقراض". إنّ الدفاع عن القضية الديمقراطية العالمية هو أكثر من مجرد حقٍّ أخلاقيٍّ، فهو ضرورةٌ استراتيجيةٌ لحماية مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. للقيام بذلك بشكل فعّالٍ، ستكون الإصلاحات الهامّة لقطاع الإعلام الأمريكي أمرًا حيويًا.