»

الاهداف الاستراتیجیة الخمسة للامام الخمیني

03 حزيران 2020
الاهداف الاستراتیجیة الخمسة للامام الخمیني
الاهداف الاستراتیجیة الخمسة للامام الخمیني

رغم ان بعض علماء الدین الاسلامي قد اشاروا منذ فترة طویلة اشارة عابرة في احكامهم الفقهیة الی ضرورة التمتع بالقدرة و السلطة من اجل تنفیذ الاحكام الاسلامیة ، لكن یمكن القول و بجرأة بانه لم یتجرأ احد مثل الامام الخمیني (ره) ان یتخذ مثل هذه الاستراتیجیة و یعد العدة من أجل تطبیق هذا المشروع و ان یربي الافكار و القوی و الكوادر اللازمة لها .

في الواقع ان عرض و شرح الابعاد و الجوانب الوجودیة للامام الخمیني (ره) لیس بالامر السهل فاعمال و افعال هذا الرجل الثوري الشجاع منشأ للخیر و البركة للمجتمع الاسلامي بحیث یمكن الادعاء و بجرأة بانه بعد عصر و زمان اهل البیت (ع) لم یستطیع احد ان یترك تأثیراً علی المجتمع الاسلامي الی هذه الدرجة و ان یحیی آمال الاسلام المحمدي الاصیل في المجتمع و العالم الاسلامي. فهذه الشخصیة المتعددة الجوانب و الابعاد تمكنت من خلال طرح نظریة ولایة الفقیه و تشكیل و تأسیس الحكومة الاسلامیة و ادارتها ان یبث الامل و النور و الحیاة في كیان المجتمع الاسلامي و یدب الروح فیه، و حتی ان بعض الفلاسفة المعاصرین اعلنوا بصراحة ان احیاء اسمه و ذكره هو احیاء لاسم و ذكر و ثقافة اهل البیت (علیهم السلام)، و ذلك لان الطریق و الاشواط التي قطعها من اجل تأسیس الحكومة الاسلامیة و تأصیل المبادئ و الواجبات الدینیة و الاجتماعیة كانت حركة علی صعید احیاء ثقافة اهل البیت (علیهم السلام) .

جوانب مذهلة من الابعاد الوجودیة للامام الخمیني (ره)

كانت شخصیة الامام الخمیني (ره) شخصیة شاملة اكتسبت مستویات اخلاقیة و عرفانیة و فقهیة و سیاسیة و اجتماعیة و اداریة و رغم تواضعه و بساطته وقف علی اكبر موقع لادارة شؤون البلد و اربك جمیع الموازنات و المعادلات المعقدة للعالم الرأسمالي .

  1. الجانب الاول : البعد او الجانب العلمي :

ان احد جوانب وجود الامام الخميني هو المساعي و الجهود التي بذلها من اجل اكتساب العلوم و المعارف الاسلامیة و بلوغه درجة و مستوٍ راق من المعرفة و الفكر الاسلامي. و عندما ندرس حیاة وسیرة العلماء العظام و الكبار للتاریخ الاسلامي فانه علی رغم الاعتراف بمكانتهم في المجتمع ، الا اننا نراهم لم یبلغوا المرحلة التي بلغها الامام الخمیني (ره) .. اذ كان الامام (ره) یقف في طلیعة العلماء في اربعة فروع علمیة اساسیة في الحوزة العلمیة، كعلم الفقه ، و مبادئ الفقه و الفلسفة و العرفان الاسلامي. و كان من بین افضل الخبراء و اصحاب الرأي في هذه العلوم . و فیما یتعلق بمستوی المحاضرات العلمیة للامام الخمیني(ره) و دروسه یقول ایة الله الی مصباح الیزدي : في عام 1952م و لمواصلة دراستي شاركت في أحد محاضراته التي كانت تقام في مسجد محمدیة ( في مدینة قم) فوجدته انه الافضل سواء من حیث اسلوب التدریس و اسلوب الخطاب و التعبیر حیث كان كلامه بلیغ جدا، او من ناحیة تنظیم المواضیع ، حیث كان یعرفقراءة افكار الاخرین و دراستها و نقدها .

  1. جانب العرفان العلمي و الاخلاقي :

رغم ان الامام (ره) كان قد بلغ مرتبة و درجة عالیة من الناحیة النظریة الا انه كان قد بلع مراحل عالیة علی صعید العرفان العملي و كذلك الاخلاقي و هذا الامر یبرز جلیاً في سیرته العلمیة و السلوكیة، و كذلك في كتبه . و بما أن سماحته كانت لدیه أعمال ثقافیة و سیاسیة و اجتماعیة و دولیة كثیرة، الا ان هذه الامور لم تجعله ینسی او یتهاون في شؤونه الاخلاقیة و العرافانیة بحیث یمكن القول بأنه كان احد المصادیق الواضحة لهذه الایة حیث یقول سبحانه و تعالی: «رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ» و الحقیقة أنه اذا اراد شخص ما دراسة الشخصیة العرفانیة للامام نلاحظ أن أحد جوانب وجوده و كینونته الذاتیة هي التركیز علی عبودیته لله عزوجل.

  1. البعد السیاسي و الاجتماعي للامام (ره)

یمكن القول و بجرأة بانه بعد نهایة عصر و زمن تواجد اهل البیت (ع) لم یدخل شخصیة في التاریخ الاسلامي بحجم و عظمة الامام الخمیني الی عالم الادارة السیاسیة و الاجتماعیة، فرؤیته الاداریة و السیاسیة كانت نابعة من حیاته التوحیدیة المفعمة بالتقوی، فلیس من السهل ان یصبح انسان بلغ مرحلة علیا في القضایا و الابحاث الفقهیة و الاصولي و كذلك في الابحاث العرفانیة الشاقة و المعقدة، رجلاً خارقاً في تاریخ الادارة السیاسیة، فادراك هذا الامر لیس بعمل هین. ففي مرحلة من الزمن الذي لایستطیع فیه الانسان ان یحدث أقل تأثیراً في محیطه ، تمكن الامام الخمیني برؤیته التوحیدیة و ادارته السیاسیة الذكیة ان یقوم بعمل لم یدهش العالم الاسلامي فحسب، لم أن عالم الرأسمالیة و العلمانی اندهشت من قدرة نفوذه و تأثیره .

و في الحقیقة یمكن القول بأن الادارة السیاسیة للامام الخمیني (ره) قد دمرت اسس الفكر العلماني الرأسمالي و قدمت رؤیة و مشروع جدید من النظام العالمي الی البشریة و العالم نظام عالمي یحاول تعزیز و ارساء اسس الحضارة الاسلامیة ، نظام جدید یسعی الی الدفاع عن حقوق المظلومین ، و الوقوف بوجه المستكبرین و المتغطرسی المهیمنین علی العالم . فقبل الثورة الاسلامیة لم تجرأ اي قوة في العالم علی الوقوف امام القوی العظمی مثل المعسكرین الشرقي و الغربي و مواجهتهما. الا أن الامام الخمیني (ره) استطاع من خلال فضح الغرب و بیان حقیقته ان  یطرح موضوع الایمان بالاستقلال و بالحریة و الاعتماد علی الطاقات  الانسانیة و الاسلامیة بحیث انه كان یسعی من خلال هذا الاتجاه الالهي ان یطبق مبادئ الایات الالهیة عملیاً علی صعید ادارة العالم. فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (سورة البقرة ، 256)

ان الامام الخمیني (ره) كان عالماً فقهیاً و عارفاً مجاهداً ثار من أجل تحقق الاهداف الالهیة و لیس من أجل تحقیق بعض الرغبات المادی و الدنیویة؛ و كان یرید ان یهیمن نمط الحیاة التوحیدیة علی جمیع أرجاء العالم.

الاهداف الاستراتیجیة للامام الخمیني (ره)

  1. تشكیل الحكومة الاسلامیة :

رغم أن بعض علماء الدین الاسلامي قد أشاروا منذ فترة طویلة اشارة بسیطة و عابرة في احكامهم الفقهیة الی ضرورة التمتع بالقدرة و السلطة و من اجل تنفیذ الاحكام الاسلامیة ، لكن یمكن القول بجرأة بأنه لم یتجرأ احد مثل الامام الخمیني (ره) أن یتخذ مثل هذه الاستراتیجیة و ان یقوم من أجل تنفیذ هذا المشروع بتربیة الافكار و الكوادر و الالیات لتنفیذها. هذا في حین ان طرح الخطة المدهشة لتشكیل الحكومة الاسلامیةمن خلال ابحاثه مثل بحث ضرورة ولایة الفقیه في دروسه الحوزویة . والی جانب تربیة القوی و الكوادر الفكریة و الثقافیة فام بالتمهید للمطالبة العامة لتقدیم هذا المشروع الاسلامي . اذ كان الامام الخمیني 0ره) یعتقد ان لم تكن هناك حكومة و قدرة الاسلامیة فلن یكون هناك أمل لاسلمة القوانین التنفیذیة في البلد. و طبعاً قد جاهد الامام الخمیني (ره) كجندي مجاهد لما یقرب حوالي ربع قرن من حیاته من أجل تحقیق هذا الهدف .

  1. احیاء العدالة الاجتماعیة و دعم المحرومین و المستضعفین

أحد الاهداف الاستراتیجیة المدهشة للامام الخميني التي استرعت انتباه العالم ، هو محاولاته لاضفاء طابع مؤسسي للعدالة الاجتماعیة و دعم المظلومین و المستضعفین و تأمین حقوقهم . والحقیقة ان المطالبة بتطبیق العدالة كان احد الشعارات الاساسیة و الاستراتیجیة للأمام الخمیني و بهذه المفردة (العدالة) قد تحدی الامام (ره) بقوة النظام الطاغوتي و نجح في النهایة بتحقیق ما كان یصبو الیه . و كان القرآن هو الخلفیة الاساسیة وراء الهدف الاستراتیجي للامام الخمیني في مطالبته لتحقیق العدالة. حیث تم الاشارة الی الهدف الاستراتیجي في القرآن ایضاً : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (سورة الحدید: 25)

  1. الجهاد و محاربة الطاغوت :

خلافاً لاستراتیجیة جمیع الثورات التي نشبت في التاریخ ، كانت رؤیة الامام الخمیني رؤیة تتجاوز الرؤیة الجغرافیة و الاقلیمیة المحدودة. و یمكن اعتبار دفاعه عن الشعب الفلسطیني المظلوم خیر دلیل علی رؤیته هذه . فالامام كان یؤمن بایات الله عزوجل و كان یعتبر الدفاع عن المظلومین و مقارعة الظالمین و الطغاة جزء لایتجزأ من واجباته الدینیة و الالهیة و كان راسخ العقیدة في هذا المجال؛ و ذلك لانه كان یعتبر هذا الهدف الاستراتیجي من الاوامر الالهیة و القرآنیة ، لذلك تحمل و برحابة صدر أكبر المخاطر و الصعاب من أجل هذا الهدف و هذا الامر الالهي. « وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا».(سورة النساء: آیه 75) .

  1. خلق روح الوحدة و التضامن الاسلامي

كان الامام الخميني (ره) یعرف جیداً بانه هناك حاجزاً قویاً و مدمراً یقف امام تحقیق الامال السامیة للثورة الاسلامية ، یتمثل بالتشرذم و الانقسامات و الخلافات بنی التیارات و المذاهب الاسلامیة. من هنا سعی من خلال الاستعانة بالایات القرآنیة ان یزیل هذا الحاجز و هذه العقبة المدمرة من امام التطلعات الالهیة للثورة. و تأسیساً علی ذلك بذل كل مساعیة و جهوده من احل خلق الوحدة و التضامن بین المجتمعات الاسلامیة حیث كان یعتقد بأنه یمكن مواجهة الاستكبار العالمي من خلال الوحدة و التضامن .

  1. احیاء الحیاة التوحیدیة و تعزیز الشعائر الاسلامیة

كان الامام الخمیني عالماً فقیهاً و عارفاً و مجاهداً و لم ینهض من اجل القضایا الدنیویة و المادیة و انما نهض و ثار من اجل اهداف الهیة . و كان یرید ان یكون نمط الحیاة التوحیدیة هو النمط السائد في العالم . نمط الحیاة الذي لایكون محدوداً في الاحكام الشخصیة و الفردیة و انما نمط الحیاة الذي یشمل ایضاً ممهدات العبادة و العبودیة و تنفیذ و تطبیق العدالة الاجتماعیة و قطع ایادي المستكبرین و الطغاة في العالم من ادارة العالم ، و احیاء الشعائر و الطقوس التوحیدیة و الالهیة في العالم . و كان یسعی الی رفع رایة الاسلام المحمدي الاصیل ، الاسلام الذي یتبرأ من الاستكبار و الظلم و الطغیان و الغطریة و یسعی الی تحریر الانسان من قیود الشیاطین .سوتیتر :

كانت شخصیة الامام الخمیني (ره) شخصیة شاملة اكتسبت مستویات اخلاقیة و عرفانیة و فقهیة و سیاسیة و اجتماعیة و اداریة و رغم تواضعه و بساطته وقف علی اكبر موقع لادارة شؤون البلد و اربك جمیع الموازنات و المعادلات المعقدة للعالم الرأسمالي .

یمكن القول و بجرأة بانه بعد نهایة عصر و زمن تواجد اهل البیت (ع) لم یدخل شخصیة في التاریخ الاسلامي بحجم و عظمة الامام الخمیني الی عالم الادارة السیاسیة و الاجتماعیة، فرؤیته الاداریة و السیاسیة كانت نابعة من حیاته التوحیدیة المفعمة بالتقوی.

يمكن القول بأن الادارة السیاسیة للامام الخمیني (ره) قد دمرت اسس الفكر العلماني الرأسمالي و قدمت رؤیة و مشروع جدید من النظام العالمي الی البشریة و العالم نظام عالمي یحاول تعزیز و ارساء اسس الحضارة الاسلامیة ، نظام جدید یسعی الی الدفاع عن حقوق المظلومین ، و الوقوف بوجه المستكبرین و المتغطرسی المهیمنین علی العالم.

كان الامام الخميني (ره) یعرف جیداً بانه هناك حاجزاً قویاً و مدمراً یقف امام تحقیق الامال السامیة للثورة الاسلامية ، یتمثل بالتشرذم و الانقسامات و الخلافات بنی التیارات و المذاهب الاسلامیة. من هنا سعی من خلال الاستعانة بالایات القرآنیة ان یزیل هذا الحاجز و هذه العقبة المدمرة من امام التطلعات الالهیة للثورة.

كان الامام الخمیني عالماً فقیهاً و عارفاً و مجاهداً و لم ینهض من اجل القضایا الدنیویة و المادیة و انما نهض و ثار من اجل اهداف الهیة . و كان یرید ان یكون نمط الحیاة التوحیدیة هو النمط السائد في العالم .