»

مترجم: هذا ما قد يفعله ترامب ليُلزِم السعودية بدفع ثمن حرب النفط

30 نيسان 2020
مترجم: هذا ما قد يفعله ترامب ليُلزِم السعودية بدفع ثمن حرب النفط
مترجم: هذا ما قد يفعله ترامب ليُلزِم السعودية بدفع ثمن حرب النفط

ساسة بوست

نشر موقع «أويل برايس» المختص بأخبار سوق النفط العالمي، تقريرًا للمؤلف والمحلل المالي سايمون واتكنز، يشير فيه إلى نية الرئيس الأمريكي استخدام كل الخيارات المتاحة لإلزام السعودية بتعويض الولايات المتحدة عن الخسارة المهولة في أسعار النفط، وذلك بعد حرب النفط التي شنتها وامتد أثرها لسوق النفط الأمريكي.
في حديث مع موقع «أويل برايس» الأسبوع الماضي، صرحت شخصيات مقربة من الإدارة الأمريكية، بأن الرئيس دونالد ترامب ينظر في جميع الخيارات المتاحة لديه؛ لكي يلزم السعوديين بدفع تكلفة حرب أسعار النفط، التي بدأتها المملكة، وذلك بعد أن شهد الشهر الماضي مهانة هبوط سعر نفط غرب تكساس الوسيط ليصبح بالسالب، وهو النفط الرئيسي في الولايات المتحدة.
لا يُغضب الولايات المتحدة فقط احتمالية حدوث الأمر نفسه لسعر النفط في الأشهر القادمة، قبيل انتهاء صلاحية العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط، وذلك حتى ترد التخفيضات الكبيرة الجديدة في إنتاج أوبك بلس، ولا يغضبها الضرر الاقتصادي الذي لحق بقطاع النفط الصخري، وإنما أيضًا حقيقة أنها غدرت بالعلاقة القديمة القائمة بين البلدين، كما بات يُنظر إلى السعودية على نطاق واسع في واشنطن.
في هذه اللحظة بالذات، يريد العديد من كبار المستشارين المقربين من ترامب إلزام السعودية بدفع تكاليف إجراءاتها، وبشتى الوسائل، بحسب موقع «أويل برايس».

الصفقة السعودية الأمريكية
تأسست هذه العلاقة في عام 1945 بين الرئيس الأمريكي فرانكلين دي روزفلت والعاهل السعودي آنذاك، الملك عبد العزيز، على متن سفينة سلاح البحرية الأمريكي كوينسي، في جانب البحيرة المرة العظمى من قناة السويس، وهو ما ظل يحدد العلاقة بين البلدين منذ ذلك الوقت.
وكما يحلل كاتب المقال في كتابه الجديد حول أسواق النفط العالمية، تقضي الصفقة التي أُبرمت بين الرجلين آنذاك، بأن تتلقى الولايات المتحدة ما تحتاجه من موارد نفطية طالما بقي لدى المملكة العربية السعودية نفط، مقابل أن تضمن الولايات المتحدة أمن عائلة آل سعود التي تحكم البلاد.
تعدلت تلك الصفقة قليلًا بعد صعود قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة، وسعي المملكة العربية السعودية إلى تدميره في الفترة من 2014 إلى 2016، وذلك بحيث تتوقع الولايات المتحدة من عائلة آل سعود ضمان أن تستمر المملكة العربية السعودية في تزويد الولايات المتحدة بما تحتاج إليه من نفط، وطالما كانت قادرة على ذلك، وأيضًا السماح لقطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة في الاستمرار بالإنتاج والنمو.
بالنسبة للولايات المتحدة، إذا كان ذلك يعني أن السعودية ستخسر لصالح منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة من خلال إبقاء أسعار النفط مرتفعة، وبذلك تفقد فرص التصدير لصالح الشركات الأمريكية، فهذا هو الثمن الذي ينبغي أن يدفعه آل سعود مقابل استمرار الحماية الأمريكية، سياسيًّا، واقتصاديًّا، وعسكريًّا.
وكما أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلما شعر بعدم تقدير من قبل المملكة العربية السعودية للخدمة الهائلة التي تقدمها الولايات المتحدة للعائلة الحاكمة: «لن يبقى [الملك السعودي سلمان] في السلطة لأسبوعين بدون حماية الجيش الأمريكي». ولدى ترامب نقطة وجيهة جدًّا بحسب الكاتب، يمكن بالفعل لإسرائيل أو إيران أو أي من وكلائهم وداعميهم الإجهاز سريعًا على حكم آل سعود.

فرض رسوم إضافية على النفط السعودي
إلى جانب التخلي عن دعم آل سعود، تتوفر لدى الولايات المتحدة خيارات أخرى قبل فعل ذلك، وبعضها عملي أكثر من غيره. في وقت مبكر من حرب أسعار النفط، صرح ترامب قائلًا: «سوف أفعل كل ما ينبغي أن أفعله؛ لحماية عشرات الآلاف من عمال قطاع الطاقة وشركاتنا العظيمة»، وأضاف أن خطط فرض رسوم على صادرات النفط السعودية الواردة إلى الولايات المتحدة، كانت «بكل تأكيد واحدة من الأدوات في صندوق العدد».
من الناحية العملية المتعلقة بالحجم، يعد فرض رسوم على النفط السعودي بدلًا من النفط الروسي، أمرًا معقولًا لسببين.
السبب الأول، أن الولايات المتحدة تستورد حوالي 95% من النفط أكثر مما تستورده من روسيا؛ ولذا فإن فرض عقوبات على النفط الروسي لن يكون له سوى مفعول بسيط على فائض الواردات الأمريكية التي باتت تشكل عبئًا على مرافق التخزين المحلية، التي ما عادت تتسع للمزيد.
والسبب الثاني، أن روسيا في وضع اقتصادي أفضل بكثير من المملكة العربية السعودية، وبإمكانها امتصاص أي صدمات تنال خط إيراداتها النفطية؛ إذ إن السعر الذي تتعادل عنده ميزانيتها هو 40 دولارًا للبرميل من نفط برينت، مقابل 84 دولارًا للبرميل تحتاج إليها السعودية لتعادل ميزانيتها.
ثانيًا، هناك أيضًا حقيقة أن السعودية توفر حاليًا واحدًا من المصادر القليلة ذات الحجم الكبير لما يسمى الخام الحامض (بما في ذلك خام العربي الثقيل المعياري)، الذي تحصل عليه الولايات المتحدة، والذي يعد أساسيًّا لإنتاج الديزل فيها، وهو الغرض الذي لا يفي به نفط خام غرب تكساس الوسيط.
من المؤكد أن جل منظومة التكرير على امتداد ساحل الخليج في الولايات المتحدة مجهز لاستخدام خام أشد حموضة، وقد استثمر هذا القطاع على مدى عقود بكثافة في إقامة أنظمة تكرير، وغير ذلك من البنى التحتية لمعالجة الخام الأثقل القادم من الشرق الأوسط.
ولا تفي المصادر الأخرى المستخدمة قديمًا باحتياجات الولايات المتحدة، فما زالت الولايات المتحدة تفرض عقوبات على واردات النفط من فنزويلا، ولا يمكن الاعتماد على تدفقات النفط من المكسيك، بينما لا تتحمل سعة خط الأنابيب الكندي القادم إلى الولايات المتحدة المزيد من التصدير جنوبًا، إلى أن يُفتح خط أنابيب كيستون، الذي طال انتظاره، في وقت ما من عام 2023.
آخر ما يرغب فيه الرئيس الأمريكي في سنة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة هو رفع أسعار الديزل، أو إحداث نقص في الوقود؛ مما يزيد من سوء الوضع الاقتصادي المتضرر أصلًا بسبب فيروس كورونا. والحقيقة هي أنه منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى، أعيد انتخاب الرؤساء الأمريكيين في 11 مرة من بين 11 مرة، حين لم يكن الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود قبل عامين من إجراء الانتخابات، بينما لم يكسب من توجه من الرؤساء الأمريكيين إلى الانتخابات فترة رئاسية ثانية، إذا كان الاقتصاد في حالة من الركود، وخلال تلك الفترة نفسها، إلا مرة واحدة من بين سبع مرات.
بعد كل ذلك، من المحتمل أن يستخدم ترامب التهديد بفرض مثل تلك الرسوم على المملكة العربية السعودية، وذلك أن سمعته كشخص صاحب مزاج متقلب، لربما أفلحت في إقناع السعوديين بأنه لا يمكن التنبؤ بما سيقدم عليه، وأنه قد يمضي قدمًا في فرض تلك الضرائب بالفعل، بغض النظر عن العواقب الاقتصادية المحتملة على المدى القريب.
طبقًا لما هي عليه الأمور الآن، فإنه يحتاج لأن يفعل شيئًا، وخاصة أن ما يقرب من 44 مليون برميل من الخام السعودي يتوقع أن تصل إلى الولايات المتحدة خلال الأسابيع الأربعة القادمة، بحسب ما ورد في بيانات قطاع النفط والشحن البحري. وهذا يعادل أربعة أضعاف آخر معدل على مدى أربعة أسابيع، كما تشير سجلات إدارة معلومات النفط في الولايات المتحدة، ومن المقرر أنها في مجملها ستسلم لنقطة استسلام كوشينج التي لم تعد تستوعب المزيد.
طالب السيناتور الجمهوري كيفين كرامر من نورث داكوتا، والذي كان مستشارًا لترامب في شؤون الطاقة، البيت الأبيض باتخاذ إجراء لوقف ناقلات النفط الخام العملاقة من تفريغ حمولاتها، بينما هدد العديد من أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالتصويت لصالح وقف المساعدات العسكرية للمملكة العربية السعودية. من جانبه، اكتفى ترامب حتى الآن بالقول إنه «سينظر في الأمر»، ويقصد النظر في وقف هذه المستوردات الجديدة.

قانون أمريكي قد يفكك «أرامكو»
وإذا ما أخذنا في الاعتبار المشاعر الساخطة، وبشكل متنامٍ، تجاه المملكة العربية السعودية داخل مجلسي الشيوخ والنواب، تقول مصادر الإدارة الرئاسية إن تكرار التهديد، بقوة، ولكن بشكل شخصي، بسن قانون يحظر تشكل كتلة للمنتجين والمصدرين في قطاع النفط، وتوجيهه مباشرة إلى الملك سلمان وتجاوز ابنه ولي العهد، محمد بن سلمان، ربما ينجح في إقناع السعوديين بزيادة معدلات خفض الإنتاج الذي جرى الاتفاق عليه مع الروس أخيرًا.
وكما جاء في تحليل موقع أويل برايس دوت كوم، لقد تعاظم الضغط على ترامب حتى يوقع على ذلك القانون منذ اللحظة التي شن فيها السعوديون حرب أسعار النفط.
إذا ما أجيز مثل هذا القانون، فإنه سيصبح من غير المشروع تحديد سقف إنتاج النفط (أو الغاز)، أو تحديد الأسعار بشكل مصطنع كما تفعل «أوبك» أو «أوبك بلس» أو السعودية. وسيكون من تبعات سن هذا القانون الإلغاء المباشر للحصانة السيادية التي تتمتع بها داخل المحاكم الأمريكية مجموعة «أوبك» مجتمعة، أو أي دولة من الدول الأعضاء فيها منفردة.
سيعرض هذا السعودية للمقاضاة بموجب القوانين الأمريكية، وحينها ستتكبد وحدها غرامات تعادل قيمة استثماراتها في الولايات المتحدة، والتي تقدر بنحو تريليون دولار. سوف يحق للولايات المتحدة حينها قانونيًّا تجميد جميع الحسابات السعودية في البنوك الأمريكية، ومصادرة كافة ممتلكاتها في البلد، ووقف كل استخدام السعوديين للدولارات الأمريكية في أي مكان في العالم (والنفط بادئ ذي بدء يسعَّر بالدولارات الأمريكية).
كما سيسمح للولايات المتحدة بتعقب «أرامكو» السعودية وكل ممتلكاتها وأموالها، وذلك أنها ما تزال مملوكة بالأغلب للدولة، وهذا يعني أنها قد تؤمر بتجزئة نفسها إلى شركات صغيرة لا قبل لها بخرق قواعد التنافس في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات، أو التأثير في سعر النفط.
وفعلًا، كان مشروع القانون على وشك أن يجاز حينما مررته لجنة الشؤون القضائية في مجلس النواب الأمريكي في فبراير (شباط) من العام الماضي، مما فتح الطريق أمام التصويت على مشروع القانون أمام مجلس النواب بأكمله.
في ذلك اليوم نفسه، قدم الديمقراطيان باتريك ليهي وآمي كلوبوتشر مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ، وكذلك قدمه الجمهوريان تشاك جراسلي ومايك لي.
إلا أن التقدم في ذلك تعرض لإعاقة، بعد أن تدخل الرئيس ترامب واعترض عليه بناء على أن السعوديين فعلوا ما طلبه منهم (وطلب منهم في ذلك الوقت إنتاج كمية أكبر من النفط لإبقاء السعر دون سبعين دولارًا للبرميل من نفط برينت)، إلا أن الخيار ما زال متاحًا أمام تبدل في الموقف، يجعل من الممكن تحويل المشروع إلى قانون ساري المفعول.