»

محددات تغطية الفضائيات الإخبارية لجائحة كورونا في عصر الرقمنة

13 نيسان 2020
محددات تغطية الفضائيات الإخبارية لجائحة كورونا في عصر الرقمنة
محددات تغطية الفضائيات الإخبارية لجائحة كورونا في عصر الرقمنة

مركز الجزيرة للدراسات

تقدم الورقة ملخصًا لدراسة تستكشف استراتيجيات وأساليب التغطية الإخبارية لجائحة كورونا في بعض الفضائيات الإخبارية، وتبحث محدداتها في التعامل مع الأزمة التي خلقها انتشار الوباء، وتدرس أهمية الإعلام الصحي الفعَّال ودوره في تجنيب البشرية ويلات الجوائح والأوبئة.
تنطلق الدراسة من جائحة كورونا للنظر في كيفية تعاطي الإعلام مع الأزمات العالمية في عصر رقمي تتدفق فيه المعرفة بوتيرة لم يشهدها العالم من قبل. وتلاحظ أن هذه الأزمة كشفت الثقوب التي تعتري جسد العمل الإعلامي الذي رسَّخ أولويات تجعل السياسي يتصدَّر الاقتصادي والاجتماعي والصحي. وترى أن التحديات التي واجهتها البشرية في صراعها المستدام للحفاظ على استمرارية الحياة، من خلال مكافحة الأمراض وتجنب الأوبئة والجوائح، تستحق جهدًا تواصليًّا إعلاميًّا أكثر فعالية، تجنبًا لتكرار المآسي الناتجة عن الاستهانة بالمعرفة الإنسانية المتراكمة التي يندر أن تجد طريقها إلى التغطية الإعلامية.
ومن خلال الملاحظة الاستكشافية للشبكة البرامجية لبعض القنوات الفضائية الإخبارية، رصدت الدراسة قلَّة اهتمامها بالبرامج والأخبار التي تتناول صحة الإنسان باعتبارها أساس كافة الأنشطة، لأن ترتيب الأولويات لدى تلك القنوات لا يشمل العناية بالصحة وتثقيف الإنسان حتى يحافظ على نعمة الصحة والعافية وينطلق منها إلى تحقيق التطور والتنمية المستدامة. ففي الوقت الذي يُفترض أن تكون وسائل الإعلام قد قامت بدورها في تثقيف المتلقي بكافة الأمور الصحية ويكون مستعدًّا -معرفيًّا ومهاريًّا- للتعاطي مع أية أزمة صحية، نجدها تتهافت على نقل أخبار آثار أزمة كبرى حلَّت بالعالم أجمع مثل جائحة كورونا، بعد أن استحكمت ولم تترك مجالًا للندم. علمًا بأن كافة العلوم التي تدرِّس الأزمات تقول: إن "الوقاية خير من العلاج".
إشكالية الدراسة وأهدافها
وفي هذا السياق، تحاول الدراسة التي أعدَّها الأكاديمي محمد الأمين موسى، أستاذ الإعلام المشارك بجامعة قطر، استكشاف المحددات التي تقوم عليها تغطية القنوات الفضائية الإخبارية -باعتبارها في مقدمة الإعلام الجماهيري واسع الانتشار- لجائحة كورونا، وقد لاحظ الباحث أن هذه التغطية يطغى عليها الجانب الكمي والتناول التثقيفي، وكأن هذه القنوات تعمل من خارج سياق هذه الجائحة ولا تتأثر بها، بل ترصدها مثلها مثل كافة الأحداث التي تتصدَّر الأجندة الإعلامية. وهي تغطية تلفت النظر إلى إهمال الإعلام لتوعية البشرية وإرشادها لتجنُّب المخاطر التي تُحْدِق بها، وعلى رأسها المخاطر الصحية. وكأن القنوات الفضائية -من خلال تغطيتها للجائحة- تسعى لتعليم الجماهير السباحة أثناء غرق السفينة.
وتكتمل الإشكالية بإغراق المشهد الإعلامي من لدن رواد الإعلام الجديد الذين وجدوا في شبكة الويب بصفة عامة، وشبكات التواصل الاجتماعي بصفة خاصة، فضاءات رحبة لإلقاء الرسائل التواصلية المتعلقة بجائحة كورونا، والتي يختلط فيها الغَثُّ بالسمين لينعكس الأمر على سلوك الناس خبطًا عشوائيًّا وتداولًا لمعرفة غير علمية لا يتسع المقام لنقدها وتقويمها.
وتهدف هذه الدراسة إلى:
- التعرف على استراتيجيات الفضائيات الإخبارية وأساليب تغطية الأزمة في سياق جائحة كورونا.
- التعرف على واقع الإعلام الصحي في الإعلام التقليدي مُمَثَّلًا في بعض الفضائيات الإخبارية.
- استكشاف أبرز محددات التغطية الإعلامية لجائحة فيروس كورونا لدى بعض الفضائيات الإخبارية.
- لفت الانتباه لأهمية الإعلام الصحي الفعَّال ودوره في تجنيب البشرية ويلات الجوائح والأوبئة.
- حثِّ الفضائيات الإخبارية وبقية وسائل الإعلام واسعة الانتشار على التعاطي مع الإعلام الصحي بكيفية تضعه في مقدمة الأجندة الإعلامية.
- إبراز التمايز النوعي بين الفضائيات الإخبارية المشمولة في عيِّنة الدراسة في تغطيتها لجائحة فيروس كورونا.
وتهتم الدراسة بالكيفية التي تغطي بها القنوات الفضائية الإخبارية جائحة فيروس كورونا باعتبار أن أخبارها فرضت أهميتها على أجندة كافة وسائل الإعلام؛ الأمر الذي يقتضي التمايز بينها وفقًا لاستعدادها وإمكانياتها المادية والبشرية. ومن بين مجتمع الفضائيات الإخبارية اختار الباحث عيِّنة قصدية تشمل أربع قنوات، وهي: قناة "سي إن إن" (CNN)، و"فوكس نيوز" (Fox News) الأميركيتين؛ وقناة "العربية"، وقناة "سكاي نيوز عربية". ويأتي اختيار هذه القنوات، لكونها قنوات تليفزيونية إخبارية تتوفر على إمكانيات (مالية وبشرية) تجعلها تُبَثُّ على نطاق واسع وتخاطب جمهورًا ينتشر في شتى بقاع العالم، وهذا يتلاءم مع طبيعة جائحة فيروس كورونا.
وتجري هذه الدراسة في خضم جائحة فيروس كورونا بعد أشهر من انطلاقها كوباء تفشَّى في إقليم خوبي الصيني لتواكب أسابيع من تغطية الفضائيات الإخبارية لها خلال عام 2020. كما أن الدراسة تنظر في أرشيفات مقاطع الفيديو ذات العلاقة بالإعلام الصحي التي تُحمِّلها القنوات المدروسة في حساباتها في اليوتيوب، والتي يعود بعضها لسنوات، قصد استكشاف مدى اهتمام هذه القنوات بالإعلام الصحي.

نضع الدراسة بين أيديكم، للإطلاع والإستسفادة: