»

دبلوماسية الأقنعة الصينة تنتصر على أمريكا وحلفائها ...الصين تسعى لقيادة العالم

13 نيسان 2020
دبلوماسية الأقنعة الصينة تنتصر على أمريكا وحلفائها ...الصين تسعى لقيادة العالم
دبلوماسية الأقنعة الصينة تنتصر على أمريكا وحلفائها ...الصين تسعى لقيادة العالم

موقع الوقت التحليلي

 نشرت مجلة ذا ديبلومات الأمريكية، مقالا حول دبلوماسية الأقنعة الصينية والأهداف المحتملة لهذه الدبلوماسية من قبل السطات الصينية. وتسعى الصين إلى تعزيز مكانتها كرائدة عالمية عن طريق إرسال الإمدادات الطبية إلى البلدان الأوروبية. وبينما قدمت دول أخرى المساعدة لمكافحة فيروس كورنا، الا ان المحللين عبروا عن قلقهم بشأن الدوافع الكامنة وراء جهود الصين والتوقعات المحتملة.
ودخلت الصين على الخط بعدما عاشت الكوادر الصحية في جميع أنحاء العالم في قلق توفير معدات وأسرّة كافية للمستشفيات للتعامل مع أزمة فيروس كورونا. وحذت حذوها ألمانيا وأمريكا والاتحاد الأوروبي والعديد من البلدان الأخرى. كما قدمت الصين المساعدة لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. وهذه ليست هي المرة الأولى التي تقدم فيها الصين مساعدات إنسانية خلال أزمة صحية عالمية، ولكن وفقًا لمسؤولين في بكين، فهي أكبر مساعدة إنسانية منذ عام 1949.
وقال نائب وزير الخارجية الصيني لو جاوي إن بكين قدمت مساعدات طارئة - بما في ذلك مجموعات تشخيص الأمراض وأقنعة طبية - إلى 83 دولة، "لأن الصين تتعاطف وترغب في تقديم ما تستطيعه إلى البلدان المحتاجة". وقال أيضا إن بلاده ترغب في تبادل تجاربها مع العالم في مكافحة انتشار المرض. وتمتلك أمريكا حاليا أعلى
نسبة إصابات بالفيروس، متجاوزة بذلك الصين. بيد ان رد الصين اثار القلق في الغرب.
 وقال مارسين برزيتشودياك المحلل بالمعهد البولندى للشؤون الدولية، إن دول وسط وشرق أوروبا التي تتلقى مساعدات من الصين، ستقدر دعم بكين، ولكن هناك مخاوف بشأن الدوافع الاقتصادية والسياسية وراء ذلك. وقال برزيتشودياك إنه من أجل تأمين هذه الإمدادات الطبية، كان على الحكومات «التعاون مباشرة مع السلطات الصينية، لكي تتمكن من طلب هذه المستلزمات الطبية». وأضاف «من المحتمل أن تكون هذه المساعدات الصينية مشروطة بشروط مثل دعم الرواية الصينية وقصة نجاحها في التغلب على الفيروس».
ووجه جوسيب بوريل، الممثل السامي لشؤون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، الاثنين الماضي، تحذيرًا بشأن «دبلوماسية الكمامات» الصينية، وقال إن أوروبا «يجب أن تدرك أن هناك مكونًا جيوسياسيًا لأزمة كورونا، بما في ذلك استغلال التودد والكرم، أداة في الصراع من أجل النفوذ».
كما قالت ميوا هيرونو، الخبيرة في المساعدات الخارجية الصينية في جامعة ريتسوميكان في اليابان، انه على عكس المساعدة الطبية التي قدمتها بكين لغرب افريقيا خلال تفشي الإيبولا في الفترة من 2014 الى 2016، فإن دبلوماسية الكمامات ترتبط بمحاولة الصين الأخذ بزمام القيادة العالمية من خلال تحسين صورتها وتعزيز قوتها
الناعمة عبر توفير الكمامات. ووفقا لهيرونو، من غير المرجح ان تفعل مثل هذه العروض من بكين الكثير لتحسين صورتها في الخارج، فالدول التي تلقت مساعدات قد تقدر ذلك على المدى القصير لكن على المدى الطويل فإنها ستظل قلقة من سلوك بكين.
وبغض النظر عن الطبيعة المبررة أو غير المبررة لهذه المخاوف، لكننا اذا ربطنا كل جهود الصين الحثيثة بالسيطرة على القيادة العالمية، ونتجاهل بذلك المساعدات الإنسانية، نكون قد تجاهلنا الطبيعة الحقيقة للإجراءات الصينية. وقال التقرير "ان من بين العواقب العديدة لانتشار المرض، يمكن الاشارة الى التقاربات الجديدة والصدمات الكبيرة في مجال العلاقات الدولية." ومع ذلك، فإن السياسة الخارجية للصين، وخاصة فيما يتعلق بدبلوماسية الأقنعة، تستحق الدراسة.
يمكن استخدام مصطلح "دبلوماسية الأقنعة" لوصف أسلوب الصين لقوتها الناعمة (الثقافية، الرمزية، الخطابيةوالصلبة(إرسال كوادر طبية وفرق بحثية طبية) إلى أوروبا. وقد أدى إرسال المعدات الطبية - مثل الأقنعة والمعقمات - وتقديم المساعدة المالية، إلى تمكين بكين من اجتذاب نصف أوروبا المنقسمة وتهميش النصف الآخر، وبالتالي تحقيق إنجاز استراتيجي. وتشمل المجموعة الأولى بشكل عام البلدان التي كافحت من أجل الاستفادة من الاتحاد الأوروبي. اما المجموعة الثانية فتضم بشكل رئيسي القوى التقليدية للقارة، مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا
ما هي الخصائص الرئيسية لدبلوماسية الأقنعة الصينية؟
طبيعة هذا النوع من الدبلوماسية تركز، في المقام الأول، على توزيع وتوفير المستلزمات المهمة (مثل المساعدات والمعدات واللوازم الطبية) بهدف كسب انتباه الناس. وتلعب التبرعات الهائلة للكمامات والمستلزمات الطبية للمستشفيات والجمعيات الخيرية المحلية دوراً رئيساً في تحسين صورة الصين في بعض المناطق، الصورة التي لم تكن جيدة تاريخياً وفي الآونة الاخيرة اقترن اسمها بوباء عالمي.
في ايطاليا على سبيل المثال، تقدم الصين المواد الإغاثية والفرق الطبيعة لدعم الجهود الايطالية لكبح جماح فيروس كورونا رغم التوترات السابقة ورفض روما مرور مشروع "الحزام والطريقعبر اراضيها وتأثيره الاقتصادي على مكانة ايطاليا الوسيط التجاري بين وسط اوروبا ودول حوض المتوسط. وإن تحرك الصين لتقديم الدعم الضروري يمكن أن يلعب دوراً محورياً، وستلعب دوراً كبيراً في الاستحواذ على قلوب وعقول العديد من الإيطاليين، حتى مع تقاعس الاتحاد الاوروبي عن مساعدة أحد أكبر اقتصاداتها. وأضاف التقرير "بالإضافة إلى ذلك، فإن التزام الصين بتقديم المساعدة المالية وإقامة خطوط إمداد مستقرة للإمدادات الطبية يعكس فوائد ومزايا عملية التخطيط المركزي للدولة".
يمكن للغرب أن يطلق على مثل هذه الأعمال "الخداع السياسي"، لكن الصين قادرة على كسب المتشائمين من خلال الدعم التكتيكي لتعزيز مصداقيتها مع وجود الاطراف المؤيدة للصين داخل الدول في أوروبا. اما السمة الثانية لدبلوماسية الأقنعة الصينية هي تشديدها على خلق تحالفات طويلة الأجل وشبكات الدعم. ويمكن للصين من خلال تقديم المساعدة الطارئة في المجالات الحرجة مثل الكوارث الطبيعية وأزمات الصحة العامة، بما في ذلك اثناء تفشي وباء كورونا، الوصول إلى البنية التحتية الحيوية للبلدان التي تعاونت مع الصين.
والأهم من ذلك، مع استمرار استيراد التكنولوجيا والمعدات الصينية، سيكون التكنوقراطيون الصينيون قادرين على زيادة حصتهم في السوق الصناعية الناشئة، مثل التكنولوجيا الحيوية والمعدات الطبية، وبالتالي تأمين المزيد من الإيرادات للمؤسسات الحكومية أو عناصر استراتيجية "بناء الصين" لعام 2025. .
هذا النوع من الدبلوماسية جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية المعاصرة
 يتوجب على أولئك الذين يتوقون إلى وصف دبلوماسية الأقنعة الصينية على أنها دبلوماسية خادعة أن يأخذوا في الاعتبار حقيقة أن مثل هذه التكتيكات جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية المعاصرة. وبموجب مشروع مارشال عام 1948، استثمرت أمريكا أكثر من 15 مليار دولار في أوروبا الغربية لضمان احتواء التهديد الذي تشكله روسيا.
ولعب الاتحاد الأوروبي دوراً رئيساً في تنسيق ردود الفعل الدولية لتفشي فيروس إيبولا في عام 2014. وبعد تفشي فيروس سارس في عام 2003، سعت سنغافورة لتصدير خبرتها في مجال الطب إلى بلدان أخرى. ويمكن للمحللين المتفائلين أن يروا كل هذا، بالإضافة إلى جهود الصين الحثيثة، بدافع التراحم وحسن النية من قادة الدول، لكنهم مخطئون للغاية. مع ازدياد نطاق التحديات العالمية وتعقيدها، سيزداد عدد الكوارث ايضا. كما أن تباعد الدول أو توجهها نحو الأنظمة الرجعية في الخارج هي في الواقع اختبار مهم سيظهر مدى فعالية دبلوماسيتها وسياستها الخارجية.
مساعي الصين في الأمم المتحدة
 من الضروري من أجل فهم دبلوماسية الاقنعة الصينية ومعرفتها، النظر في استراتيجيتها الأكثر شمولاً لتعزيز وجودها وتأثيرها في المؤسسات متعددة الجنسيات الموثوقة. ومن بين رؤساء الأقسام الفرعية المتخصصة الخمسة عشر للأمم المتحدة، هناك أربعة منهم من جمهورية الصين (رؤساء منظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الطيران الدولية، والاتحاد الدولي للاتصالات، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية).
وعلى الرغم من أن أمريكا لديها أكبر حصة من كبار مسؤولي الأمم المتحدة (23 أمريكياً من بين 202 من كبار المسؤولين) ولا تزال الصين في بداية الطريق، فلا شك أنه في عصر الانعزالية المتزايدة والقومية الأمريكية، تسعى الصين لملء الأماكن الشاغرة في المستويات العليا في الشركات متعددة الجنسيات. ومن وجهة نظر القيادة الصينية، فإن الوجود الأبرز في المؤسسات الدولية لا يقل أهمية عن تعزيز الهيمنة الإقليمية في آسيا، وهو متوافق أيديولوجيًا ورمزيًا مع الحلم الصيني لشي جين بينغ.
يتطلب فهم دبلوماسية الاقنعة الصينية ومعرفتها، شيء أسمى من الإصرار على المواقف المعارضة والمؤيدة. وبحسب أحد الآراء، فإن الجهود الدبلوماسية هي علامة على حسن نية الصين واستعدادها لتولي القيادة العالمية. من ناحية أخرى، هناك أشخاص يشككون بشأن الحكومة الصينية واغتنموا الفرصة لإظهار الحكومة الصينية على أنها حكومة انتهازية ومربحة تصطاد في الماء العكر على شكل إمدادات طبية.
جميع هذه التحليلات غير صحيحةدبلوماسية الأقنعة الصينية، في الواقع، عبارة عن المحاكاة والتنفيذ الناجح لأفضل الأساليب الدبلوماسية القديمة التي، إلى جانب فيروس كورونا، أعطت على ما يبدو حكومة الصين المتضررة الفرصة للنجاح على مستوى العالم. وسوف يتضح ما إذا كان هناك دافع آخر وراء المساعدة الطبية للصين بمرور الوقت.