»

التاريخ الدموي للولايات المتحدة الأميركية

10 نيسان 2020
التاريخ الدموي للولايات المتحدة الأميركية
التاريخ الدموي للولايات المتحدة الأميركية

الميادين

يُعتبر نشوء الولايات المتحدة الأميركية حديثاً من الناحية الزمنية، فبعد أن اتّسمت الفترة بين عامي 1689 و1763بنزاعٍ مُستديم بين البريطانيين والفرنسيين للاستحواذ على القسم الشمالي من القارة الأميركية، وكان كل طرف منهما يتقرّب إلى بعض القبائل الهندية برشاوى الخمر والسلاح لاستعدائهم ضد الطرف الآخر، انجرف المستوطنون الهائجون نحو الغرب، وحاول البريطانيون والفرنسيون إنهاء مشكلة الهنود بتخصيص منطقة خاصة لهم بعيداً عن المستوطنين البيض، غير أن ذلك لم يَحل من دون اندفاع البيض نحو تلك الأراضي التي خصّصوها لهم، إلى أن أعلن المجلس القاري الرابع الاستقلال عن بريطانيا مكوّناً الولايات المتحدة الأميركية
لكن الحرب الطاحنة استمرت بين أميركا المؤسّسة والمستقلّة وبين بريطانيا حتى انتصر الأميركان فيها عام 1781م في معركة يوركتاون في فرجينيا وهي نهاية حرب الاستقلال. وقام بعدها مجلس النواب الأميركي بإصدار قانون ينصّ على تهجير الهنود إلى منطقة معيّنة تقع غرب المسيسيبي.
والمُتابع لتاريخ الولايات المتحدة الأميركية يجد أنها اعتمدت ومنذ نشأتها على إبادة الشعوب الأخرى، حيث كانت البداية بالهنود الحمر السكان الأصليين للأراضي الأميركية، فتمّت إبادة ما يقارب من80% منهم، أما البقية فقد هلكوا بسبب تسخيرهم في العمل الشاق حتى الموت. وقد بلغ عدد الهنود الحمر الذين قتلهم المستوطنون 122 مليوناً، عدا عن هدم كل حضارات المنطقة معهم كحضارات "المايا" و"الأزتيا" و"البوهاتن" وغيرها لإقامة أميركا العُظمى التي أرادت تزعّم العالم.
انتقل المستوطنون الجُدُد لإقامة دولتهم الجديدة بعد ذلك إلى اختطاف الأفارقة من أرضهم في القارة السمراء ليعملوا عبيداً عندهم. واتجهوا إلى استرقاقهم، فتقاطروا بسفنهم على الساحل الغربي للقارة السوداء لتحمل الموت والخراب لأغلب سكانها، ليعملوا على اصطيادهم وخطفهم واستعبادهم وإذلالهم.
وخلال نصف قرن فقط تمّ خطف وترحيل الملايين من الأفارقة وبيعهم كعبيدٍ في الأسواق الأميركية والأوروبية. وتؤكّد بعض المصادر الغربية أنه من بين كل عشرة أفارقة كان يتم أَسْر إفريقي واحد فقط واستعباده، بينما يُقتل التسعة الآخرون إما برصاص الغزاة البيض، وإما جوعاً وعطشاً أو انتحاراً من على ظهر السفن التي كانوا يُحشَرون فيها كالماشية.
هذا السلوك الذي نشأت عليه الولايات المتحدة الأميركية بقي قائماً وإن اختلفت الأساليب في علاقاتها مع الدول الأخرى حتى يومنا هذا. وقد اعترف بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر بتعرّض سكان أميركا الأصليين للمُعاناة والظلم، وقال: إن حقوق الأميركيين الأصليين الإنسانية غالباُ ما دُهِسَت على حد تعبيره.
بلغت أعداد الحروب والعدوان والتدخّلات العسكرية التي شنّتها الولايات المتحدة الأميركية على مختلف الدول أعداداً هائلة لم تسبقها عليها أية دولة في العالم، وبحسب الوثائق والإحصائيات يكاد لا يمرّ عام على وجودها من دون أن تشنّ الحروب.
وبالرغم من جميع الحروب التي شنّتها الولايات المتحدة الأميركية على غيرها من الدول، لم تكن هناك أية استراتيجية واضحة لديها، وإنما غلب عليها طابع شنّ الحرب لأجل الحرب، وفي معظمها كان الأميركيون يضطرون إلى العودة إلى بلادهم بعد أن يعيثوا فساداً على الأرض التي يغزوها أو يحتلوها، كما حدث في كوريا وفيتنام
والعراق وأفغانستان وغيرها
.
لقد حمل القرن الماضي على الدول وشعوبها ويلات الحروب التي سبّبتها الولايات المتحدة الأميركية، ونستذكر من ذلك
إدخال القوات الأميركية إلى كولومبيا (1901)، غزو بنما (1902)، إدخال القوات الأميركية إلى كوريا والمغرب (1904)، التدخّل في هندوراس (1905)، غزو المكسيك (1905)، غزو نيكاراغوا والتدخّل في الدومينيكان (1907)، التدخّل في الحرب بين هندوراس ونيكاراغوا (1907)، التدخّل في الانتخابات في بنما (1908)، إرسال الجيش الأميركي إلى نيكاراغوا لإسقاط الحكومة (1910)، دعم الانقلاب في نيكاراغوا (1911)، قمع الاحتجاجات المُناهِضة للولايات المتحدة في الفلبين (1911)، التدخّل في الصين بعد الانتفاضة التي أطاحت بنظام "مانشو" وتأسيس الجمهورية (1911)، غزو كوبا وبنما وهندوراس واحتلال نيكاراغوا (1912)، إدخال الجيش إلى هايتي واحتلالها (1914)، احتلال الدومينيكان (1916)، احتلال كوبا (1917)، المشاركة في الحرب العالمية الأولى (1917)، التدخّل في روسيا (1918)، احتلال بنما (1918)، احتلال كوستاريكيا وغزو هندوراس (1919)، غزو غواتيمالا (1920)، دعم الثوّار في غواتيمالا (1921)، التدخّل في تركيا (1922)، دخول القوات العسكرية إلى الصين (1922)، غزو هندوراس (1924)، غزو بنما (1925)، غزو نيكاراغوا (1926)، احتلال الصين (1927)، غزو السلفادور (1932)، غزو نيكاراغوا (1937)، قصف مدينة درسدن الألمانية (1945)، إلقاء القنبلة الذرية الأولى على مدينة هيروشيما والثانية على ناكازاكي (1945)، تشجيع اليهود على الإستيطان في فلسطين والاعتراف بدولتهم المزعومة (1945)، إشعال الحرب الأهلية في اليونان (1947)، دخول الجيش إلى الفلبين (1948)، غزو بورتو ريكو (1950)، غزو كوريا (1950)، التدخّل العسكري في لبنان (1958)، الحرب على بنما (1958)، دخول الجيش إلى لاوس وهاييتي (1959)، تدخّل عسكري في الإكوادور وغزو غواتيمالا (1960)، الحرب على فيتنام (1965)، غزو غواتيمالا (1966)، التدخّل في أندونيسيا والفلبين (1966)، تأييد قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب (1967) - قصف لاوس (1971)، قصف نيكاراغوا (1972)، إشعال نار الحرب وتزكيتها بين العراق وإيران (1980)، مساندة الغزو الإسرائيلي للبنان (1982)، التدخّل العسكري في غرينادا (1983)، الهجوم على ليبيا وقصف طرابلس وبنغازي(1986)، غزو هندوراس (1988)، قمع الاحتجاجات في جزر العذراء (1989)، منح الضوء الأخضر للعراق في غزوه الكويت (1990)، التدخّل العسكري في العراق (1991)، احتلال الصومال (1992)، قصف مصنع الأدوية في السودان (1998)، الحرب على يوغسلافيا (1999)، غزو أفغانستان (2001)، غزو العراق (2003)، الإعلان عن نشر الفوضى الخلاّقة في منطقة الشرق الأوسط (2005)، التدخّل في ليبيا (2011)، التدخّل في سوريا (2011)، غضّ النظر عن الأحداث في البحرين (2011)، تأييد الحرب التي شنّتها السعودية على اليمن (2015) ، إعلان القدس عاصمة لـ"إسرائيل" في مُخالفة صريحة للقرارات والقوانين الدولية (2017)، قرار ضمّ الجولان السوري المحتل إلى الكيان الإسرائيلي (2019)، صفقة القرن (2019).
وبعيداً عن التاريخ الدموي للولايات المتحدة الأميركية وغزواتها وحروبها، فإن التاريخ الأخلاقي لها يُعدّ الأسوأ والأقذر في تاريخ البشرية. ويعتبر سجنا أبو غريب، وغوانتينامو اللذان أنشأتهما الولايات المتحدة الأميركية شاهدين على سلوكها، إذ أنهما من أكثر السجون في العالم مُعدّان لعمليات القتل والاختفاء القَسْري وتعذيب الناس. كما أن وقوفها ضد تطبيق القرارات الدولية التي تمسّ حلفاءها هو انتهاك لقوانين العدالة والإنسانية، وأن استخدامها لكل أنواع أسلحة الإبادة الموجودة على الأرض وتصنيعها من القنابل النووية والهيدروجينية والإنشطارية والدیوكسینوالكلور ومختلف أنواع المواد الكيماوية لون آخر لهذا السلوك، عدا عما تقوم به من نشر الفساد الأخلاقي والديني والرذيلة في المجتمعات كما فعلت في بانكوك (عاصمة الفساد الجنسي في العالم)، وصناعة وترويج الأفلام الإباحية في القنوات الفضائية وفي الإنترنت، وتصدير التبغ والمشروبات الكحولية وصناعة الأسلحة. وكل ذلك لا يمكن قراءته إلا ضمن التاريخ الدموي لهم.
لقد تسبّبت الولايات المتحدة بمقتل الملايين من البشر عدا عن تشريد وتجويع مئات الملايين منهم، وأمام كل هذه المُعطيات، ألا يدفعنا ذلك إلى الشكّ أو الاعتقاد بأن الولايات المتحدة الأميركية التي صنّعت مختلف أنواع الفيروسات البيولوجية، قد تكون متورّطة في صناعة ونشر الفيروس الذي أصاب العالم مطلع (2020)–الكورونا؟