»

هل تطيح جائحة كورونا بترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة؟

06 نيسان 2020
هل تطيح جائحة كورونا بترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة؟
هل تطيح جائحة كورونا بترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة؟

ساسه بوست

في اللحظة التي ينشر فيها هذا التقرير؛ تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد سجلت أكثر من 277 ألف حالة مصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد)، وأودت الجائحة الفيروسية بحياة أكثر من 7 آلاف مواطن أمريكي منذ تفشيها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسببت الجائحة نوعًا من التخبط الاقتصادي في السوق الأمريكي؛ ما أدى إلى فقدان أكثر من 3 مليون شخص وظائفهم، الرقم الذي تخطى عدد الوظائف التي فقدها الأمريكان في الأزمة الاقتصادية التي حدثت عام 2008؛ إذ فقدوا حينذاك 2.6 مليون وظيفة حينها.ومن المعلوم بالضرورة أن هذه الجائحة سوف تلقي بظلالها على الساحة السياسية في أمريكا، وخاصة على الانتخابات الأمريكية المقرر عقدها في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، وهذا ما سنتناوله في التقرير التالي.
هل تؤثر الجائحة على إجراء الانتخابات القادمة؟
بسبب كورونا
 أعلنت 14 ولاية امريكية، وعلى رأسها ولاية نيويورك، تأجيل الانتخابات الرئاسية التمهيدية، وأجّل جميع المرشحين مؤتمراتهم الانتخابية، وحملات جمع التبرعات بسبب تفشي الفيروس؛ ما دفع وسائل الإعلام الأمريكية والمحللين السياسيين الأمريكيين إلى طرح سؤال هام: «هل يتم تأجيل الانتخابات الرئاسية القادمة المقرر عقدها في نوفمبر القادم؟».
في واقع الأمر يحق لترامب قانونيًا، بوصفه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، إصدار أمر تنفيذي يعلن من خلاله حالة الطوارئ الفيدرالية، التي يستطيع من خلالها تعليق الكثير من الأعمال، والتي من بينها إجراء الانتخابات
لكن تجب الإشارة إلى أن الانتخابات الأمريكية لم يتم تأجيلها منذ إقرار قانون الانتخابات عام 1845، فضلًا عن أن تأجيل الانتخابات الرئاسية – تحديدًا – أمر يتطلب تعديلًا دستوريًا، والتعديلات الدستورية يجب أن تُمرر من خلال الكونجرس الأمريكي (النواب، والشيوخ)، ويمكن التكهن بأن تأجيل الانتخابات أمر شبه مستحيل في الوقت الحالي، خصوصًا أن الولايات المتحدة مرت بأوقات عصيبة متعددة، مثل الحرب الأهلية، والحرب العالمية، وأحداث سبتمبر (أيلول) 2001، ولم تؤجل أي انتخابات بسبب هذه الأحداث، سواء كانت الانتخابات الرئاسية، أو إنتخابات الكونجرس
ويمكن القول إن جائحة كورونا قد
 ساهمت في تغيير الثقافة الأمريكية للانتخابات، فعلى سبيل المثال: نجد أن المناظرة الأخيرة التي جمعت مرشحي الحزب الديمقراطي: جو بايدن، وبريني ساندرز، يوم 16 مارس (آذار) الفائت، كانت تتمحور فقط حول النقاش عن فيروس كورونا المستجد، وآراء وخطط كل منهما في حالة فوز أحدهما بتذكرة الحزب، ثم هزيمة دونالد ترامب في الانتخابات النهائية نوفمبر القادم.
وفي سياق متصل توقفت كافة المناظرات والمؤتمرات الإنتخابية بعد تفشي الفيروس في أرجاء الولايات المتحدة منذ المناظرة السابق ذكرها، حتى أن اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي قلقة من تنظيم المؤتمر الانتخابي الرسمي لها في يوليو (تموز) القادم. هذا المؤتمر الذي من المفترض الإعلان فيه عن المرشح الديمقراطي الذي سيواجه ترامب، وإن كان يسهل التكهن بأن نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن هو الأقرب للفوز بترشيح الحزب؛ بسبب تفوقه الكاسح في الانتخابات التمهيدية بفارق يفوق ضعف الأصوات التي حصل عليه بيرني ساندرز، ومع توقف الحملات الميدانية التي كانت تعتمد عليها حملة ساندرز؛ أصبحت فرصته في اللحاق بجو بايدن في السباق الرئاسي ضعيفة
على جانب آخر يدور في أروقة السياسة الأمريكية اقتراح يفيد بإلغاء صناديق الاقتراع التي من الممكن أن تسبب ازدحامًا شديدًا للمواطنين؛ ما قد يعرض حياتهم للخطر، وتعميم فكرة التصويت الإلكتروني، أو عن طريق البريد، كما فعلت ولاية واشنطن في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي هذا العام، وذلك في حال عدم انحسار الجائحة قبل نوفمبر القادم
وإذا تم قبول هذا الاقتراح، فقد يتم تسريع عملية الانتخابات لكي تجرى في فترة قصيرة، إذ إن التصويت في الانتخابات الأمريكية يتم فتحه لمدة قد تزيد عن شهرين أمام الناخبين، ويغلق يوم الثامن من نوفمبر.
هل تطيح الجائحة بترامب أم منافسيه؟
في فبراير (شباط) الماضي أعلن مجلس الشيوخ الأمريكي
 تبرئة دونالد ترامب من التهم التي وجهها له مجلس النواب، تلك التهم التي كان مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي المعارض، قد أعلن على إثرها عزل ترامب من منصبه. لكن بعد فشل محاولة عزله ارتفعت أسهم دونالد ترامب عند المواطنين المستقلين والجمهوريين معًا، لا سيما أن أداء ترامب الرئاسي ساهم أيضًا في دفع الاقتصاد الأمريكي إلى الأمام محققًا أرقامًا قياسية لم تتحقق منذ عقود؛ ما ساهم في خفض نسبة البطالة بين المجتمع الأمريكي، وهو ما كان يُنبئ بفرصة قوية لترامب في الفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية القادمة، قبل أن تتدخل جائحة كورونا.
لكن خلال شهر واحد، وبعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأولى في العالم من حيث عدد الإصابات بفيروس كورونا، وقعت هزة اقتصادية كبيرة في السوق الأمريكي، وفقد أكثر من 3 مليون شخص وظائفهم كما ذكرنا سابقًا. وكان أداء حكومة دونالد ترامب، التي لم تتمكن من السيطرة على انتشار الفيروس في البداية، بالإضافة إلى تصريحات دونالد ترامب بضرروة فتح الاقتصاد مرة أخرى هو ما جعل الأمور تزداد سوءًا؛ ما جعل أسهمه تهتز في الشارع الأمريكي.
ففي استطلاعات الرأي التي قامت بها وسائل الإعلام الأمريكية مؤخرًا تبين أن 46% فقط من الأمريكيين يثقون بأداء دونالد ترامب في إدارة الأزمة الحالية، بعد أن كانت النسبة 61% في فبراير الماضي، وأصبح 37% فقط يثقون في تصريحات دونالد ترامب حول أزمة كورونا، بعد أن كانت النسبة 60% في فبراير الماضي.
في الناحية الأخرى يرى بعض الديمقراطيين من معارضي ترامب أن أداء الحكومة في بداية التعامل مع الجائحة لن يجعل المواطنين الأمريكيين يعاقبون دونالد ترامب في الانتخابات القادمة، وأن هناك متسعًا من الوقت لاحتواء الأمر من قبل حكومة ترامب، ويدعم رأيهم أن المواطن الأمريكي يميل دائمًا في وقت الأزمات إلى التصويت للرئيس الحالي، كما حدث مع جورج بوش بعد أحداث سبتمبر 2001، وإبراهام لينكولن وقت الحرب الأهلية، وروزفلت وقت الحرب العالمية الثانية، هؤلاء الرؤساء الذين كانوا ينتمون للحزب الجمهوري المحافظ، مثل دونالد ترامب.