»

هل تخطط الولايات المتحدة لانقلاب في العراق؟

28 آذار 2020
 هل تخطط الولايات المتحدة لانقلاب في العراق؟
هل تخطط الولايات المتحدة لانقلاب في العراق؟

موقع الوقت التحليلي

أصدرت كتائب "حزب الله" العراقية يوم الأربعاء الماضي بيانا قالت فيه إن الولايات المتحدة تستعد لإطلاق خطة انقلابية في العراق وذلك بالتزامن مع تفشي فيروس "كورونا" في عدد من المدن والمحافظات العراقية وعدم تمكن الاجهزة الحكومة والطبية من السيطرة عليه والتعامل معه وكشفت كتائب "حزب الله" العراقية في ذلك البيان عن مخطط أمريكي يهدف الى تنفيذ انزال على مواقع عسكرية عراقية بمشاركة جهاز عسكري عراقي وآخر أمني، محذرة من تداعيات الخطوة الأمريكية كونها ستعرض البنى الاساسية للدولة العراقية للخطر وتصيب السلم الاهلي.
وحول هذا السياق، أكد "سعد الخزعلي" النائب عن كتلة "صادقون" في البرلمان العراقي يوم الخميس الماضي، أن بيان كتائب "حزب الله" العراقية الأخير تضمن معلومات خطيرة لا يمكن تجاهلها او التغاضي عنها، محذرا من محاولات استغلال ظروف العراق الحالية لشن عمليات عدائية. وقال "الخزعلي"، إن "بيان كتائب حزب الله جاء بناء على معلومات ومعطيات من شن هجمات امريكية محتملة على مقرات الحشد الشعبي"، مبينا أنه "لا يمكن تجاهل تحذيرات الكتائب او التغاضي عنها كونها تشير لمعلومات خطيرة". وأضاف أن "امريكا تحاول استغلال الظروف الحالية التي يمر بها العراق لشن سلسلة من الهجمات العدائية على مواقع عسكرية عراقية تابعة للحشد الشعبي"، مؤكدا أن "الحشد الشعبي على اهبة الاستعداد لمواجهة أي خطر أمريكي". ومن جهته دعا "رياض المسعودي" النائب عن تحالف "سائرون" في البرلمان العراقي، الى منع أي شخصية عسكرية من عقد لقاءات مع الجانب الأمريكي خلال الفترة الحالية بالتزامن مع حديث عن تخطيط واشنطن لتنفيذ انقلاب عسكري في العراق
يذكر أن كتائب "حزب الله" العراقية أعربت في بيانها أن الاستطلاعات الجوية التي قامت بها الولايات المتحدة الامريكية الى جانب دولة الامارات قبل يومين أثارت تساؤلات عديدة وكشفت عن خفايا ما يجري وراء الكواليس من وجود انقلاب عسكري امريكي مرتقب بالعراق ولفت بيان كتائب "حزب الله" العراقية إلى أنه مما زاد الموضوع من قلق وترقب هو أن هذه المناورة هي شبيهة لتلك التي اجرتها واشنطن قبل احتلال العراق عام 2003، حيث اجرت مناورات واستعراضات عسكرية في صحراء نيفادا، وتحديدا بالعام 2002 وبعدها اعدت العدة لدخول العراق واحتلاله واسقاط النظام الصدامي البعثي.
وعلى صعيد متصل، أشارت بعض وسائل الاعلام الى وجود انقلاب عسكري مؤكد تعمل عليه واشنطن بالتعاون مع اطراف داخلية تعمل تحت لوائها وهو يهدف الى السيطرة الكاملة لواشنطن على القرار السياسي بالبلاد اضافة الى تمرير ما تريده الولايات المتحدة من امور تخص مصالحها بالمنطقة. ويشير المحلل السياسي "عباس العرداوي" في هذا الشان أن هناك جملة من الاسباب وراء المناورات التي اجرتها الولايات المتحدة الامريكية مع الامارات. وقال "العرداوي"، أن "الولايات المتحدة الامريكية فشلت في السنوات السابقة من تكريس وجودها بالعراق سواء كان العسكري المباشر والانتقال الى دعم الجماعات الارهابية ومن ثم انتقلت الى الظرف السياسي من خلال سفرائها الذين كانوا يمثلون دور ضاغط كبير على العملية السياسية باكملها". ومن جهته أكد النائب عن تحالف الفتح "محمد البلداوي" بشكل كبير موضوع الانقلاب حيث صرح بوجود ادلة وقرائن تؤكد حقيقة ما تخطط له الولايات المتحدة الامريكية بشأن تنفيذ انقلاب عسكري في العراق، مؤكدا أن ما يثار اعلاميا يعد بمثابة مقدمات للمؤامرة.
وقال "البلداوي" إن "هناك ادلة وقرائن تشير الى وجود مخطط امريكي للتآمر على العراق من خلال احداث محاولة انقلاب في البلاد"، مبينا أن "من الادلة والقرائن التي حصلنا عليها هو تحريك الخلايا النائمة لداعش في محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى". وأضاف، أن "ما تثيره وسائل اعلام خليجية ماهي الا ضمن مقدمات لتلك الخطة فلا دخان من دون نار"، مشيرا إلى أن "من الادلة الاخرى هو محاولة امريكا الضغط على الحكومة لاخراج السجناء بحجة تفشي وباء كورونا لاستثمارهم في تنفيذ المؤامرة".
والسؤال الآن يدور حول ما إذا كانت الولايات المتحدة في العراق تستعد لانقلاب في العراق وهل هناك احتمال لنجاح هذا الانقلاب؟
عند الإجابة على هذا السؤال، يجب التأكيد أولاً على أن الولايات المتحدة في العراق تسعى لتغيير الوضع الراهن لصالحها، وفي المرحلة الأولى تقريبًا، قامت الولايات المتحدة خلال الأشهر القليلة الماضية بخلق مساحة من الاحتجاجات داخل العراق ضد حكومة "عادل عبد المهدي" وتمكنت الولايات المتحدة من إجبار هذا الاخير على تقديم استقالته وذلك عقب قيامها بحشد صفوف مرتزقتها لتأجيج الشارع العراقي من خلال الهجمات السيبرانية والشبكات الاجتماعية. وبعد استقالة "عبد المهدي"، تدخلت الحكومة الأمريكية لمنع تشكيل أي حكومة بديلة وقامت أيضا خلال الفترة الماضية بزعزعة استقرار الوضع السياسي في العراق. ثانياً، حاولت الولايات المتحدة عرقلة عمل تنظيم القوى الشعبية لمواجهة مؤامرتها باستهداف السيارة التي كان تقل الشهيد اللواء "قاسم سليماني" و"أبو مهدي المهندس" قبل نحو شهرين.
ولهذا فإنه ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة تصر على البقاء في العراق لأسباب جيوسياسية، ومن أجل السيطرة على آبار النفط العراقية، والاستمرار بالضغط على إيران، والعمل على تقسيم العراق وتنفيذ خطة الشرق الأوسط الكبير. والغريب في الامر أنه هذا الاصرار يأتي عقب تمكن قوات محور المقاومة من القضاء كليا على عناصر تنظيم داعش الارهابية التي كانت منتشرة في العديد من المدن والمحافظات العراقية والتي كانت بمثابة ورقة ضغط لبقاء القوات الاجنبية وعلى رأسها الولايات المتحدة في العراق. ولكن العديد من المراقبون السياسيون يؤكدون بأن قرار البرلمان العراقي المتمثل في خروج كافة القوات الأمريكية من الاراضي العراقية سوف يتم تنفيذه عاجلاً أم آجلاً، وهذا الامر يعني فشل السياسات الأمريكية في المنطقة الامر الذي قد يدفعها إلى التخطيط للقيام بانقلاب داخل العراق.
لذلك، فإن احتمال قيام الولايات المتحدة بخلق ذريعة للإخلال بالاوضاع الأمنية ​​في العراق لمصلحتها الخاصة لا يمكن أن يكون بعيد المنال ولكن بالنظر إلى أن غالبية العراقيين يعارضون الاحتلال الأمريكي، فإن المؤامرة الأمريكية في العراق لن تبدو انقلابًا عسكرياً يؤدي إلى إراقة الدماء، بل سيكون انقلاب يهدف إلى خلق أول حالة من الفوضى في عدد من المدن والمحافظات العراقية.
إن الولايات المتحدة تدرك جيدًا أن القيام بانقلاب تقليدي في العراق غير ممكن، ولهذا فإنها تسعى إلى نشر قواعد إرهابية وتفعيل الجماعات الإرهابية وبعض الأطراف العراقية الموالية لها في العراق لخلق حالة من الفوضى وإدخال العراق في حرب أهلية، في الوقت الذي لا يزال الجيش العراقي يفتقر إلى القوة لمواجهة أي مؤامرات وفي ظل هذه الظروف، يمكن القول أن يقظة أبناء الشعب العراقي لمثل هذه التحذيرات التي أطلقتها كتائب "حزب الله" العراقية، تعد من الامور الهامة التي يمكنها أن تضع حداً لجميع المؤامرات والخطط الاستعمارية الخارجية.