»

7 أخطاء وقعت فيها أمريكا في استراتيجيتها لمواجهة كورونا

19 آذار 2020
7 أخطاء وقعت فيها أمريكا في استراتيجيتها لمواجهة كورونا
7 أخطاء وقعت فيها أمريكا في استراتيجيتها لمواجهة كورونا

ساسه بوست

نشر موقع ڤوكس الإخباري مقالًا لتوم فريدن، طبيب الأمراض المعدية والصحة العامة الأمريكية، تحدث فيه عن عدَّة أخطاءٍ قاتلة تقع فيها الولايات المتحدة أثناء معالجتها فيروس كورونا المستجد الذي اجتاح الكثير من دول العالم مؤخرًا، مشددًا على أنه يجب على أخصائيي الصحة العامة في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وأماكن أخرى التحدث مع الجمهور كل يوم.
وفي بداية مقاله، ذكر الكاتب أنه: «مع استمرار الانتشار السريع لوباء «كوفيد 19»، تحتاج كل خطوة من خطوات الاستجابة للوباء إلى تحديد أولويات الإجراءات التي من المرجح أن تحقق ثلاثة أهداف شاملة: منع انتشار العدوى، منع حدوث وفيات في صفوف الأشخاص المصابين، والحد من الأضرار المجتمعية.
ولكن استجابة الولايات المتحدة في رأي الكاتب تقوِّضها سبعة أخطاء قاتلة محتملة، استعرضها كما يلي:
1- الاختبار ليس الحل الناجع
يقول الكاتب إن هناك إحباطًا وغضبًا يمكن تفهمهما؛ نظرًا لأن الاختبارات كانت بطيئة ويتعذر إجراؤها غالبًا في الولايات المتحدة. لكن قلة الاختبارات دفعت البعض إلى عدم الفهم الصحيح لما يمكن أن تفعله الاختبارات وما لا يمكن أن تفعله. ويمكن أن تؤدي الزيادة الكبيرة في أعداد الأشخاص الذين يخضعون للاختبار إلى انتشار المرض بينهم، لأن المرض يمكن أن ينتقل من شخص مصاب إلى شخص آخر ينتظر إجراء الاختبار.
وإجراء الاختبار اليوم ليس ضمانًا بعدم الإصابة بالعدوى غدًا، وقد يمنحك شعورًا غير حقيقي بالأمان. وعلاوةً على ذلك، تشير البيانات المعلنة إلى أن اختبار مسحات الحلق قد يفشل في تحديد ما يصل إلى ثلثي الإصابات.
ويضيف الكاتب: «انطلاقًا من وجهة نظري بصفتي طبيبًا لمكافحة الأمراض المعدية، فإنه من المفزع أن نرى مثل هذه الوعود والطلبات بشأن إجراء اختبارات واسعة النطاق، وإذا أمكن الوفاء بهذه الوعود، فلن تحقق سوى فائدة ضئيلة، وربما تحدث بعض الضرر. ومع ذلك، ربما يكون الاختبار مهمًا للغاية في بعض الظروف:
- في المناطق التي توجد بها حالات إصابة قليلة أو معدومة، لإبلاغ الناس باستراتيجيات الاحتواء والعزل وتسهيل سبل التواصل. وكان من المرجح أن تكون نسبة تفشي المرض أقل بكثير في مدينة سياتل إذا توفرت إمكانية إجراء الاختبار على نطاق واسع في وقت أقرب.
- في المناطق التي يجري فيها انتقال جماعي، لإبلاغ الناس بالعلاج وحماية الفئات المعرَّضة للإصابة بالمرض، وبخاصة عند تفشي المرض في المستشفيات ودور التمريض وملاجئ المشردين والسجون.
- في مرافق الرعاية الصحية التي تعالج المرضى المصابين بأمراض خطيرة، لتحديد المصابين بفيروس «كوفيد 19» من أجل تحسين السيطرة على العدوى، ومعرفة الوقت الآمن لإخراج المرضى، وتحديد المشاركين في التجارب السريرية. ولهذه الأسباب، يجب إجراء الاختبار لكل مريض يعاني من الالتهاب الرئوي الحاد في الولايات المتحدة، لمعرفة ما إذا كان مصابًا بفيروس كورونا، المعروف علميًّا باسم «سارس-كوف-2».
- في الاستقصاءات الوبائية، الرامية لتحديد مدى انتشار العدوى وتسهيل المراقبة وتقديم تحليل للوضع الراهن والتوقعات والاستقصاءات، تشمل التحقيقات كيفية انتشار المرض ومدى إصابة الناس بالعدوى دون أن تظهر عليهم الأعراض. إن مبادرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها لاختبار الإصابة بالفيروس بالنسبة لجميع المرضى الذين يعانون من أمراض شبيهة بالإنفلونزا في مراكز تقديم الرعاية الصحية للمرضى الخارجيين ضرورية للمساعدة في معرفة أماكن انتشار الفيروس، ومَنْ يصيبه؟ وما اتجاه الانتشار في الأسابيع والأشهر القادمة؟».
وأردف الكاتب قائلًا: «في المناطق التي ينتشر فيها الفيروس، هناك فائدة قليلة وبعض أضرار محتملة من إجراء الاختبار للأفراد الذين يعانون من أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أي أعراض. ففي أثناء عملية الاختبار، يستنفد هؤلاء الأشخاص الوقت والمعدات الوقائية والمواد المعملية الخاصة بالمرافق الصحية. وإذا لم يصابوا بالعدوى أثناء السفر إلى مراكز الرعاية أو أثناء تلقي الرعاية، فقد يصابون بالعدوى أثناء عملية الاختبار هذه.

وهذا أقل خطرًا من الاختبار في مواقف السيارات أو داخل السيارات (على غرار خدمة طلبات السيارة التي تقدمها بعض المتاجر (مثل ماكدونالدز وستاربكس) للعملاء الذين يمكنهم شراء المنتجات دون مغادرة سياراتهم) في القطاع الخاص، ولكن سواء جاءت نتيجة اختبار الأشخاص الذين يعانون من الأعراض إيجابية أم لا، يجب عليهم عزل أنفسهم، خاصةً عن الأشخاص المعرَّضين للإصابة طبيًّا: قد تكون نتيجة الاختبار سلبية بالخطأ، وتصبح إيجابية في اليوم التالي. وعلاوةً على ذلك، في حالة تفشي المرض على مستوى المجتمع، لا توجد طريقة تمكِّن العاملين في مجال الصحة العامة من تحديد وتتبع جهات الاتصال الخاصة بجميع الأشخاص من أصحاب النتائج الإيجابية.
المشكلة الأكبر لا تكمن في محدودية اختبار المرضى المصابين بأمراض بسيطة؛ إنما تكمن في الانشغال بأمور ثانوية عن الأمر الأكثر أهمية؛ مثلما انشغلت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها عن أنشطتها الأساسية بسبب سفينة سياحية (Grand Princes) وتعاملت مع المسافرين العائدين إلى الولايات المتحدة. إن الرغبة في إجراء الاختبار تشغل قدرًا كبيرًا من استجابة الولايات المتحدة عن الإجراءات التي يمكن أن تنقذ معظم الأرواح. وهذا يقودني إلى الخطأ التالي الأكثر أهمية:
2- الأمريكيون لا يملكون إجابات الأسئلة الوبائية الرئيسية حتى ينشروها
وأكد الكاتب قائلًا: «هذا هو أهم شيء لا نقوم به الآن. هناك أمور كثيرة يلزمنا معرفتها من أجل اتخاذ قرارات أفضل حول الخطوات التي يجب اتخاذها. ونحن بحاجة أيضًا إلى معرفة الأشخاص الذين من المرجح أنهم سيموتون بسبب فيروس (كوفيد 19). ونعلم أن الخطر الأكبر يحدق بكبار السن وأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية أساسية. لكننا لا ندري في أي مرحلة عمرية يزداد الخطر فعليًّا. ولا نعلم أي المشاكل الصحية قد تكون أكثر خطورة من غيرها. هل الخطر يحدق بمن تزيد أعمارهم عن 60 عامًا؟ عن 80 عامًا؟ ما هي المشاكل الصحية الأساسية؟ مرض السكري الخاضع للسيطرة؟ ارتفاع ضغط الدم؟ استعمال بعض أدوية بعينها؟».
ويضيف: إذا وجدنا إجابة شافية عن كل هذه التساؤلات، يمكننا تقديم نصيحة أفضل: عندما نقول عليك أن تحيا حياة «أشبه بحياة الرهبان»، وعندما نقول عليك أن تخضع للاختبار حتى لو كان مريضًا مرضًا بسيطًا. وليست لدينا إجابات على أسئلة أساسية أخرى من شأنها أن تحدد قرارات السياسة التي يجب اتباعها. هل يمكن أن ينتشر المرض عن طريق الأطفال الذين لا يبدو أنهم مصابون بشدة بفيروس «كوفيد 19»؟ كيف ينتشر فيروس «كوفيد 19» في المستشفيات ومرافق الرعاية الأخرى، وكيف يؤثر ذلك على سلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية وعلى إجراءات مكافحة العدوى؟
على الرغم من أن الفيروس يمكن أن يعيش على الأسطح، فهل من الشائع أن يصاب الناس بسبب اتصالهم بهذه الأسطح الملوثة، وكيف يغير ذلك من الحاجة إلى التنظيف البيئي – أو يقلله؟ إن الإجابات عن مثل هذه التساؤلات ضرورية لإرشاد الخطوات العقلانية الفعَّالة إلى الطريق الصحيح. وإذا كانت الدراسات جارية، فإنه يجب تسريعها ونشرها. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإنه يجب البدء فيها اليوم».
3- عدم الاستعداد الكافي لزيادة الحالات ما قد يتعدى نظام الرعاية الصحية الأمريكي
وأوضح الكاتب أنه: «إذا تزامن وجود حالات كثيرة تفوق إمكانات تقديم رعاية فعالة، فإن المرضى الذين يمكن إنقاذهم سيموتون وستنتشر العدوى إلى المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية، كما حدث في مدينة ووهان في الصين وفي شمال إيطاليا. إن هناك حاجة ماسَّة إلى المزيد من معدات الحماية للعاملين في مجال الرعاية الصحية، وسنحتاج إلى استكشاف استخدام التقنيات الأحدث؛ لا سيما أجهزة التنفس القابلة لإعادة الاستخدام.
على الرغم من أننا زدنا عدد أجهزة التهوية في مستودع المخزون الوطني الاستراتيجي عدة أضعاف، إلا إنه في أسوأ الحالات، لن تكون لدينا مئات الآلاف من أجهزة التهوية التي نحتاجها. والآن، يجب على كل مستشفى وضع خطة لمضاعفة قدرات غرف العناية المركزة أو زيادتها بواقع ثلاثة أضعاف. ويجب أن نبدأ في توزيع الإمدادات من مستودع المخزون الوطني لاستكشاف مكامن الخلل في النظام وإصلاحها.
ويجب أن نخطط لأفظع الاحتمالات التي قد نحتاج فيها إلى بناء وحدات عناية مركزة من نوع المستشفى العسكري الجراحي المتنقل (MASH). وهذا هو السبب الذي يدفعنا إلى التشديد الآن على اتخاذ تدابير للتباعد الاجتماعي ربما تبدو صارمة: من خلال تقليل انتشار المرض، يمكننا «تسطيح المنحنى» حتى لا تؤدي الحالات التي سنراها تنتشر حتمًا بمرور الوقت إلى سحق نظام الرعاية الصحية».
4- الافتقار إلى تقييم التكاليف والفوائد الصحية لضوابط «التباعد الاجتماعي» المحددة
وشدد الكاتب قائلًا: «إنه من المنطقي تمامًا غسل اليدين، وتغطية الوجه عند السعال، والبقاء في المنزل عند الإصابة بمرض، والتوقف عن المصافحة باليدين – وكل ذلك بلا تكلفة. وسيتعين علينا العمل عن بعد وإلغاء الاجتماعات والأحداث الرياضية والنظر في طرق تقليل الاتصال المحتمل في مترو الأنفاق والحافلات.
لكن إغلاق جميع المدارس قد لا يكون له معنى الآن. وما لم يكن هناك توثيق واسع النطاق للانتشار في المجتمع – وهو أمر لم نره حتى الآن في معظم أنحاء البلاد – فلا حاجة لإغلاق المدارس. والتدخل المؤقت يتمثل في السماح للمدارس بمواصلة العمل، ولكن مع مطالبتها بتمكين خيارات التعلم عبر الإنترنت للمعلمين والطلاب المعرَّضين للإصابة من الناحية الطبية. ويجب أن نأخذ في الاعتبار التكاليف المجتمعية الضخمة لإغلاق المدارس مقابل تحقيق فوائد صحية قد تكون قليلة أو معدومة – خاصة إذا استمر الأطفال في الخروج من المنازل وتلقي رعاية متزايدة من جانب الأجداد وغيرهم من الفئات المعرَّضة للإصابة بالفيروس».
وتساءل الطبيب قائلًا: «ماذا لو اضطر الوالدان للذهاب إلى مرافق الرعاية الصحية، أو محطات توليد الكهرباء، أو تقديم خدمات أساسية أخرى؟ من أين سيحصل أولئك الذين يعتمدون على الوجبات المقدمة في المدرسة على الطعام؟ في حالة الإنفلونزا، قد يؤدي إغلاق المدارس لشهور إلى تقليل انتشار المرض بنسبة تصل إلى 40 في المائة. لكننا لا نعرف أين سيحدث انخفاض انتشار فيروس «كوفيد 19» في حالة إغلاق المدارس».
5- الأمريكيون يستهينون بمستوى الخطر
وأشار الكاتب إلى أن: «الخوف ينتاب العديد من الشباب، بينما يبدو أن العديد من كبار السن يعيشون حياتهم كالمعتاد. يقولون: هذه ليست نهاية العالم، إنه ليس المرض الذي يؤدي إلى تحول الناس إلى زومبي عندما تحين نهاية العالم، إننا لن نموت جميعًا.
يعاني معظم الأشخاص الذين يصابون بفيروس «كوفيد 19» من أعراض خفيفة أو معتدلة أو لا تظهر عليهم أي أعراض، ويتعافى ما يقرب من 99 في المائة. لكن حقًا هذا هو أكبر تهديد صحي مدمر منذ وباء الإنفلونزا عام 1918. وللأسف، لا يزال الكثير من الناس يمرضون والبعض سيلقى حتفه. ونحن بحاجة إلى أن نركِّز اهتمامنا على أكثر الأشخاص عرضة للإصابة وتوفير رعاية آمنة وممتازة لأولئك الذين يمرضون بشدة».
6- دور أخصائيي الصحة العامة في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها
ولفت الكاتب إلى أن: «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها والمزاعم غير المؤكدة التي نشرتها تعرضت مؤخرًا لانتقادات شديدة. وكانت هناك مشكلة أولية لدى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها مع اختبارات مختبر الصحة العامة.
واستدرك قائلًا: «لكنها تظل منظمة رائعة تضم 20.000 موظف مكرسين لحماية الصحة وتحسينها. ولديها بعض أفضل خبراء الصحة في العالم، وهي أفضل مصدر للمعلومات حول الوباء. وتتوفر خدمة الجمهور على نحوٍ أفضل إذا سمعنا مباشرةً من كبار الخبراء في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها كل يوم. وهذا أمر مهم على نحوٍ خاص لأننا نعرف المزيد عن الفيروس كل يوم ونحتاج إلى معلومات محددة».
7- الحزبية
يتابع الطبيب قائلًا: «أيًّا ما كانت وجهة نظرك للإدارة الحالية، إلا أن بعض الإجراءات التي اتخذتها أنقذت أرواحًا؛ إذ أدى الحظر المفروض على السفر من الصين إلى تقليل عدد الأمريكيين الذين أصيبوا بفيروس «كوفيد 19» بلا شك. وقد يكون للحظر الجديد على السفر من الاتحاد الأوروبي بعض الفوائد، ولكن إذا أدركنا فقط أن هذا يؤخر من انتشار المرض ولا يمنعه، ولا يمكن تبرير هذا الحظر إلا إذا استخدمنا الوقت الذي يوفره لنا لاتباع الخطوات الست الأولى المذكورة أعلاه.
يمكن أن تؤدي الهجمات الرئاسية على مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها وتشويه الإجراءات السابقة التي اتخذتها إلى تقويض قدرة المجتمع على الاستجابة بفعالية؛ إذ يجب أن تكون الصحة العامة مجالًا بعيدًا عن التحيز الحزبي. وسبق أن قدَّم الرئيس جورج دبليو بوش تخطيطًا مسبقًا لجائحة الإنفلونزا. وأشرف الرئيس أوباما على الاستجابات الفعالة لفيروسي إنفلونزا «H1N1» والإيبولا، وأنشأ مبادرة الأمن الصحي العالمي للبدء في بناء النظم لمعالجة هذا النوع من الأحداث الصحية على نحو دقيق».
واختتم الكاتب مقاله مؤكدًا: «إنه لا مكان للحزبية عندما تتعرض الأرواح للخطر. وقد يساعدنا فيروس «كوفيد 19» جميعًا في إدراك أن ثمة رابطة بيننا جميعًا، وعلى الرغم من أننا بحاجة إلى زيادة التباعد الاجتماعي، إلا أننا نحتاج أيضًا إلى زيادة التضامن لمساعدة بعضنا البعض على تجاوز ما تحول بسرعة كبيرة إلى أزمة وطنية وعالمية».