»

أسباب فشل علاوي في تشكيل حكومة عراقية جديدة

03 آذار 2020
أسباب فشل علاوي في تشكيل حكومة عراقية جديدة
أسباب فشل علاوي في تشكيل حكومة عراقية جديدة

موقع الوقت التحليلي

عندما رشح الرئيس العراقي برهم أحمد صالح محمد توفيق علاوي كمكلف لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة في 1 فبراير / شباط 2020 ، ظهر بريق من الأمل في أنه قادر على اعادة الوضع السابق وإخراج الحكم من الازمة الحالية ، ولكن على عكس التكهنات الأولية ، أي بعد مضي شهر أو بعبارة أدق بعد انتهاء مهلة علاوي القانونية لتشكيل الحكومة ، فقد شهدنا تقديم استقالته من المهمة الموكلة اليه.
بعد تأجيل الجلسة الاستثنائية للبرلمان العراقي يوم الأحد ، 1 مارس 2020 ، للمرة الثالثة ، من أجل التصويت لاعتماد حكومة علاوي أعلن علاوي استقالته من مهمة تشكيل الحكومة الجديدة. والآن ، ونتيجة لاستقالة علاوي من الحكومة العراقية الجديدة ، تحولت آمال خروج العراق من تحدي عدم وجود حكومة إلى يأس سريعًا ، والان يمكن القول بأن الوضع قد عاد إلى مرحلته الأولى أي الى ما بعد استقالة عادل عبد المهدي. ومع ذلك ، فإن السؤال المهم في الوضع الحالي هو لماذا فشل علاوي في تشكيل حكومة جديدة ، أو بمعنى آخر ، ما هي أسباب فشله في تشكيل حكومة جديدة والتي ينبغي على رئيس الوزراء الجديد النظر فيها؟ يمكن الإشارة الى ثلاثة أسباب مهمة في الإجابة على هذا السؤال.
تجاهل التقاليد السياسية للحكومة الائتلافية في العراق بعد عام 2003
لا شك أن التقليد السياسي الأكثر أهمية في الحكم العراقي في السنوات التي تلت عام 2003 حتى الان هو تقليد "الحكومة الائتلافية". ووفقًا لهذا التقليد أو العرف السياسي ، لن يتم اتخاذ القرارات الوطنية الكبرى فقط على أساس حكم الأغلبية والأقلية ، ويجب أن يتم الاتفاق على القرارات بتوافق الآراء بين الشيعة والسنة والأكراد قبل الدخول إلى الساحة العلنية في البرلمان. لكن الخطأ الكبير لمحمد توفيق علاوي كان أنه نتيجة لأشهر من الضغط من المحتجين ، اعتقد أن الوقت قد حان لكسر هذه القاعدة وأنه يمكن أن يشكل ما يسمى بحكومة "تكنوقراطية" مستقلة عن الأحزاب والتيارات السياسية في السلطة.
في الحقيقة ، ان عدم اعطاء علاوي أهمية للتيارات السياسية الكبرى وعدم دخوله في مفاوضات جادة معهم أدى الى تعويق وعدم انعقاد الجلسات البرلمانية. حيث تظهر الحقائق السياسية للمجتمع العراقي أنه لا ينبغي لأحد مثل رئيس الوزراء أن يتجاهل قوة الفصائل السياسية على مختلف المستويات ، وأن شعار الحكومة التكنوقراطية يستخدم أكثر للاستهلاك المحلي ولإبقاء الناس راضين فقط وهو غير فعال في الحكم.
تجاهل مواقف بعض المجموعات
القضية الأخرى التي أدت إلى فشل علاوي في تشكيل حكومة جديدة هي المعارضة القوية للأكراد والسنة لإصباحه رئيساً للوزراء. انتقل علاوي من البداية ، بعد توافق هادي العامري ومقتدى الصدر باعتبار أنهما التياران ذوي الأغلبية العظمى في البرلمان العراقي ، لإنشاء حكومة غير حزبية ، لكن في الأيام الأولى أشار العرب السنة والأكراد إلى أن رئيس الوزراء علاوي هو نتيجة لإرادة واتفاق ائتلافي فتح وسائرون ، وهو يتوقع ألا يلعب العرب السنة والأكراد أي دور في تعيين الوزراء في حكومته الجديدة.
وقد أعلنت هاتين المجموعتين عن موقفهما منذ البداية وهو أنهما سيدعمان حكومة علاوي فقط إذا لعب ممثليهم الذين يتم تعيينهم مباشرة من قبلهم ، دوراً مباشراً ، وإلا فسيكونون غير حاضرين في اجتماع البرلمان للتصويت على إعطاء الثقة المجلس للحكومة الجديدة. رغم أن علاوي أجرى مشاورات مع الأكراد والعرب السنة ، إلا أنه لم يكن له تأثير كبير على كسب آرائهم. ونتيجة لذلك ، شهدنا مقاطعة هاتين المجموعتين لجلسات البرلمان ، وغياب بعض الممثلين الشيعة عن الجلسات زاد من حدة الامر وجعل حلم رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة في مهب الريح.
افتقار شخصية علاوي إلى كاريزما السياسي المعروف
بالإضافة إلى معارضة التيارات السياسية المقتدرة في المشهد السياسي العراقي ، يمكن أن يعزى سبب آخر لفشل علاوي إلى افتقار شخصيته إلى الكاريزما السياسية. فعلى سبيل المثال ، كان رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي شخصية معروفة ومقبولة على مدار جميع سنوات قتال الديكتاتورية البعثية وفي السنوات التي تلت ذلك. ففي بداية التوافق على عبد المهدي ، صوتت العديد من الفصائل السياسية لصالح عبد المهدي دون أدنى شك أو تردد ، ولكن على خلافه ، لم يكن محمد توفيق علاوي يقف في الساحة السياسية العراقية ولم يقبله المتظاهرون على نطاق واسع كمرشح لرئاسة الوزراء.
وعلى مستوى آخر ، تجدر الإشارة إلى أنه في الانتخابات البرلمانية لعام 2018 ، حصل علاوي على 501 صوتًا فقط وليس له أي سلطة أو منصب داخل الدائرة البرلمانية. وقد أظهر ذلك أن الاعتماد على القوة والسلطة السياسية لبعض المجموعات وحدها يمكن أن يضمن الفوز ، ويجب أن يتمتع رئيس المنطقة الخضراء الجديد بالتأكيد بمستوى من الشرعية والقبول والشهرة بين الفصائل السياسية.