»

الاتجاهات العامة لتغطية الإعلام الاجنبي لشوؤن الشرق الاوسط والمنطقة خلال الأسبوع من 27 وحتى 31 كانون الثاني

31 كانون الثاني 2020
الاتجاهات العامة لتغطية الإعلام الاجنبي لشوؤن الشرق الاوسط والمنطقة خلال الأسبوع  من 27 وحتى 31 كانون الثاني
الاتجاهات العامة لتغطية الإعلام الاجنبي لشوؤن الشرق الاوسط والمنطقة خلال الأسبوع من 27 وحتى 31 كانون الثاني

توازيا  مع اعلان ترامب تفاصيل خطة "صفقة القرن"، ضجت الصحف البريطانية والأميركية هذا الأسبوع بتقييم الخطة وبنودها وتداعياتها. وبرغم انشغال الداخل الاميركي بجلسات عزل الرئيس واتهام بن سلمان بقرصنة هاتف مالك صحيفة واشنطن بوست، والداخل البريطاني بخروج البلاد من الاتحاد الاوروبي، فإن إعلان يوم الثلاثاء طغى على المشهد الاوسع وهيمن بشكل رئيسي على تغطيات الصحف لأخبار "الشرق الاوسط". وفي هذا الصدد، برزت نقطتان رئيسيتان صبت معظم الصحف الاميركية والبريطانية تركيزها عليها في تقييمها للصفقة. الأولى أنها خطة احادية بشكل كبير، اتت خدمة لمصالح ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. والنقطة الثانية هي ردود الفعل العربية الخافتة او المؤيدة للصفقة.
وحول النقطة الاولى، انتقد الكاتب الاميركي توماس فريدمان في صحيفة "نيويورك تايمز" صفقة القرن متسائلاً: "هل أصبح ترامب رجل نتنياهو الأحمق؟"، و"هل هذه خطة حل الدولتين لشعبيْن أم أنها خدعة لتحويل الأنظار عن فساد الرجليْن؟، مشيرا الى انه هناك ما كان ليجعله يصدق أن إدارة ترامب جادة في دعم حل الدولتين ولديها استراتيجية لتحقيقه، لو أن الاخير كان قد طلب من نتانياهو شيئا واحدا، قبل أن يسمح له بتطبيق القوانين الإسرائيلية على المستوطنات ووادي الأردن. وهو أن يُعلن نتنياهو موافقته الصريحة على قيام دولة فلسطينية على %70 من أراضي الضفة في حالة وافقوا على تطبيق المطالب الأمنية منهم مقابل سيادة إسرائيل على القدس ووادي الأردن وضم المستوطنات التي تشكل نسبة %20 من الضفة الغربية". واعتبر فريدمان انه لو كان ترامب قد فعل ذلك، فربما كانت أُخذت خطته على محمل الجد، مضيفا "لكن إذا سمحنا لنتانياهو تفادي الالتزام بهذه التعهدات وفعل ما يريد دون عواقب، فإن ذلك كله مجرد مهزلة ومنطلق لتحرك نتانياهو التالي لقضم الضفة الغربية. اذا قال نتنياهو انه لا يزال يريد أكثر مما أخذ، كما يلمح أنصاره من اليمين المتطرف، فإنه يعلن أمام رئيس الولايات المتحدة أن شهيته هي السيطرة على كامل الضفة الغربية وأن رؤيته هي تحويل إسرائيل إلى دولة أبارتهايد (فصل عنصري) يعيش فيها 2.5 مليون فلسطيني داخل الضفة دونما حقوق سياسية كاملة".  وخلص فريدمان الى انه دون ان يقوم ترامب بإلزام نتانياهو بالتوقف عن مطالباته بالسيطرة على كل الضفة الغربية، ودون توحد الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة تحت قيادة تستطيع القول «نعم» لنتيجة عادلة لشعبها ويعترفون بإسرائيل كدولة يهودية، فان صفقة القرن التي قدمها ترامب ستنضم إلى مكتبة خطط السلام الفاشلة على مدى قرن أو يزيد.
غياب الجانب الفلسطيني انتقدته أيضا صحيفة "الغارديان" البريطانية التي رأت أن صفقة القرن ليست إلا احتيالا، مشيرة إلى أنها كشفت عن تمثيلية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "السمجة" بأنه وسيط سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في حين أنه ينحاز لإسرائيل فقط. واعتبرت الصحفية أن "خطة سلام ترامب تعتمد بشكل غريب على قبول الفلسطينيين دولة بالاسم فقط" مضيفة أن "خطة ترامب قلصت حجم الدولة الفلسطينية وشوهتها بحيث لم يعد لها فرصة للوجود". واكدت الغاريان أن الخطة "تتضمن وضع عوائق لمنع الفلسطينيين من المطالبة بالعدالة في مواجهة جرائم الحرب التي ارتكبت بحقهم ولاتزال ترتكب حتى الآن، بينما يسعى ترامب الذي يصف نفسه بأنه صانع صفقات ليعرض على الفلسطينيين 50 مليار دولار كاستثمارات في مقابل تخليهم عن حقوقهم المدنية وعن حقهم في وطن، لكن الفلسطينيين يرون رجلا محتالا لارغبة لديه لتقديم شيء سوى وعود فارغة". واضافت "هذه الصفقة تعبير عن رغبات المتطرفين في الولايات المتحدة وإسرائيل وهي تنهي بالفعل أي أمل في أن يلعب ترامب دور الوسيط في الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
من جهتها اعتبرت مايا إيلاني في صحيفة "الاندبندنت" البريطانية إن "الخطة بالإسم فقط تؤيد مبدأ حل الدولتين لكن في الواقع فإن أغلب المحللين المحافظين يؤكدون أنها أفضل خطة سلام كان يمكن أن تحلم بها إسرائيل". وتضيف أن الخطة "تستقطع ثلث الضفة الغربية وتمنحها لإسرائيل تاركة الفلسطينيين يعيشون في مجموعة من الجزر المنعزلة وسط بحر من الأراضي الإسرائيلية". وأنها "لاتشكل خطة طريق للسلام إنما وسيلة إلهاء وصرف انتباه مثالية لخدمة رئيس أمريكي يواجه محاكمة برلمانية بهدف عزله ورئيس وزراء لإسرائيل يواجه اتهامات خطيرة بالفساد. وتوضح إيلاني أن استطلاعات الرأي في إسرائيل تؤكد أن أغلب المواطنين لايرغبون ولا يتطلعون إلى ضم أراض جديدة بينما خطة ترامب ستضع أعباء عسكرية لانهاية لها على جيل الشباب في إسرائيل لبقية عمرهم وهذا هو السبب في أن أغلب المواطنين لايؤيدون الحركة الاستيطانية التوسعية ويساندون حل الدولتين". وتشير إيلاني إلى أن خطة سلام ناقشها الأمريكيون والإسرائيليون فقط لن تكون وسيلة أبدا لحل الصراع مع الفلسطينيين فهي خطة تتجاهل الأولويات الفلسطينية وتحابي إسرائيل بقصر نظر كارثي، في الواقع فإن الكثير من المحللين الأمنيين الإسرائيليين يرون أنها تجعل مستقبل إسرائيل عرضة لمخاطر جمة مالم تكن هناك دولة فلسطينية موجودة جنبا إلى جنب معها".
ورأى إدوارد لوس في صحيفة "فايننشال تايمز" أن "الهدف الحقيقي وراء الإعلان عن الخطة هو زيادة فرص إعادة انتخاب الرئيس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".  وقال الكاتب: "كتمرين في الدبلوماسية فإن مبادرة ترامب هي فاشلة بالتأكيد، لكنها مثال عن تفكير فردي، الذي يحاول من خلاله ترامب إخضاع الدبلوماسية للحاجيات الانتخابية، وتصنف على أنها واحدة من أكثر تحركاته جرأة، فالخطة الإسرائيلية الفلسطينية لا علاقة لها بخلق السلام، مثلما ارتبط تبريره بالضغط على أوكرانيا بذريعة مكافحة الفساد". ولفت لوس إلى أن "الإيجابيات وراء الخطة الأمريكية واضحة بالنسبة لترامب، وهي تحرف النظر عن محاكمته في مجلس الشيوخ، وتعطيه مظهرا بأنه يقوم بمتابعة شؤون الدولة في الوقت الذي ينشغل فيه الديمقراطيون بالأخبار التافهة من العام الماضي، بالإضافة إلى أنها تذكير للإنجيليين الصهيونيين -جوهر قاعدته الإنجيلية- بأنه يتحرك من أجل تطبيق أمانيهم، وهي رؤية اليهود وقد اتحدوا على الخريطة الأصلية والتوراتية للأرض المقدسة، وستقربهم الخطة من تحقيق ما يريدونه، وكل ما يعرضه على الفلسطينيين هو حي غير معروف من القدس ليكون عاصمة لهم، كمن يقوم بتسييج حي واتفورد في شمال لندن وتسميته بلندن".  ويفيد الكاتب بأن "المنافع لنتنياهو الذي يواجه انتخابات قريبة ستكون عملية وواضحة، فسيتمكن من القول بأنه الشخص الذي أقنع الإدارة الأمريكية بالتخلي عن التزاماتها الطويلة تجاه الفلسطينيين، أو الحصول على موافقة أمريكية لضم وادي الأردن، وتعطي الخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي الفرصة لحرف النظر عن الملاحقات القضائية التي يواجهها، حيث زاد زخمها بالتوازي مع محاكمة ترامب، وعلى خلاف الأخير، فإن نتنياهو لم يكن قادرا على الحصول على حصانة من الملاحقة والاتهامات، التي تضم الرشوة والغش وخرق الثقة".  ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "شراكتهما ساعدت على توسيع العضوية في النادي الشعبوي الذي يشترك أفراده في الوسائل والخطاب".
نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحفية بيل ترو رأت فيه ان خطة ترامب تخدم هدفا آخر، فهي تقوض مبادئ السلام التي تم قبولها سابقا، واللغة المستخدمة إلى الآن تتسبب لتلك المبادئ بأضرار لا يمكن إصلاحها، وبإعادة تأطير شروط الصراع، تثير تحولا نموذجيا في المواقف تجاه ما يجب أن تكون عليه قواعد الصراع".  وبينت ترو أنه "إن وافق الفلسطينيون على توقيع الاتفاقية، فإنه يمكن للدولة الفلسطينية أن تستفيد من مبلغ 50 مليار دولار استثمارات على مدى العقد القادم، ومع أن الخطة لا توضح من أين ستأتي تلك الأموال، إلا أن الشق الاقتصادي يحتوي على مجموعة من الاستثمارات في المستشفيات ومرافق النفايات والشوارع والصناعات والتعليم، وكذلك في إسرائيل وجيران فلسطين، من طرق إلى لبنان ومحطات توليد في سيناء وتحلية مياه في الأردن". وتستدرك الكاتبة بأنه "عدا عن هذه الجزرة يبدو أن الباقي عصي، ومن الصعب رؤية كيف يمكن للدولة الجديدة أن تكون لها أي سيادة".  وتنوه ترو إلى أن منظمة الحقوق الإسرائيلية "بيتسليم" تذهب إلى حد أن تقارن رؤية ترامب ببانتوستانات جنوب أفريقيا العنصرية، وقالت إنه سيتم "حصر الفلسطينيين في جيوب صغيرة مغلقة منعزلة دون أي سيطرة على حياتهم"، فيما قالت مجموعة أخرى هي، منظمة "كسر حاجز الصمت": "إن الاتفاقية تقوي الاحتلال والتشرذم والتمييز، وهو ما يعني الفصل العنصري". وذكرت الكاتبة أنه بحسب الخطة، فإن القوات الإسرائيلية تستمر في وجودها داخل فلسطين، التي ستكون منزوعة السلاح، فتلك القوات ستكون هي التي تسيطر على المعابر الدولية للبلد كلها، فيما لن يسمح لفلسطين، التي ليس لها واجهة بحرية في غزة، بأن تكون لها موانئ بحرية، لكن محطات خاصة في كل من حيفا وأشدود والعقبة إن وافق الأردن. وتفيد ترو بأن "الأجواء الفلسطينية ستكون تحت السيطرة الإسرائيلية، ولن يكون هناك مطار فلسطيني، وستمنع القوات البحرية الإسرائيلية الأسلحة أو المواد التي يمكن أن تستخدم لتصنيع الأسلحة، من دخول فلسطين..". وقالت الكاتبة إنه "يحق لإسرائيل أن تجتاح أراضي فلسطين، التي لن تكون لديها قوات مسلحة، ولا يمكن استمرار تمدد المستوطنات الإسرائيلية، لكن هدم البيوت الفلسطينية يمكن أن يستمر إن رأت إسرائيل أن البناية تشكل خطرا على السلامة، أو عقابا على العمليات الإرهابية".  وتشير ترو إلى أن الوثيقة تشكك في تعريف اللاجئ، وتمنع حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل، وفي بند فرعي في الصفحة 43 تشترط الوثيقة على السلطة الفلسطينية أن تسحب الدعاوى المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية وغيرها من المحاكم كلها...وذكرت الكاتبة أن المنظمات الحقوقية انتقدت الخطة بالمقدار ذاته الذي انتقدها فيه الفلسطينيون، وقالت "أوكسفام" إنها "تقوض فرص سلام عادل ودائم"، في الوقت الذي تخرق فيه القانون الدولي، وقالت منظمة السلام الآن الإسرائيلية، إن الخطة لن تجلب الاستقرار، لكنها تعطي "ضوءا أخضر لإسرائيل لضم المستوطنات مقابل دولة فلسطينية مثقبة".
 قال موقع "أوريان 21 " الفرنسي إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كشف النقاب عن خطته للسلام في مشهد بالغ الرمزية، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحده وغياب أصحاب المصلحة الرئيسيين من الفلسطينيين الذين تنتهك الخطة أبسط حقوقهم. وقال الموقع إن الخطة صيغت "بحيث يرفضها الفلسطينيون، وربما كانت هذه هي الخطة بأكملها". ونقل الموقع عن مايكل كوبلو -وهو رئيس مركز أبحاث في منتدى السياسة الإسرائيلية- قوله إن "خطة ترامب مسرحية عبثية" تمت بتعاون أميركي إسرائيلي لفرضها على الفلسطينيين ضد رغبتهم، وهي -حسب الموقع- تفي بشكل لا لبس فيه بكل مطالب معسكر الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة في الإبقاء على ما لا يقل عن 230 مستوطنة في الأراضي المحتلة، وغياب دولة فلسطينية حقيقية، وتجاهل مستقبل غزة. وقال الموقع إنه وبما أن كل شيء في هذه الخطة يلبي طموحات إسرائيل وحدها فستبقى الأراضي الفلسطينية "مناطق معزولة" مصغرة تربط بينها جسور وأنفاق تحت السيطرة الإسرائيلية، مع إمكانية الضم الفوري لغور الأردن بالكامل وأجزاء أخرى من الضفة الغربية حول الكتل الاستيطانية الكبيرة كما يظهر بالفعل على الخرائط التي قدمتها إدارة ترامب.
المواقف العربية خصصت لها صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا أعده ديون نيسنباوم، قال فيه إن دعم القادة العرب لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في بين الفلسطينيين والإسرائيليين يمثل تحولا في المنطقة. وقالت الصحيفة إن الدعم المبدئي للخطة الأمريكية يعكس تغيرا في الأولويات والإحباط من الفلسطينيين والاستعداد للعمل مع إسرائيل، مشيرة إلى أن خطة ترامب هزت الديناميات في المنطقة، حيث تحضر إسرائيل لاستثمار ما ورد فيها سريعا وضم الضفة الغربية التي كانت ستقوم عليها دولة فلسطينية، في وقت قدم فيه القادة العرب دعما مشروطا للخطة. وجاء هذا التحول عن الموقف الثابت الذي كان القادة متمسكين به، وهو أن اتفاقا مع إسرائيل يجب أن يشتمل على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة بعاصمة لها في القدس الشرقية. وقالت الصحيفة إن بعض القادة العرب لا يزالون يدعمون هذه المواقف، إلا أنهم عبروا عن إحباطهم من القيادة الفلسطينية وترددها في تقديم تنازلات حول هذه الأمور، بشكل منعهم من تقوية علاقاتهم مع إسرائيل.. ونقلت الصحيفة عن ديفيد ماكوفسكي، مدير مشروع العلاقات العربية- الإسرائيلية بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قوله: “ما هو تاريخي هي المرة الأولى، كما أعتقد منذ بداية النزاع لم يتطابق فيها الموقف العربي مع ذلك الفلسطيني”. و”هذا يكشف عن الأولويات الإقليمية التي تشغلها سواء في إيران أم ليبيا أو العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة”.
صحيفة "نيويورك تايمز" وبشكل مماثل رأت أن أهمية القضية الفلسطينية قد تراجعت في السنوات الأخيرة، مع تعثر العملية السلمية. وقالت الصحيفة إن اهتمام بعض الحكام العرب أصبح داخليا مرتبطا بالأمن الداخلي والمشكلات الاقتصادية، فيما بدأت دول أخرى، مثل دول الخليج السعودية والإمارات، ترى أن إيران هي أكبر تهديد في المنطقة، وتجد أن إسرائيل حليف محتمل ضدها. ويورد التقرير نقلا عن كاتب، قوله إن القلق بشأن إيران أصبح يعد "أكثر تهديدا وجوديا من القضية الفلسطينية.. فهم قلقون من أن يتم تهديد وجودهم المادي من إيران، أكثر من إسرائيل"... وعلى نفس المنوال قالت صحيفة "الغارديان" في تقرير لمارتن شولوف بعنوان "أين الغضب الذي كان هناك ذات مرة، القضية الفلسطينية تثير اللامبالاة"، إن دول المنطقة لم تعد تنظر للقضية الفلسطينية بصفتها موضوعا مركزيا أو قضية تستحق الدفاع عنها.  واشار التقرير، إلى أن فلسطين ظلت وخلال السبعين عاما الماضية الموضوع الذي يحفز الشارع العربي، وأنه بعد غزو العراق عام 2003 بدأ هناك تغيير بطيء، وأصبحت إيران مع مرور الوقت الشغل الشاغل للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وأصبح الفلسطينيون في المرتبة الثانية، مشيرا إلى أنه جاء بعد ذلك دونالد ترامب، وأصبح الموضوع الذي كان حاضرا في المنطقة بلا مقعد في حفلة الأوركسترا ولا حتى ذكر له.  وقالت الصحيفة إنه "لم يتم تلقي خطة ترامب التي طال انتظارها في الشارع العربي بحماس أو غضب، فقط لامبالاة في منطقة لم تعد فيها القضية الفلسطينية مركزية لمصير العرب، ولم يعد هناك دعم بالسر أو في الظل، بل أصبح مصادقة علنية".  
بدورها رأت صحيفة " الديلي تلغراف" أن "الفلسطينيين باتوا معزولين دبلوماسيا وسط دول عربية مرحبة بخطة ترامب". يقول سانشيز إن "الفلسطينيين وجدوا أنفسهم في عزلة دبلوماسية بعد الإعلان عن صفقة ترامب للسلام وسط صمت من الدول العربية والأوروبية حيث لم تعارض أي دولة اقتراح ترامب الذي يمنح إسرائيل الحق في ضم مناطق كبيرة من الضفة الغربية المحتلة".ويضيف سانشيز "بينما كانت الفصائل الفلسطينية المتصارعة متوحدة في مواجهة خطة ترامب لم يجدوا إلا القليل من الدعم من حلفائهم العرب حيث رحبت السعودية والإمارات بحذر بخطة ترامب". ويشير إلى ان "الإدانة الإقليمية جاءت من قبل تركيا وإيران وهما الدولتان المعروفتان بعدائهما لإسرائيل بشكل تقليدي، وعلى عكس السعودية والإمارات ليس لديهما حماس كبير لخطابات تصالحية مع ترامب". ويضيف "هذا الصمت سيجعل الفلسطينيين يواجهون التصرفات التوسعية الإسرائيلية بمفردهم خلال الأسابيع المقبلة وهو ما سوف يغير شكل الحدود في المنطقة لصالح إسرائيل".
انشغال الصحف ب"صفقة القرن" لم يمنعها من مقاربة مواضيع اخرى كالشأن الايراني واللبناني حيث لا تزال الصحف تتناول تداعيات اغتيال الفريق قاسم سليماني ومستقبل الحكومة المشكلة حديثا في لبنان.  وفي  صحيفة "الغارديان" كتبت كيم غطاس مقالا قالت فيه إنه على الرغم من الخطاب الناري للرياض إلا أنها تستفيد فعليا من المواجهة بين إيران والولايات المتحدة. وقالت غطاس إن "هذا التنافس أصبح جزءا جوهريا في علاقة العداوة بين أمريكا وإيران على مدى الأربعين عاما الماضية، حيث خلق علاقة ثلاثية تؤدي السعودية فيها دور الثقل الموازن لطهران، لكن السعودية تتغذى على هذا الوضع وتغذيه، فبالمقدار ذاته الذي تكره فيه المملكة إيران، أصبح موقعها بصفتها صديقة خاصة لأمريكا في المنطقة مرتبطا باستمرار النظام في طهران". ووجدت الكاتبة أن "هذا ما يفسر غضب الرياض من باراك أوباما عندما سعى إلى انفراج مع إيران، خشية من أن ذلك سيقوض مكانتها في المنطقة، فأخطاء السعودية وتجاوزاتها كلها تبدو معفاة ما دامت إدارة ترامب تركز على الضغط على إيران".   واستدركت غطاس بأن "السعودية تجد نفسها الآن في مواجهة معضلة معقدة، فهي تريد أن تضرب إيران لكنها لا تريدها أن تكسر، وتعتمد على الآخرين لفعل ذلك لأنها ليست قادرة على القيام بهذه المهمة، لا من ناحية عسكرية ولا من ناحية تخطيط استراتيجي، لكن السعودية اكتشفت أن إدارة ترامب قد تكون صديقا متقلبا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن المملكة في حالة تعرضها لهجوم إيراني، كما حصل في أيلول2019، عندما قامت ما يعتقد أنها طائرات مسيرة إيرانية بمهاجمة منشآت نفطية سعودية."
 ونوهت الكاتبة إلى أنه "بعد مقتل سليماني تتطابق دعوات السعودية لتخفيض التصعيد مع النموذج ذاته، وبعد أن شاهدت بقلق تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة على مدى السنوات القليلة الماضية بفضل عمل سليماني إلى حد كبير، فإن السعودية ستكون الآن تأمل بأن تكون هناك فرصة لها؛ لأنه بغض النظر عن عدد حيل سليماني التي تم إدخالها إلى المؤسسة، فإن خليفته لن يكون بالفعالية ذاتها التي كان هو فيها، فهل هناك فرصة للحوار مع زعماء الشيعة في العراق الذين يحرصون على النأي بأنفسهم عن إيران؟ وهل هذه هي اللحظة للحصول على تنازل من حزب الله في لبنان، الذي يعد وكيل إيران الأنجح؟". وتفيد غطاس بأن "هذا القائد الإيراني كان عدوا لولي العهد الشاب، فهو شخص في الغالب أثار شيئا من الغيرة والإعجاب لتمكنه من تحقيق ما شعر ابن سلمان أن المملكة لم تتمكن من إتقانه: استراتيجية إقليمية تثير الخوف والاحترام وشبكة من الوكلاء والحلفاء". وقالت الكاتبة: "الآن حين أظهرت أمريكا أنيابها بقتل سليماني وفرض مزيد من العقوبات على إيران، فإنه يمكن للسعودية أن تشعر بالاطمئنان، لكن لا يمكنها التأكد إن كانت هناك سياسة ترامبية جديدة متماسكة أم أن هذه مجرد فلتة ستعرضهم مرة أخرى للمرة القادمة التي تقرر فيها إيران توجيه ضربة".
وفي "معهد الشرق الأوسط" رأى بلال صعب أن الحركة الاحتجاجية في لبنان قد فشلت، وهذا وليس بالضرورة بمثابة اتهام لها، وإنما حقيقة لا يمكن أحداً تجاهلها ولا يجب أن يقوم بذلك، معتبراً أن المسؤولية تقتضي محاولة فهم ما حدث من أخطاء، على رغم مئة يوم من التظاهرات في أنحاء مختلفة من البلاد، بما فيها العاصمة بيروت. بداية يواسي صعب المنتفضين، مذكراً بأن اللبنانيين يدركون بأنه مر التاريخ، فشلت معظم الانتفاضات والثورات في تحقيق أهدافها. وحتى عندما كانت تنجح، لم تكن تستمر نجاحاتها طويلاً وكان يجري قلبها بسبب ثورات مضادة، خارجية ومحلية أو بسبب مخربين آخرين، من الداخل والخارج على حد سواء.
ورأى أنه ليس غريباً أن يكون المحتجون اللبنانيون قد أخطؤوا، فمعظم الآخرين عبر التاريخ لم يكونوا قادرين على تحقيق أهدافهم لأنهم لم يزاوجوا بين رؤيتهم والتنظيم. ولم يكونوا متحدين وفي بعض الأحيان ويفتقرون إلى الأعداد الكافية (علماً أن العلاقة بين الحجم والنجاح في هذا السياق مسألة معقدة). كذلك، لم تكن توقعاتهم واقعية، كما أن استراتيجياتهم للتغيير، بين تكتيكات سلمية أو عنفية، ونشاط مركزي أو لامركزي، وقيادة أو دون ثيادة، التفاوض مع الحكومة أو رفضه، كلها كانت غير فعالة. كذلك، ولكن مع أن عيوب المحتجين وديناميات الانتفاضة هي أشياء عادية، ثمة أخرى استثنائية. فبخلاف الكثير من الانتفاضات الأخرى، لم يواجه لبنان عنفاً أو قوى قمعية في الداخل والخارج. وزادت قوى الأمن من قمعها للمحتجين في وقت متأخر، وأخفقت في أوقاتٍ أخرى في حمايتهم من التظاهرات المضادة لحركة أمل وحزب الله. لكن مقارنة مع مع الحالات الدموية في مصر وسوريا ودول أخرى في المنطقة، يمكن الاستنتاج أن الانتفاضة اللبنانية حظيت ببيئة أمنية متسامحة نسبياً. فلا ديكتاتور مجنوناً في بيروت ولا جيوش أجنبية تعمل على قمع الانتفاضة. طبعاً هناك حزب الله الذي يملك كل مصلحة في مواجهة أي تغيير قد يشكل تحدياً لهيمنته السياسية والحكم الذاتي الذي يتمتع به عسكرياً، ولكن بسبب مصالحه البراغماتية الخاصة، امتنع عن استخدام العنف، على الأقل بشكل ممنهج، لوضع حد لنشاط المحتجين. وفي هذا المجال، فإن المتظاهرين اللبنانيون قد تفادوا لحسن الحظ القاتل الأكبر لكل التظاهرات ألا وهو استخدام القوة الوحشية من قبل السلطات وداعميها.
ومع ذلك، رأى أن المحتجين كانوا غير قادرين على تحقيق مطالبهم. متسائلاً: هل كان ذلك بسبب عدم وجود المتغيرات المذكورة أعلاه؟ من المؤكد أن هذا جواب واحد، لكنه جواب جزئي ومخادع. ولدي شكوك حتى أنه لو كان المحتجون اللبنانيون يتمتعون بتنظيم محكم، وقائد كاريزماتي، وبرنامج موثوق، ووحدة قوية، واستراتيجية فعالة، وأعداد كبيرة، ما كانوا سيستطيعون "طرد كل الأوليغارشية من البلد"، وفق ما يريدون، وتنصيب مؤسسة سياسية جديدة بديلة عنها. هذا لأن الانتفاضة اللبنانية قد كشفت عن بعض الحقائق المزعجة حول البلد الذي دفن لفترة من الزمن. وقال إنه لا يفترض أن اللبنانيين يستأهلون سوء الحظ الراهن، مضيفاً: "لا شيء في الانتفاضة كان حتمياً أو كان يمكن تجنبه. صحيح أن شريحة كبيرة من اللبنانيين قد استفاقت وأدركت كم هي متعفنة تلك السياسات في البلد، لكن حتى في أفضل الأيام، فإن عديد المشاركين في الحركة الاحتجاجية قد بلغ مليوناً. وهذا شيء مؤثر، لكنه لا يزال أقل من ربع عدد سكان لبنان. ماذا عن الثلاثة أرباع الآخرين؟ لا يمكنني أن أجزم ما هي أفكارهم ومشاعرهم حيال الانتفاضة. وأنا متأكد من أن البعض، يتعاطف مع مطالبها لكنه لا يستطيع أن ينزل إلى الشارع لأسباب مختلفة. لكن الآخرين، وهم الغالبية، يريدون للانتفاضة أن تنتهي. والمنتقدون والمشككون والمحتجون على الوضع الراهن، متضررون اقتصادياً مثل معظم الناس. لكنهم غير مستعدين لإدانة واقتلاع النظام الطائفي وكذلك النظام الاقطاعي. هذا ما عرفوه في حياتهم. هم ببساطة غير راغبين في البدء من جديد بأسس جديدة وغير مختبرة".
وأضاف أنه هناك أيضاً أم الحقائق المزعجة، وهي أن لبنان لا يعيش هذه الفوضى بسبب حزب الله. "لكن لا تخطئوا الحكم عليي، إن حزب الله هو مشكلة كبيرة لأنه خطف سياسات البلد ولأنه يأتمر فقط بقوة أجنبية. لكنه ليس السبب الأساسي لنظام فاشل لم يحقق سوى الخراب السياسي والإفلاس السياسي. هذا إخفاق لبناني جماعي، ونتيجة فهم لدى الطبقة السياسية يقوم على أن حزب الله يؤيد الفساد الواسع لزعماء الطوائف الآخرين، وهو يحصل على السيطرة على شؤون الحرب والسلام، ملقياً بذلك بمفهوم المساءلة من النافذة".