»

الغارديان: يحتاج محمد بن سلمان إلى شخص راشد معه

27 كانون الثاني 2020
الغارديان: يحتاج محمد بن سلمان إلى شخص راشد معه
الغارديان: يحتاج محمد بن سلمان إلى شخص راشد معه

الميادين

كتبت نسرين مالك مقالة رأي في صحيفة "الغارديان" البريطانية تناولت فيها السلوك الفوضوي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وقالت إن هناك مشهداً مشهوراً من فيلم The Dark Knight ح حيث يقدم الجوكر رؤية نادرة حول سبب قيامه بأشيائه الفوضوية التخريبية إذ يقول: "أنا مثل كلب يطارد السيارات. لا أعرف ماذا سأفعل بها إذا قبضت على سيارة منها، كما تعلم، أنا فقط أقوم ... بأشياء".
وتضيف الكاتبة: هناك أمير شرق أوسطي معين يمكن أن تكون أفعاله أكثر دقة وأوضح من هذه الفلسفة. إذ خلقت التربية المدللة وعدم المساءلة الكاملة والثروة السيادية الهائلة مجتمعة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نوعاً من الشرير الفوضوي والجلف.
كان هناك القتل الأخرق للصحافي جمال خاشقجي، الذي لم يقتل فقط في سفارة تخضع للتنصت، ولكن حيث التقطت كاميرات المراقبة القتلة(الذين استخدموا جوازات سفرهم الحقيقية، بأسمائهم الحقيقية) إذ لبس أحدهم ملابس القتيل في محاولة للإيهام بأنه قد خرج من القنصلية. لكن الفصل الأخير من هذا السلوك الشرير هو اتهام محمد بن سلمان بأنه اخترق هاتف جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون"، أغنى شخص في العالم، عبر رابط تم إرساله على رسالة واتسآب واستخرج منه مجموعة كبيرة من معلوماته الشخصية، من دون وجود أي محاولة من محمد بن سلمان لتغطية ذلك. وقد يكون علينا أن نشكر محمد بن سلمان على تسريب رسائل بيزوس إلى عشيقته، وهو تسريب أعقبته محاولات لابتزاز رئيس أمازون.
وتسأل الكاتبة: لكن ما الذي كان محمد بن سلمان يبحث عنه بالضبط؟ هل كانت ضربة انتقامية ضد انتقاده في صحيفة "واشنطن بوست"، التي كتب فيها خاشقجي والتي يملكها بيزوس؟ هل كان محمد بن سلمان يحاول كسب بعض النفوذ ضد بيزوس؟ ومع ذلك، لم يكن خاشقجي الخصم الأكثر صراحة للعائلة المالكة السعودية. لماذا يخاطر محمد بن سلمان، الرجل الذي يحرص على تقديم نفسه كمصلح، بمثل هذا القدر الكبير من التجريم الدولي، وبمثل هذا الضرر الذي يلحق بسمعته، لإسكات أحد السعوديين البارزين في الصحافة الغربية في مقابل نقد أكثر اعتدالاً؟
تقول الغارديان إن الجواب هو، لأن إبن سلمان اعتاد طوال حياته على الإفلات من العقاب، فقد اعتاد على إرضاء كل نزوة. فهو مثله مثل أبناء المستبدين الآخرين على غرار عدي حسين، نجل صدام حسين، الغريب، الذي اشتهر بقتل أولئك الذين تسببوا في أقل إهانة له، حتى بين الموالين للرئاسة
وصهريه. وتشير الصحيفة إلى أن محمد بن سلمان قد عزز في البداية موقعه من خلال حملة لتطهير الأصدقاء والعائلة في "حملة لمكافحة الفساد". كما أن حربه المأساوية في اليمن، التي أطلقها عندما تولى منصب وزير الدفاع في العشرينات من عمره وأصبحت الآن مستنقعاً للسعوديين، كانت مناورة دفاعية غير محسوبة وحركة غير ناضجة.
بصرف النظر عن تلك الحوادث سيئة السمعة دولياً والمغامرة العسكرية، فإن رفع محمد بن سلمان إلى مستوى حاكم الأمر الواقع في المملكة العربية السعودية قد جلب إليه دسائس القصر السوداء. ففي أيلول / سبتمبر الماضي، تم إطلاق النار على حارس شخصي رفيع المستوى موالٍ لوالده، الملك سلمان، وقتله، على ما يبدو بسبب "نزاع شخصي" مع صديق. بدأت الشائعات تعمم أن الوفاة كانت نتيجة عدم رضى المؤسسة الأمنية القديمة على سلوك محمد بن سلمان المتقلب.
واعتبرت الكاتبة أن الازعاج هو الآن سمة مميزة للدعاية السعودية ونشاطها على الإنترنت. لقد تم بالفعل تنشيط جيش إلكتروني على تويتر لمهاجمة جيف بيزوس والدعوة لمقاطعة شركته "أمازون" لتلقينه "درساً لن ينساه" إذا لم يعتذر عن الادعاء بأن محمد بن سلمان قد اخترق هاتفه. في العام الماضي، قام توتير بتعليق 90 ألف حساب تم استخدامها لتخويف أولئك الذين انتقدوا العائلة المالكة السعودية، وتم حذف هاشتاغات تويتر الجماعية التي تمجد ولي العهد السعودي. وأشارت الكاتبة إلى أنها بعد كتابتها بشكل انتقادي عن العائلة المالكة السعودية، غالباً ما استُهدفت عبر الإنترنت بحسابات موالية للحكومة السعودية تدعي أنها تتلقى تمويلاً من قطر.
لا يوجد أي مخطط رئيسي لهذه الحملة على الإنترنت، ولا في الواقع لجهود العلاقات العامة السعودية ككل، بصرف النظر عن إلقاء نوبات الغضب على أولئك الذين يشيرون إلى أنه ربما ليس الكل في قلب المؤسسة الملكية السعودية. يتماشى النموذج الملموس لتكوين الصداقات والتأثير على الناس مع الأسلوب المراهق لولي العهد في العلاقات الخارجية. لأنه يقوم على الجشع والإحباط لكونه لا يمكنه شراء كل شيء. في رحلاته إلى الولايات المتحدة، أمن محمد بن سلمان اجتماعات مع ملوك وادي السيليكون، مثل مارك زوكربيرغ وبيزوس نفسه.
ورأت الكاتبة أن هناك نمطاً من السلوك يجعل من الصعب على الحلفاء الغربيين الاستمرار في تصوير السعودية كحليف مؤهل في المنطقة. إذ تقوم السياسة الخارجية الغربية منذ فترة طويلة على صورة نمطية من القطبية الإقليمية، حيث تعتبر إيران الدولة الشريرة غير المتزنة والمخصبة لليورانيوم، والسعودية هي الجهة الفاعلة المسؤولة المتوازنة، التي من المهم الحفاظ عليها جنباً إلى جنب ودعمها من أجل الحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
كان هذا دائماً خيالاً، لكنه الآن أصعب تصديقه، حيث يواصل ولي العهد السعود إثبات عدم وجود أحد راشد في حكومته.
تشير آخر التقارير إلى أن بوريس جونسون تعرض للهجوم برسائة رموز تعبيرية emoji من محمد بن سلمان على تطبيق واتسآب مما يضع رئيس الوزراء في موقف لمحاولة معرفة ما إذا كان قد تم اختراقه، أو إذا كان محمد بن سلمان مجرد مغرم بالتواصل عبر الصور وليس الكلمات. كما حدث من قبل، تم تسريب هذا أيضاً إلى الصحافة: يبدو أن محمد بن سلمان يعتقد أنه بسبب عدم وجود وسائل إعلام فاعلة في السعودية، لا يوجد ذلك في أي مكان آخر.
وختمت الكابتة أن ما يميز محمد بن سلمان هو كونه "فوضى قائمة على نزوة، يتم تنفيذها عبر صندوق ألعاب للأدوات". وقالت إنه "ربما ينبغي عليّ مراجعة مقارنتي السابقة. إنه يفتقر إلى الذكاء والمكر اللذين يتمتع بهما الجوكر.. فالشيء الوحيد الذي يفعله محمد بن سلمان بشكل ثابت في انتهاكه المعايير الدولية هو قيامه بذلك بطريقة خرقاء يمكن تتبعها حتى يتم القبض عليه دائماً.