»

«نيويورك تايمز»: أكثر تدميرًا من الصواريخ.. هذه أقوى أسلحة إيران

13 كانون الثاني 2020
«نيويورك تايمز»: أكثر تدميرًا من الصواريخ.. هذه أقوى أسلحة إيران
«نيويورك تايمز»: أكثر تدميرًا من الصواريخ.. هذه أقوى أسلحة إيران

ساسة بوست

أعدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تقريرًا عن أسلحة إيران التي قد ترد بها على اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بعد الهجمات الصاروخية التي نفذتها يوم الأربعاء على قواعد أمريكية داخل العراق، والتي لم تُحدث أي إصابات في صفوف الأمريكيين.
يتحدث التقرير الذي أعده مدير مكتب الصحيفة بلندن ديفيد كيركباتيرك والكاتب الصحافي الإسرائيلي رونين برجمان عن امتلاك إيران أسلحة أخرى أقوى من الصواريخ التي أطلقتها على القواعد الأمريكية ولم تحدِث الكثير من الأضرار.
تقول الصحيفة في مستهل تقريرها: «إن المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الأمريكيين فوجئوا بدقة الهجوم الإيراني وحجمه والجرأة الشديدة التي اتسم بها».
وتضيف أنه قبل أربعة أشهر استهدفت مجموعة من الطائرات بدون طيار المسلحة التي تحلق على عُلوٍّ منخفض وصواريخ كروز خزانات النفط في المركز الرئيسي لصناعة النفط السعودية؛ الأمر الذي أصاب واشنطن بالدهشة وتسبب أيضًا في وقف 5% من مجمل إنتاج النفط العالمي مؤقتًا.
تنوه الصحيفة إلى أنه لا يوجد أية دولة في المنطقة – ربما تكون إسرائيل هي الاستثناء في ذلك الصدد – كانت تستطيع التصدي لذلك الهجوم.
التوترات الأمريكية الإيرانية تصل لأعلى مستوياتها
وتوضح الصحيفة أن الهجوم الإيراني على القواعد العسكرية الأمريكية الذي وقع في وقت مبكر يوم الأربعاء داخل العراق، وهو الهجوم المباشر الوحيد على الولايات المتحدة وحلفائها الذي تتبناه إيران منذ حادث اقتحام السفارة الأمريكية في طهران عام 1979، اعتمد على الصواريخ الباليستية وتسبب في أضرار قليلة.
وتتابع الصحيفة: «لكن مع وصول التوترات بين الولايات المتحدة وإيران لأعلى مستوى لها خلال أربعة عقود، فإن النجاح غير المتوقع لهجمات سبتمبر (أيلول) الماضي على منشآت النفط السعودية يُعد تذكيرًا صارخًا بأن إيران تمتلك مجموعة من الأسلحة السرية في ترسانتها قد تشكل تهديدات أكبر في حال تصاعد الأعمال العدائية».
وبالرغم من أن إيران نفت مسؤوليتها عن الهجوم على منشآت النفط التابعة لشركة أرامكو السعودية، خلص مسؤولون أمريكيون إلى أن إيران كانت تقف وراء ذلك الهجوم، عن طريق إرسال طائرات دون طيار وصواريخ من إيران أو جنوب العراق.
ووفقًا للصحيفة فإن الجيش الإيراني التقليدي تدهور بشدة خلال فترة العزلة النسبية التي تعرضت لها البلاد منذ اندلاع الثورة الإسلامية في عام 1979، غير أن إيران قضت عقودًا تصقل قدراتٍ غير تقليدية، حتى باتت الآن من بين القدرات الأكثر قوة في العالم، وملائمة بشكل مثالي لتنفيذ حرب غير متناظرة ضد قوة عظمى مثل الولايات المتحدة.
تسيطر إيران على إحدى كبرى ترسانات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز بالمنطقة، ولديها شبكة من الميليشيات الحليفة لها، فضلًا عن أكثر من 250 ألف مقاتل، إضافةً إلى فريق من قراصنة الحاسوب «هاكرز» يصنفهم مسؤولون أمريكيون بأنهم من بين الأكثر خطورة في العالم.
طورت إيران أيضًا طائرات مراقبة مسلحة بدون طيار، ولأنها تفتقر إلى أسطول تقليدي قوي؛ سعت بطرق أخرى لوقف تدفق النفط قبالة الخليج العربي من خلال أسطول من الزوارق السريعة الصغيرة ومخزون من الألغام المزروعة تحت الماء.
وتنقل الصحيفة عن جاك والتينج المحلل بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة وهو مركز أبحاث أمنية في لندن قوله: «إن قدراتهم الهجومية أكبر بكثير من القدرة الدفاعية التي تصطف ضدهم. كما أن قدرتهم على إلحاق أضرار جسيمة تجعل تكلفة الحرب مع إيران كبيرة للغاية».
وتشير الصحيفة إلى أن هجوم إيران الأربعاء الماضي، والذي وصفته بأنه «غير فعال»، أظهر نطاق صواريخها الباليستية – والتي يصل بعضها لأكثر من 600 ميل – بالرغم من عدم دقتها؛ إذ سقط العديد منها بعيدًا عن الأهداف المفترضة لها.
وألمح بعض المحللين إلى أن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي ربما يكون قد أمر عمدًا بشن هجوم «رمزي» غير ضار نسبيًا؛ ليظهر للإيرانيين أن هناك ردًا قويًا على اغتيال سليماني، دون إشعال حرب شاملة مع واشنطن.
ويقول كريم سادجابور، الباحث الإيراني في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: «كان على خامنئي أن يختار ردًا محسوبًا بدقة؛ بحيث يحفظ ماء وجه إيران من ناحية، ولا يكون كبيرًا للغاية لدرجة أن يخرج الموقف عن السيطرة، من ناحية أخرى».
وترى الصحيفة أن إيران وحلفاءها ربما لا يزالون يخططون لأنماط انتقام غير معلنة ردًا على اغتيال أمريكا الأسبوع الماضي لسليماني فيما يزعم محللون أن إيران وحلفاءها من الميليشيات المسلحة سيعودون إلى نمط هجماتهم السرية غير المباشرة التي لا تترك وراءها أي دليل واضح حول مسؤولية طهران عنها.
وقالت الميليشيات المدعومة من إيران داخل العراق، والتي فقدت أيضًا أحد قادتها، وهو أبو مهدي المهندس في الغارة الأمريكية ذاتها التي قتلت سليماني يوم الأربعاء: إنها ستثأر بطريقتها الخاصة. وكذا توعد حسن نصر الله الأمين العام لميليشيا «حزب الله» اللبنانية بأن حركته ستنتقم أيضًا على النحو ذاته.
مبدأ العين بالعين
تسلط الصحيفة الضوء على أمر تقول إن إيران أبدت اهتمامًا طويل الأمد به وهو: الاغتيالات، ذلك التكتيك الذي يمكن أن يضاهي وعود المسؤولين الإيرانيين باتخاذ تدابير ترقى لمستوى الانتقام الملائم لمقتل الجنرال سليماني.
وقال العديد من الخبراء في الشأن الإيراني: إن مقتل مسؤول أمريكي على الأرجح داخل المنطقة قد يكون الانتقام الذي تسعى إليه طهران بمبدأ العين بالعين. وفي هذا السياق يقول السير جون جنكنز السفير البريطاني السابق لدى السعودية: «بالتأكيد لن أخرج إلى العديد من الأماكن العامة؛ لأن خطر التعرض للاختطاف أو الاعتداء عليّ كبير للغاية».
تقول الصحيفة: «إن نسبة نجاح إيران في اغتيال المسؤولين الأجانب غير كبيرة؛ إذ حاولت سابقًا وفشلت في اغتيال دبلوماسيين إسرائيليين بتايلاند، وجورجيا، والهند، فضلًا عن تفجير تجمع بالقرب من العاصمة الفرنسية باريس، حيث كان يتحدث رودلف جولياني عمدة نيويورك الأسبق».
تمكن عملاء في هيئات إنفاذ القانون الأمريكية من إحباط مؤامرة لتفجير مطعم إيطالي في واشنطن بهدف مقتل دبلوماسي سعودي.
تشير الصحيفة أيضًا إلى أنه خلال العام 2011 تمكن عملاء في هيئات إنفاذ القانون الأمريكية من إحباط مؤامرة «وقِحة وحمقاء» لاستئجار بلطجية من عصابة مخدرات مكسيكية «كارتل» بقيمة مليون ونصف مليون دولار لتفجير مطعم إيطالي في واشنطن بهدف قتل دبلوماسي سعودي.
يعلق إيلان جولدنبرج المسؤول السابق بالبنتاجون ورئيس فريق إيران بالوزارة في ذلك الوقت على ذلك قائلًا: « لم نستطع تصديق ذلك.. الجميع داخل الاستخبارات كان يعتقد أن ذلك كان مجرد ضجيج جنوني، حتى ظهرت دفعة أولى من المبلغ بقيمة 150 ألف دولار في حساب بنكي».
نقطة ضعف في معظم أنظمة الدفاع الصاروخي
تنوه الصحيفة عن أن هجوم سبتمبر الماضي ضد السعودية يقدم بديلًا مخيفًا، ويرجع ذلك جزئيًا لأنه كشف عن نقطة ضعف في معظم أنظمة الدفاع الصاروخي، وهو أن غالبيتها مصمم للدفاع ضد الصواريخ الباليستية، ولم يجر تجهيز أي منها للكشف عن عدد كبير من صواريخ الكروز والطائرات دون طيار عالية السرعة التي تحلق على علو منخفض، ناهيك عن إيقافها.
ويؤكد مسؤولون أن الهجوم أظهر أن التكنولوجيا الإيرانية أكثر تطورًا مما توقعته وكالات الاستخبارات الأمريكية. ويقول الجنرال كينيث ماكينزي قائد القيادة الأمريكية الوسطى في مقابلة جرت مؤخرًا: «إن الهجوم على حقول النفط في السعودية كان مذهلًا في مدى جرأته».
تنقل الصحيفة عن تال إنبار، المدير السابق لقسم الفضاء والبحوث لدى معهد فيشر لدراسات الجو والفضاء الاستراتيجية في إسرائيل، قوله: «إن دقة الهجوم لم تكن لتتحقق بمجرد استخدام نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS)» ويرجح أن الهجوم استعان بقدرات أفضل بكثير خلال ذلك الهجوم. مشيرًا إلى احتمالية تركيب كاميرات على الصواريخ والطائرات بدون طيار لمقارنة الواقع بصورة الهدف.
تقول الصحيفة: «على عكس الطائرات دون طيار الأمريكية أو الصينية الأكثر تطورًا، لا تستطيع الطائرات الإيرانية إطلاق الصواريخ من الجو.. لكن يمكن تحميلها بالمتفجرات، على النحو الذي يعتقد أنه استخدم في الهجوم الذي استهدف السعودية، لتصبح صواريخ موجهة عن بعد».
دور الصين وروسيا وكوريا الشمالية 
تكشف الصحيفة عن أن صواريخ كروز الإيرانية طويلة المدى يمكنها أن تضرب أهدافًا على بعد أكثر من 1500 ميل (2400 كيلومتر) من حدود إيران، وتصل إلى أماكن بالخليج العربي. وفي حين زودت الصين وروسيا وكوريا الشمالية إيران بالتقنية والذخائر، أنتجت إيران داخليًا طائرات دون طيار يجري التحكم فيها عن بعد.
«هذا هو ما يجعل قوة إيران تمتد إلى ما وراء حدودها»
وحتى وقت قريب فضلت إيران الاعتماد على شبكتها من الميليشيات الحليفة لها بالمنطقة، بما في ذلك «حزب الله» في لبنان ومجموعة الميليشيات العراقية المنضوية تحت لواء قوات «الحشد الشعبي» و«الحوثيين» في اليمن وغيرها من الجماعات في جميع أنحاء المنطقة.
ويلفت التقرير إلى أن بعض تلك الميليشيات، مثل «حزب الله» أو القوات العراقية، كبيرة الحجم ومسلحة جيدًا ومؤسسية لدرجة تجعلها أشبه بجيوش محترفة أكثر من كونها مجرد ميليشيات غير رسمية.
يعلق أفشون أوستوفار الأكاديمي المتخصص في الشؤون الأمنية الإيرانية بالمدرسة البحرية العليا في مونتيري بولاية كاليفورنيا على هذه القدرات قائلًا: «هذا هو ما يجعل قوة إيران تمتد إلى ما وراء حدودها».
وتنتقل الصحيفة بعدها للحديث عن رد فعل إدارة الرئيس دونالد ترامب على إيران وعقوباتها الاقتصادية الواسعة ضد طهران خلال العام الماضي والتي أضرت باقتصادها وحدّت من قدرتها على تمويل هذه الميليشيات المتحالفة معها.
«فترة وعرة من الصراع»
لكن تقريرًا أصدره مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية الأسبوع الحالي خلُص إلى أن إجمالي عدد المقاتلين في صفوف الميليشيات المدعومة إيرانيًا استمر في الزيادة باطراد ليتراوح ما بين 150 ألف إلى أكثر من 250 ألف مقاتل.
وبالرغم من جهود الولايات المتحدة وإسرائيل استمرت إيران في تهريب صواريخ متنوعة المدى والقدرات إلى وكلائها في سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، وفقًا لمسؤولي دفاع أمريكيين وإسرائيليين.
وتوضح الصحيفة أن موجة الهجمات الأخيرة بدأت بين الولايات المتحدة وإيران بهجوم صاروخي أدى إلى مقتل عسكري أمريكي في العراق، لترد الولايات المتحدة بضربة على ميليشيات مدعومة إيرانيًا لتبدأ حلقة من التصعيد.
وتستطرد الصحيفة: «لكن بعيدًا عن وضع حد لهذه الهجمات الصاروخية، قالت بعض الميليشيات التي تدعمها إيران في العراق، إنه حتى بدون التشجيع الإيراني فإنها تعتزم الآن تصعيد هجماتها على القوات الأمريكية من أجل طردها من البلاد».
ويعتقد أوستوفار أننا نتهيأ لما «سيكون فترة وعرة من الصراع».
سلاح الهجمات الإلكترونية.. ورقة إيران الرابحة
تنتقل الصحيفة للحديث عن سلاح آخر يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة بتكلفة أقل ولا يترك وراءه أدلة على هوية المنفِّذ وهو سلاح الهجمات الإلكترونية الذي ربما يكون ورقة إيران الرابحة. مدللةً على ذلك باكتشاف خبراء الأمن الإلكتروني والمسؤولين الحكوميين زيادة في الأنشطة الضارة من جانب القراصنة المؤيدين لإيران
ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يعتقد هؤلاء المسؤولون أنهم قد ينفذون هجمات أكثر خطورة من داخل طهران.
يقول المسؤولون الأمريكيون وخبراء الأمن الإلكتروني المستقلون إن هجمات البرمجيات الخبيثة الإيرانية على السعودية كانت من بين أكثر هذه الهجمات تدميرًا في التاريخ؛ حيث تسببت في أضرار بعشرات الملايين من الدولارات.
أقدم القراصنة على محو المعلومات من الأقراص الصلبة لشركة النفط الحكومية السعودية «أرامكو» وترك صورة علم أمريكي محترق على الشاشات.
وتتحدث الصحيفة تفصيلًا عن هذه الهجمات والتي كان أولها هجوم 2012 الذي عزاه مسؤولون أمريكيون إلى إيران، حين أقدم القراصنة على محو المعلومات من الأقراص الصلبة لشركة النفط الحكومية السعودية «أرامكو» وترك صورة علم أمريكي محترق على الشاشات.
أما الهجوم الثاني، والذي وقع عامي 2016 و2017، فأدى إلى تدمير ملفات البنك المركزي السعودي وبعض الوزارات الحكومية والعديد من الشركات الخاصة.
ويصنف دان كوتس مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية الأسبق إيران أنها واحدة من أخطر أربعة مصادر للتهديدات الإلكترونية خلال العام الماضي، إلى جانب الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية.
وأضاف أن إيران قادرة على إحداث آثار تخريبية داخلية مؤقتة، مثل تعطيل شبكات الشركات التابعة لشركة كبيرة ما بين عدة أيام إلى أسابيع، على غرار الهجمات التي أدت لحذف بيانات العشرات من شبكات القطاعين الحكومي والخاص بالسعودية.
وفيما يتعلق بالرد على اغتيال سليماني، ألمحت الصحيفة إلى هجوم إلكتروني قام خلاله قراصنة إيرانيون باختراق مؤقت للصفحة الرئيسة لموقع برنامج مكتبة الإيداع القانوني الفيدرالية، ونشر عبارات مدح لسليماني بدلًا عن محتواه.
ونشر القراصنة رسالة مؤيدة لإيران على الصفحة الرئيسة وصورة لدونالد ترامب ملطخة ببقع الدماء وتعليقا بالأسود والأبيض يقول: «هذا ليس سوى جزء يسير من قدرة إيران السيبرانية».