»

دبلوماسية ظريف في خضم مباحثات عمان

26 كانون الاول 2019
دبلوماسية ظريف في خضم مباحثات عمان
دبلوماسية ظريف في خضم مباحثات عمان

موقع الوقت التحليلي

 غادر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف العاصمة مسقط يوم الثلاثاء بعد اجراء لقاءاته في عمان والتي استمرت يومين متوجهاً إلى طهران. في حين لم يتم الإعلان مسبقًا عن الهدف الرئيسي لهذه الزيارة، ونظرًا لعقود الزمن التي لعبت فيها سلطنة عمان دور الوساطة في التطورات الإقليمية وفي العلاقات الإيرانية الأمريكية ، فان وسائل الإعلام والمحللين ينتظرون أي معلومات او تصريحات من مصادر على دراية بالقضايا والمباحثات التي جرت بين الطرفين وراء الكواليس.
وبعد انتظار دام ليوم واحد، تم أولاً نشر أخبار لقاء ظريف والمتحدث باسم حركة أنصار الله محمد عبد السلام صباح يوم الثلاثاء ، ومن ثم نقلت وسائل الإعلام عن مصادر دبلوماسية إيرانية قولها إن الرياض وافقت على إجراء محادثات مباشرة مع أنصار الله للتوصل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات.
ووفقًا لموقع "العهد" اللبناني ، قال المصدر الدبلوماسي الإيراني: " ان المملكة العربية السعودية لا ترقى إلى مستوى شروطها السابقة واعتراف الرياض بحق اليمنيين في تقرير مصيرهم سيسمح لهم بتحقيق نتائج جيدة".
مفاوضات عمان
بدأت مفاوضات عُمان بين المملكة العربية السعودية وحركة أنصار الله اليمنية بشكل غير مباشر عن طريق الوساطة منذ سبتمبر في أعقاب هجوم صاروخي يمني قوي على منشآت نفط أرامكو السعودية ، مما أدى إلى خفض نسبة صادراتها النفطية الى النصف.
في 11 نوفمبر ، زار الأمير خالد بن سلمان ، نائب وزير الدفاع السعودي وشقيق ولي العهد، عمان للإبلاغ عن خطط الرياض لبدء محادثات مع اليمنيين. واعتبر تعيين الأمير خالد في القضية اليمنية علامة إيجابية على أن السعودية تدرس بجدية بدء محادثات مع أنصار الله هذه المرة لأن القضية اليمنية معقدة وتحتاج إلى صانع قرار متفرغ ومحط ثقة لمحمد بن سلمان.
وبعد الزيارة، أعلن جمال عامر أحد أعضاء الهيئة المفاوضة لحركة أنصار الله الى وكالة أسوشيتيد برس للأنباء في الـ 13 من شهر نوفمبر أن الجانبين كانا على اتصال عبر مؤتمرات الفيديو خلال الشهرين الماضيين.
لكن وفقًا للمسؤولين اليمنيين، فإن المحادثات التي وسطتها سلطنة عمان لم تكن تهدف إلى إنهاء الحرب ، بل كان لها أهداف مؤقتة ، مثل افتتاح المطار اليمني الدولي الرئيسي في صنعاء ، والذي أغلقه التحالف السعودي في عام 2016 ، وركزت المفاوضات على تبادل الأسرى والسجناء. بالإضافة الى ان تحركات المملكة العربية السعودية لنقل أسلحتها إلى جنوب اليمن، أثارت شكوك صنعاء حول رغبة السعوديين الحقيقية في تسوية النزاع، والتي من شأنها عرقلة واحباط مفاوضات عمان.
شملت مخاوف واهتمامات السعوديين الرئيسية تدمير الصواريخ الباليستية وطائرات أنصار الله المسيرة، ومن ناحية أخرى تأمين حدود المملكة. في الواقع، كان السعوديون قد وضعوا شروطاً لبدء المفاوضات أولاً وقبل كل شيء انكار الشعارات السياسية والدعائية التي تبلغ بالتقدم العسكري لأنصار الله، وضمان عدم تطوير قدرة أنصار الله الباليستية، ومن ناحية أخرى التأكد من أن الحوثيين لن يكونوا سبباً في اقتراب إيران من الحدود السعودية.
بطبيعة الحال، تشير هذه الشروط إلى عدم رغبة المملكة العربية السعودية في الوصول إلى طاولة المفاوضات لإنهاء اعتداء دام خمس سنوات على اليمن. لقد دمرت الحرب المملكة العربية السعودية مالياً، والوضع العسكري المتدهور في الجنوب ليس في صالحهم. كان الدافع الأكبر لدخول الرياض في محادثات مباشرة مع أنصار الله بعد الهجوم على منشآت أرامكو هو خشية الإضرار بالاقتصاد السعودي وخيبة أمل الرياض من الدعم العسكري وردود فعل ترامب.
ومن ناحية أخرى نهى مسؤولو الحكومة المستقيلة أيضاً السعوديين عن التفاوض. حيث وصف عبد العزيز جباري منصور هادي ونائب رئيس برلمان عدن خوفًا من عدم الابلاغ بمضمون محادثات عمان, السلام مع صنعاء بأنه خطأ فادح وقال إن السعوديين سيندمون عليه بشدة.
في ضوء هذه الظروف، انتقد أنصار الله اليمن خلال الشهرين الماضيين شعارات المملكة العربية السعودية واجراءاتها المزدوجة في انهاء الحرب وحذر من هجوم مجدد على عمق المملكة العربية السعودية رداً على الضربات الجوية المتكررة من الرياض. الامر الذي هزّ جو المفاوضات.
دليل التغيير ودور إيران
أشارت الأخبار والمعلومات منذ مطلع هذا الشهر إلى أن هناك تطور في المواقف تنبئ بإمكانية بدء مفاوضات مباشرة وجادة بين الجانبين. وفي الرابع من ديسمبر صرح وزير الخارجية العماني بن علوي انه بالنظر إلى الوضع في اليمن، تتفق جميع الأطراف على أن الوقت قد حان لحل النزاع وإنهاء العنف.
وأضاف قائلاً: "لدى المملكة العربية السعودية والقيادة الحوثية الكثير من بطاقات القوة التي تؤدي إلى اتفاق شامل ونهائي لإنهاء الصراع في اليمن".
من ناحية أخرى أشار مبعوث الأمم المتحدة للشؤون اليمنية مارتن غريفيث في مؤتمر توجيهي في مجلس الأمن الدولي قبل أسبوعين، إلى مسألة تبادل أسرى الحرب والهدنة الثنائية واصفاً إياها بالمؤشرات الإيجابية غير المسبوقة. وأشار الدبلوماسي البريطاني السابق إلى انخفاض كبير في الغارات الجوية على اليمن قائلاً: "في الأسابيع الأخيرة، وللمرة الأولى منذ بدء النزاع، لم تحدث أي غارة جوية خلال 48 ساعة ". كما قال إن هجمات الطائرات اليمنية المسيرة والصواريخ الباليستية على السعودية قد توقفت منذ أواخر سبتمبر.
ولطالما كان موقف طهران خلال الحرب اليمنية هو التركيز على إنهاء العدوان والترحيب بالمحادثات اليمنية - اليمنية والابتعاد عن التدخل الأجنبي. رغم أن الحكومات ووسائل الإعلام الغربية والعربية قد اتهمت طهران بإرسال معدات عسكرية إلى اليمن مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ، إلا أنه لم يتم إثباتها على الإطلاق، ويؤكد تقرير حديث صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة حقيقة التطورات العسكرية في اليمن.
في طبيعة الحال ، كانت القضية اليمنية واحدة من أهم التحديات بين المملكة العربية السعودية وإيران في المنطقة في السنوات الأخيرة، لذلك وبالنظر إلى الدعوات المتكررة من قبل كبار المسؤولين الإيرانيين للرياض للحوار وحل النزاعات في القضية اليمنية والمساعدة في إنهاء الحرب عليها يمكن أن يكون مقدمة جيدة لتحسين العلاقات الثنائية بين البلدين. وفي هذه الظروف سيكون دور إيران في مفاوضات عُمان إيجابياً وبناءً بالتأكيد.