»

إستراتيجية الإمارات البحرية في القرن الأفريقي والساحل اليمني

15 أيار 2019
إستراتيجية الإمارات البحرية في القرن الأفريقي والساحل اليمني
إستراتيجية الإمارات البحرية في القرن الأفريقي والساحل اليمني

المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق

تلعب الحسابات الجيوسياسية دورا هاما في تحديد ملامح السياسة الخارجية للإمارات العربية المتحدة . ويسهم نموذج الاقتصاد الحر الذي تتبناه الإمارات ، والقائم على الاستفادة من تاريخها كساحل تجاري ( لا سيما ميناء جبل علي ) " ، في رسم هذه السياسة إلى حد كبير . ومن خلال هذا النموذج المستند إلى حرية التجارة البحرية ، تسعى الإمارات إلى تعزيز دورها كمركز إقليمي ومقر لوجيستي في حركة الملاحة الدولية . ولا يقتصر هذا الجهد البحري على الإمارات بل يشمل أيضًا أغلب الدول الخليجية الأسباب اقتصادية وجيوسياسية تتمدد أذرع الإمارات الجيوسياسية في محاولة لتثبيت موقعها كلاعب إقليمي في إحدى أهم الممرات المائية في العالم . ومن خلال محاولاتها إيجاد موطئ قدم في مضيق باب المندب ، ومضيق هرمز ، سعت الإمارات إلى توسيع طموحتها التجارية واللوجستية للسيطرة على المعبرين المائيين الأهم لحركة سفن الشحن وناقلات النفط في المنطقة . خلال السنوات الأخيرة ، لعبت التطورات التي شهدتها المنطقة دورًا باردًا في تغير التعاطي الدولي مع البلدان الواقعة على هذين الممرين الدوليين .

بالنسبة للإمارات ، ساهمت محاولات الحدّ مما تسميه " النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة ، وعمليات القرصنة التي تنطلق من الصومال ، وإعلان التحالف السعودي حربا على اليمن ، يضاف إليها الأزمة الخليجية وإعلان القطيعة مع قطر ، في تعميق نظرة أبوظبي إلى دول ساحل البحر الأحمر بوصفها أكثر من مجرد شركاء تجاريين ، وتحوّل هذه الدول إلى هدف محوري استراتيجي في سياسة الإمارات . سعت الإمارات لتقديم نفسها على أنها حامية للناقلات النفطية على طول ممر البحر الأحمر ، من خلال إحكام السيطرة على الموانئ وتحويلها مسرحا لطموحاتها التجارية والعسكرية ، كما سعت لتأمين موطئ قدم استراتيجي لها شرق أفريقيا عبر شركة " موانئ دبي العالمية التي تملك الحكومة الحصة الأكبر منها منذ بدء التحالف السعودي حريا على اليمن ، عملت الإمارات على تعزيز حضورها في السواحل الأفريقية المجاورة . في إريتريا ، تمكنت أبو ظبي من السيطرة على ميناء ومطار مدينة عصب مستخدمة إياهما كمرفق عسكري ومركز دعم الوجيستي لحملتها العسكرية على اليمن . وفي إثيوبيا ، استخدمت الإمارات ميناء بريرة التجاري في إقليم أرض الصومال الانفصالي كمهبط لطائراتها الحربية كما استخدمته كمركز استثماري لكسر احتكار ميناء جيبوتي الاستراتيجي . أما في اليمن ، فقد سيطرت الإمارات على جزيرة سقطرى ، بهدف الاستيلاء على الملاذ الأهم بين البحر الأحمر والمحيط المتوسط . جنوبا ، سعت أبو ظبي التأمين نفوذها السياسي والعسكري في عدد من المحافظات اليمنية ، وفي مقدمتها محافظتا عدن والمكلا اللتان تحتويان على موانئ تجارية هامة وفي ضوء محاولات الإمارات إبراز قوتها العسكرية خارج حدودها ، اصطدمت سياساتها التوسعية بمنافسة دول أخرى على التمدد أفريقيا ، ووجدت ابو ظبي نفسها أمام محور متصارع على النفوذ في منطقة تتحكم بجزء كبير من التجارية العالمية . وفي حين تحتدم المنافسة بين الإمارات من جهة وقطر وحليفتها تركيا من جهة أخرى على مراكز النفوذ في السودان ، تتنافس قطر مع السعودية في جيبوتي حيث تسعي الرياض لإقامة قاعدة عسكرية فيها . فيما يبرز لاعب دولي وهو الصين كمركز ثقل في المعادلة ، إذ تجد دول الخليج نفسها في منافسة مع بكين التي تسعى لتدشين منطقة تجارة حرة في جيبوتي .