»

خريطة التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات في اليمن وتأثيرها العسكري والسياسي

25 كانون الثاني 2019
خريطة التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات في اليمن وتأثيرها العسكري والسياسي
خريطة التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات في اليمن وتأثيرها العسكري والسياسي

موقع الجزيرة

أصدر مركز الجزيرة للدراسات دراسة تحت عنوان "خريطة التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات في اليمن وتأثيرها العسكري والسياسي" إرتأى المركز نشرها للإطلاع عليها والإستفادة منها كما يلزم علماً أن المركز لا يتبنى وجهات النظر أو المصطلحات الواردة في الدراسة

تشكيلات مسلحة عديدة تتبع الإمارات في اليمن وتعمل على تنفيذ أجندتها الرامية إلى السيطرة على المواقع الحيوية والاستراتيجية ومنع مؤسسات الدولة اليمنية وحكومة الرئيس هادي من ممارسة دورها. فما هذه التشكيلات؟ وأين تنتشر؟ وما تداعياتها السياسية والأمنية على أمن اليمن ووحدة أراضيه؟

مقدمة 

بعد مرور عام على تدخلها في اليمن، في إطار ما يسمى "التحالف العربي لدعم الشرعية"، انتهجت الإمارات استراتيجية واضحة المعالم، لتقليص نفوذ الرئيس، عبد ربه منصور هادي، والتضييق على حكومته، من خلال إيجاد سلطة موازية، مدعومة بقوات عسكرية وأمنية، تسيطر على مناطق واسعة من الجنوب، وتدير عملياتها فيها. وقد ازداد هذا النهج وضوحًا بعد إقالة الرئيس هادي، رئيس حكومته، الموالي للإمارات، خالد بحاح، في مارس/آذار عام 2016؛ حيث تضمن قرار الإقالة، الإشارة إلى عدم قيام تلك الحكومة بدمج فصائل المقاومة الجنوبية في وحدات الجيش والشرطة.

في ظل الجدل الدائر حول هذه القوات، والاستغلال الإماراتي لها، وتداعياتها القائمة والمتوقعة على أطراف التحالف؛ يدور النقاش والتحليل ذلك في سياق مجموعة من المحاور، التي تتضمنها هذه الورقة.

أولًا: خريطة التشكيلات العسكرية والأمنية التابعة للإمارات
• الساحل الغربي

تنتشر في الجزء الجنوبي والأوسط من هذا الساحل، الوحدات والتشكيلات العسكرية التالية:

1. ألوية العمالقة 

برزت ألوية العمالقة كقوة مؤثرة خلال ما عرف بمعركة "الرمح الذهبي"، التي انطلقت أوائل يناير/كانون الثاني 2017، مستهدفة تحرير الساحل الغربي اليمني المطل على البحر الأحمر، من قبضة الحوثيين. وقد وجدت فيها الإمارات ضالتها، للتقدم نحو ميناء الحديدة، الذي يعد أكبر موانئ اليمن على البحر الأحمر، معتمدة في ذلك على طبيعة المكون البشري لهذه القوات؛ حيث ينتمي أغلب المقاتلين إلى التيار السلفي، الذي يتبنى عداء عقديًّا تجاه الحوثيين، فضلًا عن الموقف المشترك مع الإمارات، تجاه حزب التجمع اليمني للإصلاح، الفاعل السياسي والعسكري الأبرز في السلطة الشرعية. وقد تشكلت، خلال تقدمها على الساحل، في خمسة ألوية عسكرية، يقودها أبو زرعة، عبد الرحمن صالح المحرمي اليافعي (1).

مثَّلت النواة الأولى لهذه القوات، مجموعة من مقاتلي فصائل وكتائب المقاومة الشعبية الجنوبية، التي خاضت معارك شرسة في مواجهة الحوثيين، في كل من: عدن، ولحج، والضالع، وأبين، وشبوة، خلال عامي 2015-2016، وإلى جانبهم مقاتلون من محافظات الشمال، ممن شاركوا في مواجهة الحوثيين في أحداث دمَّاج بين عامي 2013- 2014(2)، وآخرون كشفوا عن أنفسهم في وسائل إعلامية مختلفة، بأنهم ممن انقطعوا عن الخدمة العسكرية؛ نتيجة لتداعيات حروب داخلية سابقة، أبرزها حرب صيف 1994.

بعد السيطرة على ميناء المخاء، أواسط عام 2017، ألحق بهذه الألوية 400 مقاتل (3). وعند بلوغها محيط مدينة الحديدة، كان عدد ألويتها قد بلغ 12 لواء، نتيجة لانضمام المقاومة التهامية إلى صفوفها، لكن هذا العدد من الألوية لا يعبِّر عن معيارية توافق المألوفَ في سائر الجيوش؛ حيث تفيد مصادر وقفت عليها هذه الورقة، بأن متوسط القوة الفعلية لهذه الألوية، يتراوح بين (600 -700) جندي.

تتمركز وحدات من ألوية العمالقة بما فيها المقاومة التهامية، في النسق الأول، الذي يحاصر مدينة الحديدة، وفي النسق الثاني، ضمن قطاعات الساحل، على البحر الأحمر، ابتداء من باب المندب حتى الحديدة، وفي ما وراء مدينة الخوخة، إلى حَيْس، وعلى جانب من الطريق الممتد بين مدينتي تعز والحديدة، بما فيها قاعدة (معسكر) خالد بن الوليد. ويتولى جانبًا من ذلك اللواء 20، بقيادة اللواء هيثم قاسم (4)، واللواء الثالث دعم وإسناد، بقيادة نبيل المشوشي، واللواء الخامس حماية رئاسية، بقيادة محمد البوكري، واللواء الثالث مشاة، بقيادة بسام محضار، علاوة على انتشار محدود في الساحل الجنوبي (5).

2. قوات حراس الجمهورية (قوات المقاومة الوطنية)

تعد قوات حراس الجمهورية صورة مستنسخة من قوات الحرس الجمهوري، التي شملتها عملية هيكلة القوات المسلحة، خلال عامي 2012-2013؛ حيث استقطب الكثير من منتسبي الحرس الجمهوري، والقوات الخاصة، والأمن المركزي، ومدنيون آخرين من مختلف المناطق اليمنية، والتوجهات السياسية، عبر مراكز استقبال تقع في كل من: مأرب، وقعطبة، وعدن، والمخاء، والخوخة (6). وقد أُعلن عن استكمال تشكيلها في أبريل/نيسان 2018، بعد خضوع منتسبيها لبرامج تدريب مكثفة في معسكرات تدريب بمدينة عدن، وتحت إشراف ودعم إماراتي.

أُسندت قيادة هذه القوات إلى طارق محمد صالح (7)، وانطلقت أولى عملياتها من مفرق المخاء، غربي تعز، وتمكنت من السيطرة على بعض المرتفعات المطلة على معسكر خالد، فيما دُفع بوحدات أخرى للحاق بقوات العمالقة والمقاومة التهامية المتقدمة نحو ميناء الحديدة. ومع انطلاق هذه العمليات وصفت وسائل الإعلام الإماراتية طارق صالح بـ"قائد المقاومة الوطنية" عوضًا عن توصيف "قائد ألوية حراس الجمهورية"(8)، في خطوة تشي بنوايا الإمارات في فرضه كقائد على كافة القوات المنتشرة في الساحل الغربي.

يتراوح القوام الفعلي للقوات، التي يقودها طارق صالح بين 5000 -6000 جندي (9)، فيما تقول بعض المصادر: إن العدد بلغ 10000 جندي(10). ومع اقتراب قوات العمالقة من المداخل الجنوبية والشرقية لمدينة الحديدة، نشرت وسائل إعلام مختلفة أن وحدات من حراس الجمهورية تشارك في النسق الأول للهجوم، في محيط كيلو 16، عند أحد مداخل مدينة الحديدة، فيما لا تزال كتائب أخرى تعمل ضمن قوات مختلفة في النسق الثاني، لتأمين المناطق المحررة من هجمات الحوثيين.