»

قـــمــة الـبـريـكـس “2018” والـتـحـديـات الـعـالمـيـة الـراهـــنـة

02 آب 2018
قـــمــة الـبـريـكـس “2018” والـتـحـديـات الـعـالمـيـة الـراهـــنـة
قـــمــة الـبـريـكـس “2018” والـتـحـديـات الـعـالمـيـة الـراهـــنـة

أصدر المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية، الإقتصادية والسياسية دراسة تحت عنوان "قـــمــة الـبـريـكـس “2018” والـتـحـديـات الـعـالمـيـة الـراهـــنـة" إرتأى المركز نشرها للإطلاع عليه والإستفادة منه كما يلزم علماً أن المركز لا يتبنى وجهات النظر والمصطلحات الواردة في الدراسة.

مقدمة:

عقدت قبل أيام 25 ـ 27 جويلية الجاري القمة العاشرة لمجموعة دول البريكس بجوهانسبورغ في جنوب افريقيا وعلى جدول اعمالها الكثير من القضايا العالمية الاقتصادية والسياسية الملحة منها مواجهة النزعة الانفرادية للولايات المتحدة الامريكية في النظام الدولي، النمو الاقتصادي لدول البريكس، الحوكمة العالمية والتنمية المستدامة، التعاون جنوب ـ جنوب، النزاعات المسلحة في شرق المتوسط ، الامن السيبراني لدول البريكس …

اذن على أهمية تلك المسائل تعقد البريكس قمتها العاشرة في ظل متغيرات إقليمية ودولية مهمة على اعتبار ان مجموعة البريكس تمثل قوة صاعدة في النظام الدولي وتهدف بشكل أساسي الى انهاء الاحتكار الأمريكي للقضايا الدولية وحماية اقتصاداتها الناشئة، فضلا عن ذلك المساهمة في النمو العالمي وإرساء الامن والاستقرار الدوليين. وعليه نطرح السؤال التالي:

ماهي أبرز التحديات العالمية الراهنة التي ناقشتها قمة البريكس 2018 ؟

نجيب على السؤال من خلال أربع محاور أساسية:

  1. خـلـفـيـات نشـأة مجـمـوعة دول البـريكس BRICS .
  2. موقع البريكس على الخـارطـة الاقـتـصاديـة الـدولـيـة.
  3. التحديات العالمية المطروحة في قمة البريكس 2018.
  4. تــــوصــــيـــات قـــــمـــة الـــبـــريـــــكــــس 2018.

 

  1. خلفيات نشأة مجموعة دول البريكس  BRICS

مجموعة البريكس BRICS مجموعة اقتصادية بامتياز، وتسمى رسميا باتحاد الاقتصاديات الوطنية الناشئة متكونة من الدول المؤسسة وهي البرازيل وروسيا الهند والصين وانضمت إليها جنوب افريقيا في 2010 ، استعمل مصطلح البريكس أول مرة جيم اونيل رئيس بنك ” غولدمان ساكس”  حيث كتب في تقرير للبنك مفاده ” أن العالم يحتاج في بنائه الى مزيد من البريكس ) الطوب ( لتحقيق النمو الاقتصادي” [1] في إشارة منه الى دور الاقتصادات الحيوية و الصاعدة في القرن الجديد لدول البريكس.

نشأت مجموعة البريكس رسميا سنة 2006 في خضم الحاجة الى تعاون تكامل اقتصادي إقليمي، حيث كانت الازمة المالية العالمية 2008 أبرز عوامل التي ساهمت نشأتها لما خلفته من أضرار على اقتصادات الدول الناشئة [2]، تعقد البريكس قممها دوريا كل سنة في احدى دول المجموعة وتخرج ببيان مشترك يترجم الموقف الموحد للمجموعة من القضايا الدولية، يذكر أن أول قممها عقدت في 2009 في روسيا وفيما يلي باقي قممها:

قمم مجموعة البريكس   2009 ـ 2018:

القمة التاريخ المكان / الدولة المستضيفة القضايا المناقشة
الاولى 16 / 06 / 2009 بيكاتيرينروغ/ روسيا تحسين الوضع الاقتصادي العالمي ،     و اصلاح المؤسسات المالية …
الثانية 16 /04 / 2010 برازيليا / البرازيل  تعزيز مجموعة البريكس ، الشأن الإيراني، التنمية…
الثالثة 14 / 04 / 2011 سانيا / الصين اول قمة تحضرها جنوب افريقيا
الرابعة 29 / 03 / 2012 نيودلهي / الهند انشاء كابل اتصالات ضوئي يربط دول البريكس …
الخامسة 26 ـ 27 / 03 / 2013 دربان / جنوب افريقيا البريكس وافريقيا: تنمية، تكامل، تصنيع…
السادسة 14 ـ 17 / جويلية /2014 فورتالزا / البرازيل انشاء مؤسسات مالية : المصرف الإنمائي وبنك الاحتياط  للعملات الأجنبية …
السابعة 8ـ 9 / جويلية / 2015 أوفا / روسيا قضايا المناخ و التنمية و السلم الدولي و انتقاد السياسات الغربية …
الثامنة 15 ـ 16 / 10 / 2016 بنوليم / الهند عقدت بالتعاون مع منظمة بيستيم
التاسعة 3ـ 5 / 09 / 2017 شيامن / الصين التعاون مع مصر في اطار التنمية …
العاشرة 24 ـ 25 / 07 / 2018 جونسبورغ / جنوب افريقيا التعاون جنوب ـ جنوب ، الشراكة مع افريقيا،  الامن السيبراني …

المصدر: البريكس ـ بتصرف ـ ، موقع المعرفة، على الرابط الالكتروني:

https://www.marefa.org/

وعليه يرى الدكتور كاظم الموسوي ان تأسيس مجموعة البريكس وتطويرها هو في حد ذاته مؤشر على تحول التدريجي في التوازن العالمي من الدول المتقدمة الى الدول الصاعدة، وفرصة للدول النامية لتطوير وتنمية نفسها[3]

  1. موقع البريكس على الخارطة الاقتصادية الدولية

تضطلع البريكس بدور مهم على الساحة الاقتصادية العالمية باعتبارها أكبر تكتل اقتصادي لأسرع خمسة اقتصادات دولية نموا في العالم، فالمعطيات الاقتصادية والاجتماعية لدول البريكس إيجابية، بحيث يبلغ نسبة سكان دول البريكس 43%   من سكان العالم ويبلغ الناتج المحلي لاقتصادات دولها نحو 20 % من اجمالي الناتج العالمي، وبلغت استثمارات دول البريكس الى 11%  من اجمالي حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم أي 465 مليار دولار[4] وهو ما يعني ان نصف الاستثمارات الأجنبية تحوز عليها دول البريكس.

وتمتلك دول البريكس اقتصادات وطنية ناشئة صاعدة حيث[5]:

  • تمتلك الصين ثاني أكبر اقتصادات في العالم بمعدل نمو سنوي 10 % على مدى ثلاثين سنة.
  • الصين أكبر مصدر وثاني أكبر مستورد في العالم.
  • يحتل اقتصاد البرازيل المرتبة السادسة في العالم.
  • الاقتصاد الروسي يحتل المرتبة 11 عالميا من حيث الناتج القومي، والسادس عالميا من حيث القدرة الشرائية.
  • يملك الهند سوقا استهلاكية كبيرة وهي من أكبر الدول المصدرة.
  • يعتبر اقتصاد جنوب افريقيا أكبر الاقتصادات في الاتحاد الافريقي، ومن الدول الرائدة في التعدين وتصنيع المعادن وثالث أكبر مصدر للفحم في العالم.

وقد افاد تقرير البنك الدولي الصادر عام 2012 ان دول البريكس تحتل مراتب متقدمة في التنمية العالمية ما جعلها تقوم بإنجازات كبيرة، حيث أنشأت بنك بريكس الذي يعتبر مركز احتياطيا للعملات الأجنبية ولديه مواصفات المؤسسة الدولية، وتطمح الصين الى انشاء بنك استثمار البنى التحتية[6]، من جهة اخرى تشير التوقعات طويلة الأمد ان البريكس ستساهم بنسبة 50%   في أسواق الأسهم المالية في 2050، وسيتجاوز ناتجها المحلي مثيله في الولايات المتحدة في 2020، و بحلول عام 2027 تصبح البريكس بحجم مجموعة  G[7].

ما يمكن استنتاجه ان لتكتل البريكس وزن اقتصادي مهم في النظام الدولي انطلاقا حجم اقتصادات دولها، وخططها التنموية وإنجازاتها المؤسساتية …

  1. التحديات العالمية المطروحة في قمة البريكس 2018

كانت قمة البريكس 2018 على مدار ثلاث أيام مهمة بأهمية القضايا المطروحة على جدول أعمالها، والوفود رفيعة المستوى التي حضرت فعالياتها واجتماعاتها الرسمية وغير الرسمية وقادة دول كتركيا وانغولا والارجنتين … وهي دول خارج مجموعة البريكس.

ناقشت قمة البريكس عدة تحديات راهنة أبرزها أن النظام التجاري العالمي يواجه تحديات غير مسبوقة، وهي إشارة الى قضية الحرب التجارية والاقتصادية بين الولايات المتحدة الامريكية والصين على خلفية رسوم جمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية على الفولاذ و الالمينيوم الصينيين و إجراءات أخرى فرضتها على روسيا و بلجيكا و المانيا، وقد عبر المنظمون على قلقهم الكبير من الإجراءات الامريكية الاحادية التي تهدد اقتصادات الدول البريكس كالصين وروسيا …والتي من شأنها ان تحدث تأثيرات سيئة على نموهم مستقبلا، مؤكدين على ضرورة وجود اقتصاد عالمي مفتوح يسمح لجميع الدول والشعوب من الاستفادة من مزايا العولمة[8] .

وقد صرح في هذا الصدد الباحث الصيني شيو شيو جين المدير التنفيذي لقاعدة أبحاث مجموعة البريكس التابعة لمركز أبحاث الاقتصاد والسياسة بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ” ان النزعة الحمائية للولايات المتحدة تمثل خلفية هامة لقمة جوهانسبورغ ، خاصة و ان الحرب التجارية قد فرضت عدة تحديات على العالم ، فان طرق مواجهة الحرب التجارية، ستمثل احدى اهم النقاط المطروحة على طاولة نقاش في القمة[9].

من جهة أخرى المتغيرات الراهنة تفرض على مجموعة البريكس بناء نموذج برغماتي تعاوني موسع بصيغة متعددة الأطراف، حيث تناقش القمة النمو الشامل للثورة الصناعية الرابعة، فعلى مستوى التكامل الصناعي تعد روسيا دولة رائدة في الصناعات الثقيلة، وتمتلك الهند صناعة برمجيات متطورة، وهو ما يتيح فرص تعاون برغماتي عالي المستوى في المجال الصناعي، على غرار التعاون في مجال انشاء مناطق صناعية والتسهيلات الاستثمارية والتجارية، وطرح المشاريع التي تجتذب كل الأطراف[10]، وفي اطار الاستثمارات كشفت الصين عن خطة لاستثمار 14 مليار دولار في جنوب افريقية في اطار إقامة شراكات اقتصادية مع دول القارة الافريقية و التعاون جنوب ـ جنوب.

التعاون المؤسساتي كان في صدارة مناقشات القمة، حيث حققت البريكس إنجازات مهمة في هذا الصدد فقد أسست بنك التنمية الجديد للمجموعة، وقد أعلن نائب وزير المالية الروسي سيرغي ستورتشاك استعداد روسيا والهند وجنوب افريقيا للانضمام لبنك بريكس لأسواق الديون المحلية لهذه الدول، من جهة أخرى تطمح روسيا ان دعم القمة البريكس هذه طلب روسيا في استضافة معرض اكسبو 2025 في مدينة يكاتيرينبورغ الروسية [11].

على المستوى السياسي والأمني، نقاش الرئيس الروسي بوتين مع الرئيس التركي أردوغان نزاعات المنطقة العربية وتأثيراتها السلبية عل دول العالم وعلى رأسها النزاع السوري وإمكانيات التعاون معه لتسويته، ومحاربة الإرهاب، التطرف وتهريب المخدرات والجريمة العابرة للحدود وحماية الامن السيبراني لدول البريكس بشكل عام تطرق المجتمعون إلى العوامل التي من شأنها بعث الاستقرار والامن الدوليين.

  1. توصيات قمة البريكس 2018

في ختام القمة العاشرة لمجموعة البريكس وقع أعضاؤها الخمسة والمشاركون بيان ختامي تضمن جملة توصيات:

  • مواجهة النزعة الانفرادية والحرب التجارية الامريكية.
  • رفض الأحادية القطبية في النظام الدولي.
  • تكثيف التعاون والاستثمار البيني بين دول البريكس.
  • رفع معدلات النمو الاقتصادي لدول البريكس.
  • حماية الامن المعلوماتي لدول البريكس.
  • يجب التعاون الامني بين دول البريكس في التصدي للتهديدات والمساهمة في حماية الامن والسلم الدوليين.

خاتمة:

مجموعة البريكس تكتل اقتصادي رغم حداثته الا انه نجح في القيام بعدة مشاريع اقتصادية مهمة، البريكس يهدف لحماية وتطوير نمو اقتصادات الدول الناشئة، وفرض تصورها الاقتصادي في ظل سياسات الولايات المتحدة الامريكية لتقويضها عبر العقوبات القاسية، من جهة أخرى يمكن القول ان تكتل البريكس نما سريعا رغم عدم التكافئ في اقتصادات دوله، والقمة العاشرة اثبتت عبر اجتماعاتها ان البريكس يواجه تحديات كبيرة كالحروب التجارية الغربية، الامن المعلوماتي، الإرهاب الدولي و الجريمة المنظمة … واتفق المنظمون على ضرورة محاربتها بتكثيف التعاون في كافة المجالات، وتبقى الشراكة والتعاون اليات لتجاوز المعيقات وإرساء اقتصادات ناجحة مستقبلا .