»

جولة كوشنر و"صفقة القرن": هل ثمة "صفقة" حقًا؟

02 تموز 2018
جولة كوشنر و"صفقة القرن": هل ثمة "صفقة" حقًا؟
جولة كوشنر و"صفقة القرن": هل ثمة "صفقة" حقًا؟

أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات دراسة تحت عنوان "جولة كوشنر و"صفقة القرن": هل ثمة "صفقة" حقًا؟" إرتأى المركز نشرها للإطلاع عليها والإستفادة منها كما يلزم علماً أن المركز لا يتبنى المصطلحات أو وجهات النظر الواردة في الدراسة

اختتم وفد أميركي برئاسة جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره، وجيسون غرينبلات، المبعوث الأميركي للسلام لمنطقة الشرق الأوسط، جولة دبلوماسية شملت أربع دول عربية هي الأردن، والسعودية، ومصر، وقطر إضافة إلى إسرائيل. وكان الهدف الأساسي لهذه الجولة هو تسويق خطة الإدارة الأميركية "للسلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي باتت تُعرف إعلاميًا باسم "صفقة القرن"، وهي تسمية مقصودة لتسويق قناعات وأفكار إسرائيلية قديمة بوصفها اقتراحًا جديدًا لصفقة تاريخية.

أركان "صفقة القرن"

مع أن الإدارة الأميركية لم تكشف رسميًا عن تفاصيل الخطة التي تروّج لها وتضع تفاصيلها منذ مدة لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فإن التسريبات التي بلغت العديد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية تعطي صورة تقريبية عن ماهية الطرح الأميركي والغايات التي يسعى لتحقيقها.

تقوم الخطة على تطبيع العلاقات العربية - الإسرائيلية شرطًا لتهميش القضية الفلسطينية، وليس حلها بوصفها قضية وطنية، ومن ثم قضية سياسية. وهي تدعو التهميش حلًا؛ لأنه حلٌ لمشكلات إسرائيل بالتخلي عن قضية فلسطين. ويأتي كل ذلك من خلال إنشاء مناخ سياسي إقليمي ملائم لعلاقات عربية - إسرائيلية، يستوعب الجانب الفلسطيني، ويمارس الضغط اللازم عليه لقبول الطرح الأميركي الذي يركز على التعاون والتكامل الاقتصادي عبر حزمة من المزايا الاقتصادية والاستثمارات الأميركية والخليجية، مع تجاهل أركان القضية الفلسطينية كأنها غير قائمة، وتناسي جوهر الصراع الأساسي وهو الاحتلال الإسرائيلي، وتهميش حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس.

بدأ تنفيذ الخطة التي تقوم على التخلي عن قضايا الوضع النهائي (وهي القدس، والمستوطنات، والحدود، واللاجئين، والمياه) مسبقًا ومن دون مفاوضات بإخراج القدس من دائرة التفاوض؛ وذلك عندما اعترفت إدارة ترامب، في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2017، بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل السفارة الأميركية إليها من تل أبيب في الذكرى السبعين لإعلان قيام إسرائيل.

وبدلًا من السعي لإحياء المفاوضات وفق المرجعيات الدولية المعروفة، وعلى رأسها قرارات الأمم المتحدة المتصلة بالأرض والموارد واللاجئين، تركز الخطة على "السلام الاقتصادي"، باعتباره مدخلًا لإنهاء الصراع. وقد أشار كوشنر إلى ذلك في مقابلة صحفية؛ إذ قال إن خطة الإدارة الأميركية تشمل تأسيس مشاريع استثمارية كبرى في البنية التحتية الحديثة، والتدريب المهني والتحفيز الاقتصادي للفلسطينيين، ولن يقتصر ذلك على الأراضي الفلسطينية فحسب، وإنما سيشمل الأردن ومصر أيضًا[1]. تعدّ هذه من أفكار شمعون بيريز وغيره من الزعماء الإسرائيليين الذين رأوا أن التطبيع العربي مع إسرائيل كفيل باختفاء القضية الفلسطينية، وتبقى القضايا المعيشية الحياتية. وقد تخلى القادة الإسرائيليون عن هذه الأفكار التي لم يعد يتبناها سوى اليمين الإسرائيلي المتطرف، ففي هذا تبسيطٌ للصراع الوجودي الذي يخوضه الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعين عامًا، وإفراغٌ لنضالاته باعتبارها نضالات من أجل التحرر وتقرير المصير وحق العودة، واختزالٌ لها في نضال من أجل مشاريع اقتصادية وبنى تحتية لدولة ناقصة ومجزأة وعديمة السيادة، عاصمتها بلدة "أبو ديس" بدلًا من مدينة القدس، بينما تكتفي إسرائيل بالانسحاب من بضع بلدات عربية شمالي القدس وشرقيها تخضع حاليًا للسيطرة الإسرائيلية، إلى جانب المحافظة على المستوطنات الإسرائيلية كلها في الضفة الغربية وعلى رأسها مستوطنة أريئيل في نابلس، وغوش عتصيون في بيت لحم، ومعاليه أدوميم في القدس، وتكريس الاحتلال الإسرائيلي لمنطقة الأغوار، وضم مناطق "ج" إلى السيطرة الإسرائيلية. في المقابل، يحصل الفلسطينيون على مجموعة من المنح والمساعدات المالية التي تدفعها دول الخليج العربية وتصل قيمتها نحو مليار دولار لاستثمارها في قطاع غزة، وتوسيع الإشراف على المقدسات الإسلامية والمسيحية إلى دول خليجية بهدف تقليص الدور الأردني في القدس[2]. ولا شك في أن القادة الإسرائيليين يشعرون بالرضا؛ لأن الولايات المتحدة الأميركية نفسها تعود إلى المنطقة بأفكارهم هذه التي ثبت فشلها في السابق، وتحاول فرضها على العرب، وقد يضيفون إليها بعض الشروط.

ملف PDF مرفق لقراءة الدراسة كاملة