»

فك الخناق: الدور التركي والإيراني في إسناد قطر

31 أيار 2018
فك الخناق: الدور التركي والإيراني في إسناد قطر
فك الخناق: الدور التركي والإيراني في إسناد قطر

اصدر مركز الجزيرة للدراسات دراسة تحت عنوان "فك الخناق: الدور التركي والإيراني في إسناد قطر" إرتأى المركز نشرها للإطلاع والإستفادة كما يلزم علماً أن المركز لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة في الدراسة وكذلك المصطلحات المستخدمة فيها.

مقدمة  

لطالما استدعت الدول الصغيرة إشكاليات مفاهيمية في حقل العلاقات الدولية وتساؤلات جوهرية أثارت ولا تزال نقاشات متعددة حول ماهية العناصر التي تحدد حجم الدولة (صغيرة أو كبيرة)، وماهية القدرات التي تجعلها (ضعيفة أو قوية)، وكيف تستطيع الدول الصغيرة الدفاع عن نفسها؟ وما الاستراتيجيات والآليات والأدوات التي قد تمكنها من ذلك؟ وهل المواجهة مع أية دولة أكبر منها تحتم عليها الهزيمة؟

معضلات قطر

في 5 يونيو/حزيران 2017، تم استحضار هذا المشهد على أرض الواقع؛ إذ قامت أربع دول، هي: السعودية والإمارات والبحرين ومصر بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر وفرض حصار عليها وذلك بعد حوالي 12 يومًا من اختراق وكالة الأنباء الرسمية القطرية (قنا) وبث أخبار وبيانات كاذبة عبرها منسوبة للأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

في حسابات الدول المناهضة للدوحة، كان من المفترض بهذه الخطوات أن تؤدي إلى استسلام قطر للأوامر التي تقوم بإملائها عليها. لقد تسلحت دول محور الحصار بالتصور القائل بتفوقها الساحق في مجال القوة التقليدية، فضلًا عن الخلل الهائل لصالحها في ميزان القوى، وهو الأمر الذي كان من المفترض ألا يترك للدوحة أية فرصة للمناورة أو الصمود، فضلًا عن المواجهة.

عززت البيئة الدولية المواتية من هذا التصور لدى دول محور الحصار لاسيما مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ومشاركته في قمة الرياض، في مايو/أيار 2018، بالإضافة إلى عنصر المباغتة، وهو العنصر الذي غالبًا ما يكون حاسمًا في تحديد نتيجة المعركة أو الصراع. لكن ما حصل بعد ذلك كان مغايرًا لكل التوقعات التقليدية، ولهذا الأمر مبرراته أيضًا.

في الإطار النظري للعلاقات الدولية، هناك من يؤمن بأن الاستراتيجية هي العنصر الأهم دومًا في توقع نتائج أية أزمة أو معركة أو صراع وليس الأرقام المتعلقة بمعايير القوة التقليدية بالضرورة. وبما أن الدول الصغرى غالبًا ما تكون عاجزة عن صياغة البيئة المناسبة لها في محيطها، أو ربما حتى مجرد التأثير فيها من خلال القدرات العسكرية، فإنها تكون مجبرة على استخدام أدوات مغايرة والاعتماد على استراتيجيات مختلفة عن تلك التي تتبعها الدول الأكبر منها، لعل أهمها الاعتماد على: المنظمات والمؤسسات الدولية، والتحالفات الإقليمية أو الدولية، وسياسات التحوط والموازنة.

لقد ساعد اعتماد قطر على هذه الاستراتيجيات بدرجات مختلفة إلى تحول سريع في المعادلة مع دول محور الحصار، لكن كان على الدوحة مواجهة ثلاث معضلات أساسية في هذه الاستراتيجيات خلال الأيام الأولى من الأزمة على وجه التحديد وهو التوقيت الأكثر حساسية وأهمية:

المعضلة الأولى: أن الركون إلى المؤسسات الدولية لإفراغ إجراءات دول الحصار من مضمونها فضلًا عن استنهاض القدرات الدبلوماسية للأصدقاء حول العالم كان يتطلب الكثير من الوقت، وهو الأمر الذي لم يكن متاحًا ناهيك عن أن محصلة الاعتماد المنفرد على هذا العنصر لم تكن مضمونة.

 

المعضلة الثانية: أن اعتماد الدوحة سريعًا على إيران ضمن سياسة التحوط والموازنةالتقليدية قد يؤدي إلى نتائج عكسية في هذا التوقيت بالذات، فضلًا عن الحاجة إلى تعديل بعض السياسات لتتلاءم مع هذه الخطوة في ظل حقيقة تضارب المصالح بين قطر وطهران على المستوى الإقليمي خلال السنوات السبع الماضية.

 

المعضلة الثالثة: أن الحليف الدولي الرئيسي لقطر، أي الولايات المتحدة الأميركية، لم يعكس موقفًا موحدًا من إجراءات دول الحصار، فالخارجية والبنتاغون كانت ترفض حصار قطر، فيما أيَّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، دون تحفظ خطوات المحور المعادي للدوحة، وحثهم بطريقة غير مباشرة على المزيد من الضغط. فضلًا عن ذلك، فإن وجود حوالي 10 إلى 11 ألف جندي أميركي في قاعدة العديد، وهي مقر القيادة المركزية الأميركية في المنطقة، وأكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط، لم يمنع الرباعي المعتدي من فرض الحصار وهو ما طرح علامات استفهام حول جدوى الضمانات الأمنية والاعتماد الحصري في هذه اللحظة على واشنطن.

انطلاقًا من هذه المعطيات، توجهت قطر إلى حليفها الإقليمي الأول في المنطقة، وهو تركيا، دون إهمال الاستراتيجيات الأخرى لاحقًا. وليس من المبالغة القول:إن العامل الأول والأساسي الذي أعطى الدوحة القدرة على امتصاص الصدمة، وساعدها على الوقوف على أرجلها من جديد، هو فعالية التحالف الإقليمي القائم مع الجمهورية التركية والذي لعب دورًا رئيسيًّا في إفشال سياسة دول الحصار تجاه قطر، فضلًا عن منع الأزمة من التحول إلى صراع عسكري. وتأتي كذلك في موقع لاحق أو رديف سياسة التحوط الجزئي التي اعتمدت على الانفتاح الانتقائي ذي الطبيعة الاقتصادية بالذات على إيران،بالإضافة إلى استنهاض القدرات الدبلوماسية والصداقات حول العالم والاعتماد على المؤسسات الدولية.

مرفق pdf  لقراءة الدراسة كاملة