»

مصيدة تعز: استنزاف الموارد والفرص في الاستراتيجيات المتضاربة باليمن

01 آذار 2018
مصيدة تعز: استنزاف الموارد والفرص في الاستراتيجيات المتضاربة باليمن
مصيدة تعز: استنزاف الموارد والفرص في الاستراتيجيات المتضاربة باليمن

اصدر مركز الجزيرة للدراسات دراسة حول "مصيدة تعز: استنزاف الموارد والفرص في الاستراتيجيات المتضاربة باليمن" أرتأى المركز نشرها للإطلاع والإستفادة كما يلزم علماً أن المركز لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة في الدراسة وكذلك المصطلحات المستخدمة فيها.

تناقش هذه الورقة العلاقة بين الاستراتيجيات المتضاربة في مدينة تعز اليمنية، والموارد المهدورة والفرص الضائعة، وتستشرف تأثيرات ذلك على مسارات الحرب في اليمن.

 مقدمة

يتسم الصراع المسلح الدائر في اليمن، منذ نحو ثلاث سنوات، بالتعقيد الشديد، وتضارب استراتيجيات أطراف السلطة الشرعية فيما بينها، مع استراتيجيات قطبي التحالف العربي (السعودية والإمارات) اللذين يُفترض، حسب أهدافهما المعلنة، دعم هذه السلطة، بمكوناتها السياسية المختلفة، خلافًا لموقفهما من استراتيجيات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بوصفهم الطرف المناوئ لكافة الأطراف. 

تعتبر هذه الاستراتيجيات تعز عاملًا مؤثرًا في مسار الصراع لكنه يمثل أيضًا مصدرًا للاستقطاب والتنافس، ويظهر ذلك على أجلى صورة، في الصراعات بين التنظيمات السياسية، وقوى الجيش، والمقاومة الشعبية، ومراكز النفوذ القبلي. كما أن تعز لم تسلم من الاستعمال كمصيدة للاستنزاف، بين المختلفين والمؤتلفين على حدٍّ سواء، وهي حال قد تطول فتزيد الوضع تعقيدًا، كلما زادت الفجوة بين القوى الداخلية والخارجية، التي تتفق، نظريًّا، في دعم السلطة الشرعية ومواجهة انقلاب الحوثيين، وتتباين، عمليًّا، في كيفية تحقيق ذلك. 

يحلِّل هذا التقرير أهمية تعز للأطراف الرئيسية في الصراع باليمن، وأسباب تحولها إلى بؤرة للاستنزاف، ومساعي الإمارات لتحويلها إلى عدن ثانية، وتأثيرات كل ذلك على الصراع الدائر في اليمن. 

استراتيجيات متعارضة 

يمكن إبراز موقع ودور محافظة تعز في استراتيجيات قوى الصراع الدائر في اليمن، من خلال تحديد طبيعة هذه الاستراتيجيات، ومن ثم الانتقال إلى بيان موقع تعز ودورها في تلك الاستراتيجيات. 

تنتهج السعودية والإمارات، بوصفهما قطبي التحالف العربي، اللذين يتحكمان، فعليًّا، في إدارة الحرب ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين)، استراتيجية عامة لإدارة الصراع، تتفرع إلى خطط لإدارة المعارك في مختلف الجبهات، بما في ذلك جبهة تعز، التي تركزت فيها المواجهات داخل مركز المحافظة، منذ اندلاعها في أبريل/نيسان 2015، واتسعت دائرتها، تدريجيًّا، لتمتد إلى بعض المديريات الواقعة خارج هذا المركز، كما في مديريات المواسط، والصلو، ومقبنة، وجبل حبشي، ولا يزال الوضع كذلك حتى تاريخ كتابة هذا التقرير(1). 

تتمثل أبرز نقاط الاستراتيجية العامة لإدارة الصراع بالآتي:

إحكام السيطرة على مناطق الحدود البرية اليمنية مع المملكة السعودية وتأمينها من التهديدات المختلفة.
إحكام السيطرة على مناطق الشريط الساحلي اليمني، من المهرة شرقًا، حتى ميدي غربًا، بما في ذلك الموانئ، والجزر، والمضائق.
استنزاف قوى الصراع الداخلية، في جبهات متعددة، وفقًا لمبادئ الإنهاك (الإرهاق والاستنزاف) وإراقة الدم(2).
الدفع التدريجي بقوى الصراع الداخلية إلى مركز الدولة، على نحو يتحقق معه العنصر الأول والثاني، كشرط رئيس، والعنصر الثالث كشرط مكمل.
إنتاج كيانات سياسية جديدة أو إعادة تأهيل قوى سابقة، ودعمها بتشكيلات عسكرية، لمعادلة نفوذ القوى التقليدية في السلطة الشرعية. 

توجِّه القوى التقليدية في السلطة الشرعية، عملياتها في معظم جبهات تعز حسب مبدأي الإنهاك وإراقة الدم، في مواجهة الحوثيين، لإضعافهم ماديًّا وبشريًّا، في معظم جبهات تعز، لكنه إنهاك لكافة الأطراف المتحاربة أيضًا. 

رغم تعارض توجهات وأهداف القوى التقليدية في السلطة الشرعية فيما بينها، إلا أنها تثابر، لإفشال أي مسعى إماراتي يجعل من تعز نسخة أخرى لمحافظات الجنوب، في الهيمنة على القرار، واستنساخ قوى مناوئة لها، ولقيادة السلطة الشرعية؛ لتبدو هذه الأطراف، كما لو أنها تقاتل في جبهتين: جبهة مواجهة الانقلاب الحوثي، وجبهة مواجهة النفوذ الإماراتي. وتحاول قيادات الوحدات العسكرية المرابطة بتعز، تغطية العجز في الأسلحة والذخائر والإمدادات الأخرى، التي يتعمد التحالف عدم توفيرها، أو التمييز في توزيعها، وكذا مغالبة آثار القطيعة غير المعلنة مع قيادة المنطقة الرابعة بعدن، من خلال الاتصال المباشر برئاسة هيئة الأركان العامة بمأرب، ونائب رئيس الجمهورية، الفريق علي محسن، والاعتماد على مختلف مصادر الدعم المحلي(3). 

من المبالغ القول: إن للحوثيين استراتيجية طويلة الأمد لاستمرار السيطرة على تعز؛ بل كل ما لديهم، أنهم يتبنون خططًا متفرقة قصيرة المدى، تقوم على أشكال متعددة من الاستقطاب للوجاهات الاجتماعية وغيرها، وتغذية الخلافات القبلية(4). أما عسكريًّا، فالواضح أنهم يتخذون وضعًا دفاعيًّا مستميتًا، في إطار خطة أوسع، نسبيًّا، تقوم على إطالة أمد الحرب، للوصول إلى وضع قد تحدثه تحولات داخلية وإقليمية، تخدم موقفهم، وتُعلِي من رصيدهم الشحيح في ما تبقى من مديريات تعز الخاضعة لهم، وامتداد ذلك إلى حدودها مع محافظتي إب والحديدة المجاورتين، للحؤول دون اختراق قوات الشرعية لهذه الحدود، إلا أن ذلك لم يعد ممكنًا، بعد توغل قوات المقاومة التهامية ووحدات عسكرية مدعومة إماراتيًّا، في أراضي محافظة الحديدة، وسيطرتها على مدينتي الخوخة وحيس، والتقدم باتجاه مدينة الجرّاحي، خلال النصف الأول من فبراير/شباط 2018(5). 

لقراءة الدراسة كاملاً من خلال ملف PDF المرفق