»

استخدامات قادة الرأي الخليجي لشبكات التواصل الاجتماعي

23 كانون الثاني 2018
استخدامات قادة الرأي الخليجي لشبكات التواصل الاجتماعي
استخدامات قادة الرأي الخليجي لشبكات التواصل الاجتماعي

أصدر مركز الجزيرة للدراسات دراسة حول "استخدامات قادة الرأي الخليجي لشبكات التواصل الاجتماعي" إرتأى المركز نشرها للإطلاع والإستفادة كما يلزم علماً أن المركز لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة في الدراسة وكذلك المصطلحات المستخدمة فيها.

تستقصي الدراسة استخدامات قادة الرأي العام الخليجي لشبكات التواصل الاجتماعي، خاصة في سياق الأزمة الخليجية التي اندلعت إثر الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر، وتبحث أشكال التفاعل المختلفة التي تتولَّد عن النشاط الاتصالي لهؤلاء القادة.

إذا كان الاتصال يوسَمُ في كل عصر من عصوره بأبرز الوسائل الاتصالية التي ظهرت في حقبة أو حقب معينة، فإن هذا العصر هو عصر الشبكات الاجتماعية بامتياز. فحالة الاندماج أو التقارب الحاصل بين وسائل الإعلام اليوم، والترابط الشبكي بين وسائل الاتصال القديمة والجديدة، أفرزا اتصالًا شَبَكِيًّا ومُشْتَبِكًا في الوقت نفسه على نحو غير مسبوق، وهذا التوجُّه هو سمة العصر، وآخذ في التنامي على نحو مُطَّرِد، فهو السمة الدَّامِغَة لوسائل الاتصال الحالية والمستقبلية؛ حيث يولد الأحدث من رحم الحديث، جرَّاء التطور التكنولوجي لوسائل الاتصال، كما تَوَلَّد الجديد من رحم القديم بالأمس القريب. 

وقد اقتحمت شبكات التواصل الاجتماعي مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلانية والتسويقية والترويجية وغيرها من جوانب الحياة وأنشطتها المختلفة، كما جذبت إلى استخدامها كافة أفراد المجتمع، وفئاته المختلفة، بما في ذلك النخب الفكرية والسياسية وغيرهم من مكونات المجتمع الأخرى، فضلًا عن المؤسسات والهيئات الرسمية والشعبية، وأصبحت هذه الشبكات جزءًا أساسيًّا من أنشطة الحياة اليومية، نظرًا للميزات العديدة التي تتمتع بها، وقدرتها على تلبية الاحتياجات على نحو فردي وجمعي بسرعة وكفاءة عاليتين. فالفعل الاتصالي الذي يتم على شبكات التواصل الاجتماعي يقوم بدور في إنتاج معرفة تختلف عن نمط المعرفة التقليدية؛ حيث تتسم بالانتقائية، والمرونة، والتكاملية النسبية، والواقعية(1). كما أن شبكات التواصل الاجتماعي، أصبحت منصات لعرض القضايا، وخاصة السياسية، وإدارة النقاش والجدل حولها(2)، وإتاحة المشاركة الفعَّالة والتحاور مع الآخرين، من أجل حل المشكلات، وتقريب وجهات النظر حول القضايا المختلفة، بما يُسهم في تعزيز السلم الاجتماعي(3). وقد أدى هذا الوضع إلى أن أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي مفهومًا محوريًّا في الدراسات الإعلامية، والخطاب العام الذي تمتاز به منصات هذه الشبكات، مثل: الفيسبوك، وتويتر، ويوتيوب، وويكيبيديا، و"وورد برس"، والمدونات وغيرها(4)، وأصبح لهذه الشبكات تأثير على طبيعة عمل الإعلاميين، ومصادر معلوماتهم، وأساليب معالجتها(5). 

كما برزت شبكات التواصل الاجتماعي واحدة من أدوات التواصل الفعَّال إبَّان الأزمة الخليجية على إثر الحصار الذي فرضته كلٌّ من السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، على قطر في 5 يونيو/حزيران 2017، مما أحدث شرخًا في البيت الخليجي لم تشهده المنطقة منذ تأسيس منظومة مجلس التعاون الخليجي، في 25 مايو/أيار 1981. وقد اسْتُخْدِمَت شبكات التواصل الاجتماعي؛ وبخاصة بواسطة قادة الرأي الخليجيين على نحو جلي وفاعل، لتحقيق أغراض مختلفة، وإنجاز وظائف اتصالية عديدة، منها ما يندرج ضمن الإعلام والإخبار والتوعية، والشرح والتحليل والتوظيف، وتبادل المعلومات والآراء والأفكار، والنقاشات العقلانية والعاطفية، ناهيك عن التفاعل الذي يميز هذه الشبكات على نحو فريد، وأخرى تقع ضمن الدعاية، والتحريض، وذلك في إطار الهجوم والصد، والهجوم المضاد. 

وتُوَلِّد شبكات التواصل الاجتماعي نوعًا جديدًا من قيادة الرأي العام، فإذا كان مصطلح الرأي العام يشير إلى شيء من الحكم العام المبني أساسًا على مداولات ونقاشات عقلانية ومستنيرة، إذ هو العملية أو المنتج الذي يتوَلَّد عن أشكال من النقاشات السياسية التي تُسهم في تكوين الإجماع حول القضايا بين مجموعة من الناس(6)، فإن قادة الرأي في شبكات التواصل الاجتماعي هم الناس الذين لديهم تأثير كبير على اعتراف (acknowledgment) الآخرين، أو تبنيهم للمنتجات، أو الخدمات في عملية نشر المبتكرات التكنولوجية(7)؛ حيث إن مصداقية التغريدات المنشورة على تويتر، ترتفع بين المبحوثين حين يُغَرِّد أو يعيد تغريدها أحد قادة الرأي المفضَّلين(8)، كما أكد يونغ سانغ شو (Youngsang Cho) وزملاؤه أن قادة الرأي هم أفضل خيارات التسويق من حيث سرعة الانتشار والوصول إلى الحد الأقصى من المتبنين، والنشر السريع للمبتكرات المستحدثة(9). 

واعتمادًا على تصنيف قادة الرأي ضمن المتبنين الأوائل لكل جديد، فهم يحرصون على الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي، وبخاصة في فترات الصراع السياسي، وأوقات الأزمات، وهو ما برز على نحو واضح إبَّان الأزمة الخليجية، حيث ظهر دور هذه الشبكات -ضمن وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية- كقوة ناعمة، ودبلوماسية شعبية في هذه الأزمة على نحو ملحوظ، كما يقوم قادة الرأي بدور مهم في عملية تبني الأفكار الجديدة، فهم عادة القوى المحرِّكة لإثارة القضايا سلفًا، ثم الدفع بها على السطح، وقد غدت شبكات التواصل الاجتماعي، بوصفها إحدى تجليات الإعلام الجديد، واحدة من المنصات المهمة التي يقوم من خلالها قادة الرأي بهذه الوظيفة. فالإعلام الجديد أحدث تغييرًا جذريًّا فيما يتعلق بتنظيم وسائل الإعلام، واستخداماتها، ومَفْهَمَتِها(10). 

 الدراسة كاملة PDF