»

برنامج "حسن الجوار" الصهيوني في مرتفعات الجولان

21 كانون الاول 2017
برنامج "حسن الجوار" الصهيوني في مرتفعات الجولان
برنامج "حسن الجوار" الصهيوني في مرتفعات الجولان

المقدمة

سعى الكيان الصهيوني، منذ بداية الصراع في سوريا إلى الإستفادة منه بما يخدم مصالحها، خصوصًا أنه  عمد وبشكل غير معلن، إلى دعم بعض الجهات الإرهابية والجماعات المسلحة بالإضافة إلى قيامه بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، وفقًا لعدة تقارير أجنبية ووثائق سرية، حيث يثير الصراع السوري قرب الحدود الفلسطينية المحتلة جدلًا وقلقًا كبيرًا لدى الكيان الصهيوني.

في ضوء هذا القلق،  قام الكيان الصهيوني بحملة لكسب الود وُصفت بأنها محاولة لتكوين أصدقاء جدد على الجانب الآخر من الحدود، وفي هذ الإطار أعلن عن بدء برنامجه الإغاثي تحت إسم "حسن الجوار"  ويقوم هذا البرنامج على استقبال الكيان لسوريين لتلقي العلاج في مستشفياته وإرسال إمدادات الغذاء والوقود ومواد البناء بانتظام إلى الجانب الآخر من الحدود الفلسطينية- السورية في منطقة هضبة الجولان.

ونظرًا لأهمية هذه القضية، قام مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير U-Feed بدراسة القضية ومعطياتها وفيما يلي يصدر تقريره المعلوماتي:

أولاً: تعريف هضبة الجولان

  1. هضبة تقع في بلاد الشام.
  2. تتبع إدارياً لمحافظة القنيطرة .
  3. تبعد 50 كم إلى الغرب من مدينة دمشق.
  4. تقدر المساحة الإجمالية لها بـ 1276 كم2  من أصل 1860 كم2 (مساحة القنيطرة).
  5. يتراوح عرضها ما بين 12 كيلومترا و26 كيلومترا وطولها 62 كيلومترا مربع.
  6. حدودها مع فلسطين:
  • من الشمال: جبل الشيخ .
  • من الجنوب: نهر اليرموك. 
  • من الغرب : بحيرة طبرية ومرج الحولة في الجليل.
  • من الشرق: وادي الرقاد.

7. تقع الهضبة بكاملها ضمن الحدود السورية.
8. احتل “الجيش الإسرائيلي"  ثلثين من مساحتها في حرب 1967  بمساحة تُقدّر بـ 1227 كلم2

ثانياً: أسباب إحتلال "إسرائيل" لهضبة الجولان

1- الأسباب العسكرية :

  • تمركز مدافع الجيش  السوري في نقاط تكشف سهول القسم الأعظم من شمال فلسطين.
  • إشراف المنطقة على مساحات شاسعة من السهول المحيطة بها في سوريا ولبنان وإسرائيل وفلسطين قبل 1948 والأردن.

2- الأسباب الاقتصادية :

أ- الهيمنة  على الموارد الإقتصادية في الهضبة ومن أهم هذه الموارد:

  • الثروة الزراعية :

- الفواكه  والخضار
- الزيتون
-  الموز  و والحمضيات.
- القمح والشعير والذرة  والأرز .

  • الثروة الحيوانية :

- الأبقار ، الأغنام والماعز.
-  الأسماك.
-  الطيور والنحل .

  • الثروة الحرشية:

- السنديان والبلوط.
- السماق  والزعرور.
-   الأشجار غير المثمرة -الكينا والحور .

  • الثروة المائية

- نهر بانياس الذي يشكل ثاني روافد نهر الأردن وينبع من ارتفاع 300 م، ولا يسير داخل الأرض السورية أكثر من 1000 متر ، و يبلغ تصريفه السنوي 157 مليون متر مكعب من المياه العذبة.
- نهر اليرموك الذي يبلغ طوله 57 كم يسير منها 47 كم داخل الأرض السورية ، ومعظمها في الجولان  ثم يرفد نهر الأردن جنوبي بحيرة طبريا .

- نهر الزاكية والمسعدية ، ويصبان مباشرة في بحيرة طبريا .

  • الموارد الأثرية :

- أرض الجولان غنية بالمقابر الملأى بالثروات والقطع الذهبية .

ثالثاً: ما هو برنامج "حُسْنُ الجوار" الإسرائيلي في سوريا

  1. تأسس البرنامج عام 2016.
  2. هو عبارة عن برنامج مساعدات إنسانية- طبية تقدمها "إسرائيل"  للسوريين المقيمين على الشريط الحدودي الفاصل داخل القرى السورية التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في ريفي القنيطرة ودرعا، جنوب سوريا.
  3. الخدمات التي قدمها البرنامج حتى  31-08-2017: (لا تزال الخدمات تُقَدّم حتى الآن).
  4. المحور الطبي:
  • إدخال مئات الأطفال من القرى للعلاج اليومي في شمال “إسرائيل”.
  • المساعدة في إقامة مركزيْن طبيّيْن في المنطقة، ونقل الأدوية والمواد الطبية المتقدمة.
  • استخدام النقاط الطبية العسكرية المحاذية للحدود لإقامة العيادات الميدانية.
  • معالجة أغلبية المرضى الذين يأتون إلى"إسرائيل" في المركز الطبي للجليل الغربي في مدينة نهاريا، ومستشفى "زيف" في صفد، وفي بقية المستشفيات، في شمال "إسرائيل" غالبًا.

5. محور البنى التحتية:

  • نقل ما يقارب من 260 ألف ليتر من الوقود للتدفئة.
  • تفعيل آبار المياه وأفران المخابز،
  • نقل 7 مولدات كهربائية، وأنابيب المياه لترميم الشبكات.
  • نقل المعدات التعليمية للمدارس في المنطقة.

6. محور المساعدات المدنية:

  • نقل 40 طنًّا من الطحين للمخابز.
  • نقل نحو 225 طنًّا من الغذاء.
  • نقل 12000 علبة حليب صناعي للأطفال، و1800 رزمة حفاظات.
  • نقل 12 طنًّا من الأحذية، و55 طنًّا من الملابس الدافئة.

رابعاً: أهداف الكيان الصهيوني من هذه المبادرة

  1. تحسين "إسرائيل"  لصورتها  لدى العرب و خلق صورة الصهيوني المسالم- الإنساني.
  2. خلق فرص تفاهم استراتيجية مع العرب مما يؤدي إلى إبرام إتفاقيات سلام تخفف من الضغط الأمني على "إسرائيل".
  3. تعطيل دور القوة الدولية " الإندوف".
  4. تكرار سيناريو برنامج "الجدار الطيب " في لبنان من خلال خلق درع بشري لـ"إسرائيل" في الحدود مع سوريا، الذي يتمثل بـ"لواء فرسان الجولان".

خامساً: سيناريو  برنامج "حسن الجوار" في سوريا كبرنامج "الجدار الطيب"  في لبنان

جرب الكيان الإسرائيلي هذه السياسة إبان الحرب الأهلية اللبنانية عندما فتحت ما سمته بـ«الجدار الطيب» على الحدود مع لبنان ثم أنشأت ميليشيا «جيش لبنان الجنوبى» لحمايتها من هجمات المقاومة اللبنانية. لكن هذه السياسة انتهت إلى مزيد من التورط العسكري فى لبنان وصولًا إلى اجتياح عام 1982. لكن ذلك لم ينه المقاومة التى أجبرت "إسرائيل "على الانسحاب الكامل من لبنان باستثناء مزارع شبعاـ وتقهقر الميليشيات التي كانت تتعامل معهم.

وما تفعله "إسرائيل" الآن فى سوريا هو تكرار السيناريو الذى جربته فى لبنان، ولم تكن نتيجته سوى إطالة أمد الحرب فى لبنان. ولعل هذا هو الهدف الإسرائيلي من زيادة التدخل فى سوريا الآن، تحت ذريعة إبعاد إيران عن الحدود مع "إسرائيل". إذ تعتبر "تل أبيب" أن أي تسوية في سوريا لا تضمن تحجيم النفوذ الإيراني وإضعاف «حزب الله»، فإنها لن توافق عليها حتى ولو وافقت عليها الولايات المتحدة وروسيا وكانت الضامنتان لـ«المصالح الإسرائيلية» فى أي اتفاق. وانطلاقا من هذا الموقف تسعى "إسرائيل" إلى إفشال التفاهم الأمريكي ــ الروسي الذى بدأ يتجلى فى الآونة الأخيرة من خلال المباحثات الجدية بين واشنطن وموسكو عن صيغ كفيلة بأن تجعل الحرب السورية الممتدة منذ سبعة أعوام تضع أوزارها بشكل تدريجي عبر مناطق "خفض التصعيد " التي ترعاها روسيا وإيران وتركيا أو عبر نظام الهدنات المتفق عليها بين واشنطن وموسكو كما هو الحال فى جنوب غرب سوريا .

سادسًا: لواء "فرسان الجولان"

استكمالاً لسياسة إمساك الحدود وبذريعة محاربة «داعش»، جرى الاتفاق بين ضباط أميركيين وإسرائيليين وأردنيين ضمن غرفة عمليات مشتركة،"حسبما ذكرت الأخبار"، على تفويض الجيش الإسرائيلي للتصرف في الجنوب السوري عبر إنشاء قوات باسم «لواء فرسان الجولان» على هيئة جيش نظامي شبيه بـ«جيش لحد» الذي نشط سابقاً في جنوب لبنان لمصلحة العدو الإسرائيلي.

وبحسب الصحيفة أوكلت مهمة قيادة هذه القوات المشكلة حديثاً إلى المدعو أحمد الخطيب (الملقب بـ«أبو أسد»). ويبلغ تعداد هذه القوّة نحو 2000 عنصر جرى تدريبهم في معسكر يقع في الجولان المحتل خلف تل أبو الندى. كذلك يجري العمل على استقطاب أعداد أخرى من الشبان من أبناء محافظة القنيطرة للقتال ضمن «اللواء»، عبر إغرائهم برواتب عالية، ولتكون «الوجهة» بأنّ «أبناء المنطقة قرّروا التعاون مع "إسرائيل" لحماية قراهم."

ووفقاً لتقرير وول ستريت جورنال، تتلقى مجموعة فرسان الجولان نحو 5000 دولار شهرياً من "إسرائيل".

ويتم التنسيق بين "إسرائيل" واللواء من خلال معبر المعلّقة بإدارة شخص يُدعى أبو نضال السفوري الذي يُقال إنه يتمتع بحرية التنقل داخل كل من الحدود السورية والإسرائيلية.

سابعًا: المنظمات الإسرائيلية ودورها في عملية حسن الجوار

إنتشرت في الآونة الأخيرة منظمات إسرائيلية دعمت برنامج "حسن الجوار" وكان لها يد في المساعدات المقدمة للسوريين، من أبرز هذه المنظمات، "منظمة عُماليا"، وتُعرف نفسها بالتالي:

1- نبذة عن منظمة "عُماليا":

  • منظمة غير هادفة للربح مقرها الولايات المتحدة تقدم المساعدات الإنسانية للمدنيين في جنوب سوريا، عبر "الحدود الإسرائيلية".
  • تأسست عام 2013  ولها مقرّان: الأول في الولايات المتحدة الأميركية، والثاني في "إسرائيل".
  •  إسمها عُماليا وتعني عمل لـ الله.
  • أنشأها رجل الأعمال الأميركي- الإسرائيلي "موتي كوهانا".
  • تنتشر أعمالها ما بين: سوريا – اليمن- تركيا – الأردن.
  • تُعنى بتقديم الخدمات  الطبّية، والغذائية، والتعليمية.
  • تتلقى الدعم المادي من تبرعات خاصة يتلقاها "موتي كوهانا" من منظمات يهودية أميركية وإسرائيلية وأماكن عبادة يهودية في الولايات المتحدة( مخصصة لمساعدة "الثورة السورية" ) ورجال أعمال إسرائيليين.

2.  أبرز الخدمات التي تقدمها المنظمة:

أ‌-        إرسال مئات الطرود الغذائية  لسكّان الجزء المُحرر من هضبة الجولان السوريّة ولعناصر ما يسمى بـ"الجيش السوريّ الحُر" (بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وباستخدام بضاعة إسرائيلية).

تقديم الخدمات الصحية لجرحى المسلحين السوريين، وإستقبال جميع الحالات المرضية من السوريين مجاناً داخل المستشفيات الإسرائيلية.
إستحداث ثلاث مدارس تعتمد منهاج يختلف عن المنهاج الأكاديمي السوري، والهدف من وراء هذه المدارس وفقًا لمؤسس منظمة "عماليا"، هو تعريف التلامذة السوريين على "إسرائيل" أخرى غير تلك التي عرفوها من مناهج التعليم السوريّة الرسميّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ عملية إقامة هذه المدارس هي جزء من نشاطات متشعبة ترمي إلى تغيير توجهات الشعب السوري حيال "إسرائيل"، والمدارس تقع في:

  • مدرسة في منطقة إدلب، تضم 90 تلميذاً و15 أستاذاً.
  • مدرستان في منطقة قريبة من الحدود بين سوريا وفلسطين المحتلّة.

3.أهداف "منظمة عُماليا":

  • بناء جسور التواصل بين  سوريا و"إسرائيل".
  • تغيير توجهات الشعب السوري حيال "إسرائيل".
  • تشويه صورة النظام السوري وبالتالي التحريض ضد بقاء النظام.
  • المساهمة في إنجاح برنامج "حسن الجوار".
  • بناء منطقة محمية وآمنة تُقام على عرض عشرة كيلومترات من شرق الحدود الإسرائيليّة، وبطول عشرين كيلومترًا من القنيطرة جنوبًا.

4. عمل المنظمة على منصات التواصل الإجتماعي:

  • تخصيص "موتي كاهانا" (مؤسس جمعية "عماليا")، منذ فترةٍ طويلةٍ صفحته الرسميّة على موقع التواصل الاجتماعيّ (فيسبوك) لدعم السوريين، الذين يتعرّضون، بحسب أقواله، لجرائم حربٍ.
  • مناشدة يهود العالم في منشورٍ بالتبّرع لصالح الجرحى واللاجئين السوريين، حاصدًا أكثر من ثلاثة ملايين إعجاب، كما قام أكثر من خمسين ألفًا منهم بمُشاركة المنشور ونشره على صفحاتهم.
  • دعوة الإسرائيليين للمُشاركة في المظاهرة الكبرى، التي جرت في الـ24 من شهر آب ، في ساحة رابين بتل أبيب، لنصرة الجرحى واللاجئين من سوريّة.
  • تقوم  منظمة "عُماليا"،  بالنشر على صفحات التواصل الاجتماعيّ بعدّة لغاتٍ، وأبرزها اللغة العربيّة.
  • من أبرز منشوراتها:

-  معًا جميعًا نستطيع أنْ ننقذ حياة أكثر من 10،000 مدنيّ من النساء والأطفال السوريين.
- لا للدمار والخراب بعد الآن.
- إسرائيل صديقة العرب.
- معاً لمستقبل أفضل.
- أنقذ الناس، ستحب ذلك.

  • استهداف الناشطين العرب على منصات التواصل، إذ تقدر نسبة المتابعين العرب لصفحات التواصل الإسرائيلية حوالي 80% من إجمالي المتابعين، إذ تستقبل هذه الصفحات المئات من رسائل وأسئلة العرب وتقوم بالرد عليها كلها (خدمة الدردشة 24/24)، وبذلك تفتح "إسرائيل" بابًا جديدًا للتواصل مع الشعب العربي وتحاول رسم صورة لـ"إسرائيل" المسالمة والمحبة للإنسانية.

ثامنًا: موقف الأطراف من البرنامج

  1. الفصائل المسلحة في سوريا:  استطاع الإسرائيليون كسب وجذب الفصائل المسلحة السورية، التي أشادت بالدور الإسرائيلي قائلةً: "الدولة اليهودية تنقذ السوريين من الموت المحتم". إذ يظهر تقبل السوريين للمساعدات الإسرائيلية وإشادتهم بهذا الدور الذي تقوم به "إسرائيل".
  2. الولايات المتحدة الأميركية : أبدت ترحيباً كبيراً في هذه المبادرة الإسرائيلية، قائلةً: "إن هذه المبادرات تُعَد طاقة أمل للسلام الإسرائيلي العربي، داعيةً إلى دعم "إسرائيل" ومشروعها الإنساني.
  3. "إسرائيل":  تسعى "إسرائيل" إلى إنشاء منطقة ودية داخل سوريا لتكون بمثابة حصن ضد "حزب الله"، وتكوين أصدقاء جدد على الجانب الآخر من الحدود التي يسودها العداء منذ عقود، ويشكل التواصل معلومات استخباراتية أكثر ثراءً نظراً للعلاقات المحلية التي تتطلبها هذه المساعدات الإنسانية.
  4. الحكومة السورية: ترفض الحكومة السورية هذه المساعدات لأنها تصب في هدف معين ألا وهو استقطاب الكيان الصهيوني لسكان الجولان على الحدود مع فلسطين المحتلة وبناء جيش لحد سوري يخدم مصالحها.