»

أثر المعرفة المعاصرة في التنطيق الاستراتيجي للعالم: الاستشراق والفكر الاستراتيجي ودراسات المناطق

20 آذار 2017
أثر المعرفة المعاصرة في التنطيق الاستراتيجي للعالم: الاستشراق والفكر الاستراتيجي ودراسات المناطق
أثر المعرفة المعاصرة في التنطيق الاستراتيجي للعالم: الاستشراق والفكر الاستراتيجي ودراسات المناطق

ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻧﻌﻮم | مركز دراسات الوحدة العربية

ﺗﺤﺎول ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﺗﺠﺬﻳﺮ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻷﺛﺮ اﻟﺬي أﺣﺪﺛﺘﻪ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻄﻴﻖ الاستراتيجي للعالم، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ إﺟﻤﺎﻻ ﺗﺤﺖ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺑﻴﻦ اﻹﻧﺴﺎن وﻣﺤﻴﻄﻪ، ذﻟﻚ ﺑﺄن اﻷرض ﻻ ﺗﻔﺼﺢ ﻋﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻌﻴﻦ، ﻟﻜﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻘﺴﻴﻤﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ واﺗﺠﺎﻫﺎت، وﺗﺴﻤﻴﺔ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ وﻣﺴﺎﺣﺎﺗﻬﺎ، واﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﻄﺎرﺋﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬاﺗﻲ اﻟﻤﻮﻛﻮل إﻟﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم. ﻟﻬﺬا وﺟﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻠﺰﻣﺎ ﺑﻮﺿﻊ اﺻﻄﻼﺣﺎت ﻟﻐﻮﻳﺔ داﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻣﺎﻛﻦ ﻓﻲ اﻷرض، ﻗﻴﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن. وﻣﺬ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺼﻮر ﺟﻐﺮاﻓﻲ ﻟﻸرض ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻬﺎ ﺑﺴﺎط، ﺗﻢ ﺗﻘﺴﻴﻤﻬﺎ إﻟﻰ ﺷﺮق وﻏﺮب ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻠﺠﻬﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺳﺎرﻳﺎ ﺑﺄن اﻟﺸﻤﺲ ﺗﺒﺰغ ﻣﻨﻬﺎ وﺗﺄﻓﻞ إﻟﻴﻬﺎ. 

وﻣﻊ أﻓﻮل اﻟﺤﻀﺎرات اﻷﻓﺮوآﺳﻴﻮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﺑﺪء ﻋﻬﺪ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ، ﺑﺎت ﺗﻨﻄﻴﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺮﺗﻜﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﺼﻮر اﻟﺸﻤﺲ وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻷرض ﻣﻀﺎﻓﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺗﻌﻄﻴﻬﺎ ﻟﻠﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ، ﻓﺠﺮت ﺗﺴﻤﻴﺔ «اﻟﻠﻴﻔﺎﻧﺖ». واﺳﺘﻤﺮ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﻃﻮﻳﻼ إﻟﻰ أن ﻃﻮّر اﻹدراك اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻷوروﺑﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻧﻤﻮذج «اﻻﺳﺘﺸﺮاق»، ﻟﻴﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﻣﻔﻬﻮﻣﻲ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب. وﻣﻊ ﻣﺠﻲء اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻇﻬﺮت أوﺟﻪ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻹدراك اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻷوروﺑﻲ واﻷﻣﺮﻳﻜﻲ، وأﺻﺒﺢ ﻟﻠﺘﻨﻄﻴﻖ ﻣﻌﻨﻰ آﺧﺮ، أدى اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻮﻻدة دورا ﺣﺎﺳﻤﺎ ﻓﻲ ﺟﻌﻠﻪ ﺗﻨﻄﻴﻘﺎ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎ. ﻟﺬﻟﻚ، ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻨﺎول أﺛﺮ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺸﺮاق واﻟﻔﻜﺮ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ اﻷوروأﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺘﻨﻄﻴﻖ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ، ﺑﺈﺳﺒﺎغ ﻏﺎﻳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻋﻠﻴﻪ، ﻟﻴﺼﺒﺢ ذا أﺑﻌﺎد اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺧﺎدﻣﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﻣﻮاﻛﺒﺎ ﻟﻠﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﺷﻬﺪﺗﻪ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮرة.


لقراءة الدراسة بصيغة PDF: